فوائد قوله تعالى : << وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجعوا المرسلون >> حفظ
وفيه أيضاً: (( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ))[النمل:35].
يستفاد من هذه الآية:
أولاً: ذكاء هذه المرأة وحنكتها.
ثانياً: يستفاد من ذلك: جواز الاختبار والامتحان، وأن ذلك لا يُعد خديعة، إذا أراد الإنسان أن يمتحن غيره بشيء من الأشياء ما يُعد هذا خديعة، لأنه يريد أن يستظهر به حاله، وهذا لا مانع منه.
وفي الآية أيضاً الفائدة الثالثة وهي: العمل بالقرائن، لأنها أرادت أن ترسل هذه الهدية لتختبر مراد سليمان، هل يريد المال فقط، هل تكفيه هذه الهدية، أو يريد أنهم يسلمون فلا تنفع فيه هذه الهدية ولا يكف عن طلبه الأول وهو (( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ))[النمل:31].
ففيها إذاً ثلاث فوائد، وهل ورد مثل ذلك؟ نعم. في قصة سليمان في المرأتين اللتين احتكمتا إليه في ابن إحداهما، خرجت امرأتان إلى خارج البلد ومع كل واحدة لهما ابن، فأكل الذئب ابن الكبرى فاحتكمتا إلى داود عليه الصلاة والسلام فقضى بالابن الموجود للكبرى، بناءً على أن الصغرى يمكنها أن تلد فيما بعد، ولكنه لما تحاكمتا إلى سليمان عليه الصلاة والسلام قال: ليس هذا الحكم، الحكم أنا نأتي بالسكين ونشق الولد نصفين ويكون للكبيرة نصف وللصغيرة نصف، الكبيرة وافقت على أن يشق نصفين، لايش ؟لأنها تقول: مثلما تلف ابني يتلف ابنها، وأما الصغيرة فقالت: لا يا نبي الله الولد لها.
فعلم بذلك أن الولد للصغرى فحكم به لها، فهذا من باب الاستظهار للحق بالقرائن، ولا مانع من ذلك وقد كان القضاة يفعلونه.
فهذه المسألة إرسال الهدية إلى سليمان عليه الصلاة والسلام من هذا النوع، ليستظهر به حاله فيُعمل بالقرينة.