فوائد قوله تعالى : << قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلهآ أذلة وكذلك يفعلون >> حفظ
وفيه دليلٌ على حزم هذه المرأة أيضاً من جهة أنها نظرت في العواقب (( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا ))[النمل:34] وهكذا ينبغي للعاقل أن لا يحكم على الأمور ببوادرها وظواهرها، وإنما يحكم على الأمور بعواقبها.
فإن الشيء قد تكون بوادره وظواهره مفيدة في نظر الإنسان، ولكنه عند التأمل يكون الأمر بالعكس، لكن هل الأولى المبادرة أو التأني؟
في الأصل التأني أولى، لأن الإنسان إذا تأنى ما يندم ما فعل شيء، لكن إذا تسرّع فهو الذي يكون عرضة للندم، وكم من كلمة قال الإنسان ليتني لم أقلها، وكم من فعل قال: ليتني لم أفعله.
ولكن مع هذا ينبغي استعمال الحزم في الأمور، لا يتأنى تأنياً يضيع المقصود، ولا يتسرع تسرعاً يحصل به الندم، وأظن أني أنشدتكم بيتين في هذا المعنى، تحفظونهما؟
الطالب: في الحزم؟
الشيخ : لا. في أنه قد يكون التسرع أولى وقد يكون التأني أولى.
الطالب: ........ الشيخ :
قد يُدرك المتأني بعض حاجته
وربما فات قوماً جل أمرهم
وقد يكون مع المستعجل الزلل
مع التأني وكان الرأي لو عجلوا

وهذا صحيحٌ وواقع، المهم أننا نقول: إذا دار الأمر بين الإسراع والتأني ولم يترجح الإسراع عليه فالأولى التأني، لأن الإنسان يكون الأمر بيده ما دام لم يحدث شيئاً، لكن إذا أحدث شيئاً فاته الأمر ولم يتمكن من التخلص منه.
الطالب: يؤخذ من الآية؟
الشيخ : نعم.
الطالب: كيف؟
الشيخ : يؤخذ من الآية لأنها (( قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ))[النمل:34] فهي نظرت في العواقب، والنظر في العواقب يستدعي إما التسرع وإما التأني، قد يكون مثلاً يرى الإنسان الرائي أنه إذا لم يُسرع فات المقصود، فيسرع أو إذا أسرع حصل الخلل فيتأنى، فهو مأخوذٌ من قولها: (( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ))[النمل:34]