تتمة الفوائد السابقة حفظ
في هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يخاطب نفسه بما تقتضيه الحال، لقوله: (( أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ))[النمل:40] فإننا ذكرنا أن قوله: (( أَمْ أَكْفُرُ ))[النمل:40]^ هذه العبارة الشديدة من أجل أن يردع نفسه عن ممارسة كفر النعمة.
وفي هذا دليل على أن الإنسان الذي يشكر الله ليس يسدي إلى الله سبحانه وتعالى نفعاً أو يدفع عنه ضرراً، وإنما هو إذا شكر فإنما يشكر لنفسه، يشكر لنفسه، المصلحة لنفسه، هي ليست لله.
وفيها أيضاً دليل على أن الشاكر يثاب، لقوله: (( فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ))[النمل:40]^ ولم يقل: عن نفسه، بل قال: لنفسه، فدل ذلك على أن للشاكر ثواباً يجازى به، وهو كذلك.
وفي هذا دليل في قوله: (( فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ))[النمل:40] دليل على أن العامل عمله له وليس لغيره، إلا أنه قد يؤخذ منه مقاصة كما جاء في الحديث الصحيح في المفلس ( الذي يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال وقد ظلم هذا وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته )، وإلا فثوابك لك، ما يمكن أحد يعتدي عليك أبداً فيأخذه، فهو مدخر عند الله سبحانه وتعالى.
الطالب: الصدقة؟
الشيخ : نعم؟
الطالب: الصدقة؟
الشيخ : نعم. الصدقة للميت من عملك لك، لأنك أنت الذي اخترت أن يتحول إلى هذا إنما لا يؤخذ منك، وأما إذا أنت أردته فهذا من عملك، لأن عملك قد يكون تريده لك أو لغيرك، وهذا أيضاً مقيد بما جاءت به السنة.
وقوله: (( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ))[النمل:40] ما قال: ومن كفر فإنما يكفر على نفسه، كما قال: (( وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ))[النمل:40]^ لأن رحمة الله تعالى سبقت غضبه. نعم. وإلا فالحقيقة أن من كفر فعلى نفسه، مثلما قال الله تعالى: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ))[فصلت:46] لكن أحياناً يكون السياق يقتضي خلاف ذلك، فهنا يقول: من كفر فإنه لا يضر الله شيئاً، لأن الله تعالى غني عنه وعن شكره، وهو مع ذلك كريم، قد يجود على الكافر في الإمهال لعله يشكر، ولهذا قال: (( فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ))[النمل:40]. قال الله تعالى.. نعم.