قال الله تعالى : << فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لأيات لقوم يعلمون >> حفظ
قال الله تعالى: " (( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً ))[النمل:52] أي: خالية ونصبه على الحال والعامل فيها معنى الإشارة ".
(( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ ))[النمل:52] المشار إليه معلوم وإلا؟ محدود، لأن بيوت ثمود موجودة الآن مشاهدة، لكنها كما قال الله تعالى خاوية بمعنى: أنها خالية على رأي المؤلف، وقيل: خاوية متهدمة كما قال الله تعالى: (( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ))[البقرة:259] أي متهدمة.
وهذا المعنى أبلغ وأن تفسير الخاوي بالمتهدم الذي ليس بقائم أولى وأشد، لأن البيوت قد تخلو مع العمار، ولكن إذا خويت بمعنى دمرت وانهدمت فهي خالية. فإذاً: أيضاً من دمارها خلوها، ولا يلزم من خلوها دمارها، والواقع أنها دمرت، لأن هذه الرجفة العظيمة لا بد أن تدمرها.
الطالب: .....
الشيخ : عندكم ما هو جعلها على صفتها بالأول، بل هي مدمرة.
ثم أن المؤلف قال: " نصبه على الحال " نصب الخاوية على الحال، من أين؟
الطالب:...
الشيخ : لا حال من البيوت.. بيوتهم حال كونها خاوية، لكن أين العامل في الحال؟ لأن العامل لا بد أن يكون إما فعلاً أو اسماً بمعنى الفعل، قال المؤلف: " العامل فيها معنى الإشارة " لأن تلك بمعنى أشير، فاسم الإشارة متضمنٌ لحرف معنوي وفعل، أي: أشير إلى بيوتهم خاويةً.
قال: " (( بِمَا ظَلَمُوا ))[النمل:52] بظلمهم " الباء للسببية، وما مصدرية. انظر المؤلف رحمه الله حوّل الفعل إلى مصدر، إشارة إلى أن ما مصدرية أي: تحوّل ما بعدها إلى مصدر، أي: بسبب ظلمهم لا أننا ظالمون لهم، بل هم الذين ظلموا أنفسهم.
ثم فسّر المؤلف هذا الظلم بالكفر فقال: " أي كفرهم " لأن كل كفرٍ ظلم وليس كل ظلمٍ كفراً، ولهذا قال العلماء: إننا نحمد الله سبحانه وتعالى أن قال: (( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ))[البقرة:254] ولم يقل: والظالمون هم الكافرون، لو قال: والظالمون هم الكافرون كان كل ظالمٍ فهو كافر، ولكن قال: الكافرون هم الظالمون، فإن كافر هو ظالم (( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ))[لقمان:13].
وتفسير المؤلف الظلم هنا بالكفر هل عليه دليل أو لا؟ نعم عليه دليل، لأن فعلهم وتكذيبهم لرسولهم كفرٌ، فهنا تفسير الظلم بما هو أخص له دليل.
(( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ))[النمل:52]. (( إِنَّ فِي ذَلِكَ ))[النمل:52] المشار إليه كل القصة على الصحيح، وليس المشار إليه مجردٌ للذات، بل إنه كل القصة " (( لَآيَةً )) لعبرة (( لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ))[النمل:52] قدرتنا فيتعظون ".
تخصيص هذا بالقدرة غير مسلّم، إذ المراد ما هو أعم من علم قدرة الله سبحانه وتعالى، بل يعلمون قدرة الله وحكمته، وما جرى في الأمم .. كل هذا داخل، لأن الذي ما يدري بماذا يعتبر؟ لكن الذي يدري هو الذي يعتبر.
وفي هذا من الحث على معرفة أخبار الأمم والعلم بها ما هو ظاهر، لأن بها يتعظ الناس.
وكذلك أيضاً الأخبار الواقعة في زمن الإنسان ينبغي أن يتخذ من حوادثها عظة وعبرة، وسيأتي إن شاء الله ذكر ما في قوله: (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ))[النمل:52] من الفوائد.
الطالب: .... يعلمون الدليل .... قوله: (( لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ))[النمل:52] .... يقول: " يَعْلَمُونَ وُجُوهَ دَلَالَةِ الدَّلَائِلِ ".
الشيخ : ما أدري، هذا يحتمل، لكن ما هو محصور ما هو على الأمثلة محصور.
الطالب: ....؟
الشيخ : لا. لأن يعلمون الدلائل والدلالة كله، أنه هذا كله من جملة العلم