تتمة الفوائد السابقة . حفظ
فيه دليل في قوله: (( ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ ))[النمل:49] دليل على الإنكار، إنكار المدّعي وهذا الشيء واضح، أن الفاعل للسيئة لا يهمه أن ينكر فعله، يعني: من قتل يهون عليه أن ينكر القتل، لأن القتل أعظم من إنكاره، ولهذا قالوا: (( ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ ))[النمل:49].
وفيها فائدة رابعة: أن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر، لأنه لولا أن هذا القول يبرئهم ما صح أن يتفقوا على اتخاذه حجة، اوما فهمتم؟ يقتلونه ويقولون: ما شهدنا مهلك أهله. اتفقوا على هذا.
دل هذا على أن الإنكار يدرأ به المدّعى عليه، وجهه: لولا أن ذلك يبرئهم لم ينفعهم الاتفاق عليه، لأنه لو قالوا: ما شهدنا مهلك. لقال: أنتم القاتلون، فهذا أيضاً دليل على أن البينة على المدّعي واليمين على من أنكر.
فإذا ادعى شخصٌ أن هذا الرجل قتل والده، نقول له: هات بيّنة، فإذا لم يأت ببينة فإنه لا يثبت له حق، لأن البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر.
ولكن هل هذا على إطلاقه؟
المشهور من المذهب أنه على إطلاقه، وأنه لو كان المدّعى عليه القتل من أفجر الناس والمقتول من أخوف الناس وكذلك المدّعي، فإنه لا يؤخذ بقوله، لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( البيّنة على المدّعي، واليمين على من أنكر ).
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن هذا يؤخذ بقوله، ولكن تجرى فيه القسامة.. إذا كان هذا الرجل معروفٌ بالفسوق والمقتول معروفٌ بالصدق والاستقامة، وكذلك أولياؤه، قال: فإن هذا قرينة تغلّب على الظن صدق المدّعي، وعلى هذا فتجرى فيه القسامة. وما قاله الشيخ فليس ببعيد.
كذلك الأمر الثاني بالعكس، لو أن شخصاً قتل إنساناً وقال: نعم أنا قتلت، ولكن الرجل صال عليَّ ولم يندفع إلا بالقتل، فماذا أصنع؟
المذهب لا يُقبل قوله ويُقتل اما فهمتم؟.. إنسان ادُّعي عليه أن القاتل .... قال: نعم أنا القاتل، لكنني قتلته دفاعاً عن نفسي، لأن الرجل يريد أن يقتلني، نقول له: هات بيّنة أنه صال عليك وإلا قتلناك. قال: ما يمكن يكون بيّنة لأنه لا يصول عليه أمام الناس.. لو يدري أن حوله أحداً ما صال.
نقول: إذاً نقتلك ويوم القيامة تختصمون عند الله، هذا هو المذهب، واختار الشيخ هنا أنه يُقبل قول المعروف بالصدق، فإذا كان هذا الرجل مستقيماً -هذا القاتل الذي يقول أنا قتلته دفاعاً- مستقيما ، والمقتول معروفاً بالفجور والاعتداء على الخلق، فإنه يُقبل قوله ولكن يحلف تأكيداً لقوله.
وما قاله الشيخ هو الصحيح، ولا يمكن العمل إلا به، أما أن نقول: نقتلك وتلقى حسابك عند الله، هذا فيه نظر.
طيب. حتى لو وجد قرينة تدل على صدق الرجل غير مسألة الحال هذا والحال هذا. يعني: مثلاً لو وجد المقتول في بيته.. في بيت القاتل، جاء ودخل عليه البيت ليقتلني، أو يريد أن ينتهك حرمة أهلي، فهو .... لا يندفع إلا بالقتل، يقول: نعم ولو كان، لأنه يمكن أنه عازمه لأجل يقتله