تتمة الفوائد السابقة . حفظ
يمكن نأخذ من قوله: (( قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ))[النمل:39] نأخذ منها فائدة وهو أن سليمان عليه الصلاة والسلام قد رتّب شئون حياتهم، وأن له مجلس خاص معروف معيّن، لأن قوله: (( قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ))[النمل:39] لا شك أنه مقدّر بمدة معلومة، وإلا لم يكن لذلك فائدة، لأن قيامه من مقامه إذا لم يكن معلوماً فهل يُدرى مثلاً ....، قد يبقى يوماً كاملاً في مكانه، وقد لا يبقى إلا دقيقة واحدة.
فلولا أنه عليه الصلاة والسلام قد رتّب أوقاته حتى أصبحت معلومة للناس، ما قال مثل هذا الكلام ، وأما تقدير ما قاله المفسِّر " من الغداة إلى نصف نهار " فهذا ما ندري الله أعلم.
على كل حال يؤخذ منه: أن سليمان عليه الصلاة والسلام كان قد رتّب أوقاته حتى صارت معلومة، وهذا لا سيما بالنسبة للإنسان المراد الذي يريده الناس أمرٌ من أهم الأمور أنه يرتّب أموره، حتى أن الإنسان الذي يريده في حاجة يعلم أنه في هذه الساعة يجلس، وفي ساعة أخرى لا يجلس لا يستفيد.
مثلاً: يبق لنفسه جلسة مثلاً في بيته أو في مكان مناسب على سبيل العموم إما بين عشاءين أو بعد العصر أو الضحى ... المهم شيء يعرفه الناس، يرتب لنفسه مثلاً عمل معيّن يعرفه الناس، حتى من أراده في هذا العمل يأتي إليه. سليمان قد رتّب عمله في وقته، والثاني: أنه ينبغي للإنسان خصوصاً المراد من أميرٍ وقاضٍ وعالمٍ ووجيه وغيره، ليجعل وقت معيّن تكون أوقات محددة.
حتى إن الناس يشعرون بأن هذا الرجل رجل منظّم، ويشعرون بأن الإنسان الفوضوي إن شاء جلس وإن شاء قام لأنه ليس بمنظّم، فلا يعتبرونه شيئاً.