تتمة الفوائد السابقة . حفظ
وفيها دليل (( أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ))[النمل:38] على أن سليمان عليه الصلاة والسلام إما أنه تفرّس أو أوحي إليه بأن هؤلاء القوم سوف يأتونه. يعني: لما رد الرسول بالهدية وقال: (( فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ))[النمل:37] ما جاءه الجواب، فطلب أن يُحضر عشرها، مما يدل على أنه علم بأنها ستأتي وقومها، ولكن من أين علم ذلك؟
إما من وحي، وإما من فراسة، لأن مثل هذه العبارات التي تُرسل (( فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ))[النمل:37] بهذه القوة يقتضي أن العدو يسمع ويخضع.
إن كان بفراسة فهو دليلٌ على جواز الحكم بالفراسة، وقد ذكرنا عدة مرات أنه يجوز الحكم على الشيء بمقتضى غلبة الظن، بل يجوز أن يحلف عليه بمقتضى غلبة الظن. والفراسة تؤدي إلى غلبة الظن، ولكن ليس مجرد الوهم يجوز أن تحكم بالظن، بل لا بد للفراسة من قرائن تدل عليه. إما قرائن سابقة، وإما قرائن مقارنة.
وأما أن تحكم بشيء ما فيه قرينة فهذا حكم بالظن