تتمة تفسير الآية السابقة . حفظ
(( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ))[النمل:47] هذا جواب الرسل، وهذا الجواب تجدونه أيضاً أجاب به بنو إسرائيل لمن؟ لموسى.
الطالب: لموسى.
الشيخ : أجاب به بنو إسرائيل لموسى.
الطالب: ...
الشيخ : (( وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ))[الأعراف:131]، وكذلك أصحاب القرية الثلاثة تطيَّروا بالرسل الذين أُرسل إليهم، طيب.
على كل حال! هذا جواب أهل الشر أنهم يجعلون الأسباب التي هي من أفعالهم ونتيجة لأفعالهم، يجعلونها بأسباب هؤلاء المصلحين، والحقيقة أنها وقعت جزاءً على أفعال الكفار.
(( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ))[النمل:47] أي: تشاءمنا.
(( وَبِمَنْ مَعَكَ ))[النمل:47] أي: المؤمنين حيث قَحِطوا المطر وجاعوا، قُحِطوا بمعنى: مُنِعوا المطر، وجاعوا.
(( قَالَ طَائِرُكُمْ ))[النمل:47] شؤمكم، (( عِنْدَ اللَّهِ ))[النمل:47] أتاكم به، (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47].
(( قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ))[النمل:47] يعني: وليس منا، وطائركم بمعنى: شؤمكم، والمراد: ما أصابكم من ما تشاءمتم به -وهو القحط والجوع- عند من؟
الطالب: عند الله.
الشيخ : عند الله، وليس منِّي أنا، وإذا كان عند الله سبحانه وتعالى -هذا من أبلغ الجواب- إذا كان عند الله فإن الله تعالى حكيم، ما يُنزِّل هذا الشيء إلا؟
الطالب: أن يشاء.
الشيخ : في منزلته، وبأسبابه التي يُستحق بها، فكأنه يقول: ما دام عند الله فالله تعالى حكيم، ما أنزله إلا في موطنه وموضعه، هذا الشؤم عند الله.
ثم قال: (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47] هذا الإضراب ليس لإبطال الأول، ولكنه الانتقال، إضراب انتقالي، وتعرفون أن الإضراب يكون على نوعين: إضراباً إبطالياً يكون حكم لما بعد ( بل ) ويبطل ما قبلها.
والثاني: إضراب انتقالي مثل هذه الآية، ومثل قوله تعالى: (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ))[النمل:66] انتقال من شيء إلى شيء، هنا الإضراب إبطالي وإلا انتقالي؟
الطالب: انتقالي.
الشيخ : انتقالي، لأنه عند الله يفتنهم سبحانه وتعالى بما حصل، (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47] ووجه الفتنة أولاً: أنهم نسبوا هذا إلى صالح ومن معه، وهذه فتنة عظيمة، فتنة ضلَّ بها هؤلاء.
ثانياً -من وجه الفتنة- : أنه أصابهم مع مجيء صالح إليهم، فظنوا أو ادعوا أن أسباب ذلك صالح ومن معه، ففُتِنوا بذلك فابتعدوا عن الحق. ومثلما قلت لكم أنا قبل قليل بالتمثيل: أن يحدث مكروه عند وجود رجل صالح، فيُنْسَب هذا المكروه..
الطالب: إلى هذا الرجل.
الشيخ : إلى هذا الرجل الصالح ومجيء هذا الرجل الصالح فيكون في ذلك فتنة، فيكون في هذا حكمة. نعم. والله سبحانه وتعالى حكيم جل وعلا يفتن الإنسان ويختبره بأنواع المفاتن، نعم. تارة بالمصائب، وتارة بالنِّعم، وتارة بالأمور التي توجب الاشتباه، ليمتحنه بذلك، ولهذا الدنيا كلها محنة، ما دام الإنسان دائراً بين أمرين: إما شر وإما خير. وإلا لا؟ كل حياتك هكذا شر وإلا خير، وكلاهما يقول الله فيه: (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ))[الأنبياء:35] إذاً معناه: انتبه يا الإنسان، انتبه!! الفضل ليبلوني أأشكر أم أكفر؟ المصائب ليبلوني أأصبر أم أجزع؟ نعم. الشبهات العلمية التي ترد على قلب الإنسان ليبلوه هل يثبت أو يزيغ، نعم. فالمسائل كلها في الحقيقة فتنة واختبار من الله سبحانه وتعالى، ولهذا يجب على العاقل أن يكون حذراً دائماً، ولست أدعوكم في قولي هذا إلى سوء الظن بالله عز وجل، ولكني أدعوكم إلى النظر في الأمور، ليكون تصرُّفكم على وجه سليم، ولكن مع ذلك أقول: إنه إذا تجاوز الإنسان هذه الفتنة حصل له الثبات والاستقرار، نعم. لأنه يطمئن قلبه، ويرسخ في هذه الأمور، ولا يزيغ -بإذن الله- بعد ذلك، لكن قد يُفتن المرء فلينظر، ولهذا قال: (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47] يفتنون بأي شيء يكون؟
الطالب: بالخير والشر.
الشيخ : بالخير والشر. ووجه الفتنة في هؤلاء: أن البلاء الذي أصابهم بسبب دعوة صالح إلى عبادة الله فكفروا فعُوقِبوا، فهذه من الفتن، لأنهم قالوا: أنت أسبابها، وفي الحقيقة أن أسبابها: هُمْ أنفسهم، ففُتِنوا بذلك. قال: يختبرون في الخير والشر.
الطالب: لموسى.
الشيخ : أجاب به بنو إسرائيل لموسى.
الطالب: ...
الشيخ : (( وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ))[الأعراف:131]، وكذلك أصحاب القرية الثلاثة تطيَّروا بالرسل الذين أُرسل إليهم، طيب.
على كل حال! هذا جواب أهل الشر أنهم يجعلون الأسباب التي هي من أفعالهم ونتيجة لأفعالهم، يجعلونها بأسباب هؤلاء المصلحين، والحقيقة أنها وقعت جزاءً على أفعال الكفار.
(( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ))[النمل:47] أي: تشاءمنا.
(( وَبِمَنْ مَعَكَ ))[النمل:47] أي: المؤمنين حيث قَحِطوا المطر وجاعوا، قُحِطوا بمعنى: مُنِعوا المطر، وجاعوا.
(( قَالَ طَائِرُكُمْ ))[النمل:47] شؤمكم، (( عِنْدَ اللَّهِ ))[النمل:47] أتاكم به، (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47].
(( قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ))[النمل:47] يعني: وليس منا، وطائركم بمعنى: شؤمكم، والمراد: ما أصابكم من ما تشاءمتم به -وهو القحط والجوع- عند من؟
الطالب: عند الله.
الشيخ : عند الله، وليس منِّي أنا، وإذا كان عند الله سبحانه وتعالى -هذا من أبلغ الجواب- إذا كان عند الله فإن الله تعالى حكيم، ما يُنزِّل هذا الشيء إلا؟
الطالب: أن يشاء.
الشيخ : في منزلته، وبأسبابه التي يُستحق بها، فكأنه يقول: ما دام عند الله فالله تعالى حكيم، ما أنزله إلا في موطنه وموضعه، هذا الشؤم عند الله.
ثم قال: (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47] هذا الإضراب ليس لإبطال الأول، ولكنه الانتقال، إضراب انتقالي، وتعرفون أن الإضراب يكون على نوعين: إضراباً إبطالياً يكون حكم لما بعد ( بل ) ويبطل ما قبلها.
والثاني: إضراب انتقالي مثل هذه الآية، ومثل قوله تعالى: (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ))[النمل:66] انتقال من شيء إلى شيء، هنا الإضراب إبطالي وإلا انتقالي؟
الطالب: انتقالي.
الشيخ : انتقالي، لأنه عند الله يفتنهم سبحانه وتعالى بما حصل، (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47] ووجه الفتنة أولاً: أنهم نسبوا هذا إلى صالح ومن معه، وهذه فتنة عظيمة، فتنة ضلَّ بها هؤلاء.
ثانياً -من وجه الفتنة- : أنه أصابهم مع مجيء صالح إليهم، فظنوا أو ادعوا أن أسباب ذلك صالح ومن معه، ففُتِنوا بذلك فابتعدوا عن الحق. ومثلما قلت لكم أنا قبل قليل بالتمثيل: أن يحدث مكروه عند وجود رجل صالح، فيُنْسَب هذا المكروه..
الطالب: إلى هذا الرجل.
الشيخ : إلى هذا الرجل الصالح ومجيء هذا الرجل الصالح فيكون في ذلك فتنة، فيكون في هذا حكمة. نعم. والله سبحانه وتعالى حكيم جل وعلا يفتن الإنسان ويختبره بأنواع المفاتن، نعم. تارة بالمصائب، وتارة بالنِّعم، وتارة بالأمور التي توجب الاشتباه، ليمتحنه بذلك، ولهذا الدنيا كلها محنة، ما دام الإنسان دائراً بين أمرين: إما شر وإما خير. وإلا لا؟ كل حياتك هكذا شر وإلا خير، وكلاهما يقول الله فيه: (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ))[الأنبياء:35] إذاً معناه: انتبه يا الإنسان، انتبه!! الفضل ليبلوني أأشكر أم أكفر؟ المصائب ليبلوني أأصبر أم أجزع؟ نعم. الشبهات العلمية التي ترد على قلب الإنسان ليبلوه هل يثبت أو يزيغ، نعم. فالمسائل كلها في الحقيقة فتنة واختبار من الله سبحانه وتعالى، ولهذا يجب على العاقل أن يكون حذراً دائماً، ولست أدعوكم في قولي هذا إلى سوء الظن بالله عز وجل، ولكني أدعوكم إلى النظر في الأمور، ليكون تصرُّفكم على وجه سليم، ولكن مع ذلك أقول: إنه إذا تجاوز الإنسان هذه الفتنة حصل له الثبات والاستقرار، نعم. لأنه يطمئن قلبه، ويرسخ في هذه الأمور، ولا يزيغ -بإذن الله- بعد ذلك، لكن قد يُفتن المرء فلينظر، ولهذا قال: (( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ))[النمل:47] يفتنون بأي شيء يكون؟
الطالب: بالخير والشر.
الشيخ : بالخير والشر. ووجه الفتنة في هؤلاء: أن البلاء الذي أصابهم بسبب دعوة صالح إلى عبادة الله فكفروا فعُوقِبوا، فهذه من الفتن، لأنهم قالوا: أنت أسبابها، وفي الحقيقة أن أسبابها: هُمْ أنفسهم، ففُتِنوا بذلك. قال: يختبرون في الخير والشر.