قال الله تعالى : << وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين >> حفظ
(( وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[النمل:43] إذاً ( ما ) في قوله: (( مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[النمل:43] إعرابها أنها فاعل، يعني: صدها الذي كانت تعبد من دون الله، ويحتمل أن تكون ما مصدرية، أي: وصدها كونها تعبد من دون الله، لكنه وإن كان سائغاً لغة لكنه ليس محل هنا، فـ ( ما ) هذه اسم موصول.
وقوله: (( مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ))[النمل:43] ما هو الذي تعبد من دون الله؟
الطالب: الشمس.
الشيخ : الشمس، والعائد على ( ما ) الموصولة محذوف، التقدير: ما كانت تعبده من دون الله. وصد: بمعنى صرف، ومناسبة هذا لما سبق، لما ... لما سبق أنه يقال: إذا كانت هذه المرأة في هذا الذكاء -نعم- وهذه المعرفة فلماذا لم تعبد الله؟ لماذا لم تعبد الله مع ظهور أن العبادة لله وحده؟ بيَّن أن الذي صدها عن عبادة الله أنها اشتغلت من أول أمرها بعبادة غير الله، لأنها كانت من قوم كافرين، فنشأت في بيئة كافرة -نعم- واشتغلت بعبادة المخلوق عن عبادة الخالق، فكأن هذه المرأة مع كونها المرأة ذكية وفاهمة وعندها احتراز وتحفظ كأنها مع ذلك إنما عدلت عن عبادة الله مع ظهورها ووضوحها بسبب انشغالها بالباطل، والنفس لا بد أن تكون مشغولة إما بالحق وإما بالباطل، ولا بد أن تكون كاسبة: إما كاسبة حراماً أو حلالاً، إن أخذت ما لا حق لها فيه فهي كاسبة حراماً، وإن أخذت ما لها حق فيه فهي كاسبة حلالاً.
فهنا نقول: مناسبة قوله: (( وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[النمل:43] أنه كالجواب عن سؤال مقدر، ويش السؤال المقدر؟
الطالب: لماذا لم تعبد الله؟
الشيخ : لماذا لم تعبد الله؟ فقال: إنه صدها عن عبادة الله ما كانت تعبد من دون الله وكانت من قوم كافرين، فقد نشأت من أول أمرها في بيئة كافرة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( أن كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ).
(( وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[النمل:43] وقيل: إن ( صدها ) الفاعل يعود على سليمان، أي: أن سليمان منعها ما كانت تعبد من دون الله، أي: منعها عن ما كانت تعبد من دون الله بسبب ما رأت من الملك العظيم الذي لسليمان عليه الصلاة والسلام، ولكن الأول أولى بالسياق: أن ( ما كانت تعبد ) فاعل، نعم. لكن هنا لا بأس أن نقول الاحتمال، لأنه ربما يكون عند التأمل يظهر أن هذا الاحتمال صحيح.
قال الله تعالى: (( إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ))[النمل:43] يعني: بيئتها منذ نشأت وهم كافرون بالله سبحانه وتعالى يعبدون الشمس، فلهذا اشتغلت بعبادة غير الله عن عبادة الله. وسيأتي إن شاء الله ما في هذه الجملة من الفوائد.