قال الله تعالى : << فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لايعلمون >> حفظ
(( فرددناه إلى أمه )) (( رددناه )) أي موسى (( إلى أمه )) كي تقر عينها بلقائه تقَرّ سبق أنها مأخوذة إما من القَر وهو البرودة وإما من القرار والسكون، ولعله يشمل المعنيين نفول أن القرار تسكن عنه وتبرد ف(( كي تقر عينها )) وكي هنا حرف تعليل وهي مصدرية تنصب الفعل المضارع، ولهذا استقر منصوبة وعلامة نصبه فتحة ظاهرة على القاف،
الطالب: على آخره.
الشيخ : على آخره، والقاف... هذا الأصل نعم، لأنه من قَر يقَر وليست من قَر يقُر كي تقر عينها بلقائه
(( ولا تحزن )) حينئذ يعني: لا تحزن على ما مضى بل يزول عنها الحزن تقر العين ويزول عنها الحُزن ولتعلم أن وعد الله برده إليها حق، هذا أيضا ثلاثة فوائد: تقر عينها، ولا تحزن، والثالث ولتعلم أن وعد الله حق أما الأولان فظاهر أنها تقر عينها برجوعه، وأنها لا تحزن يزول عنها الحزن لكن قوله: (( ولتعلم أن وعد الله حق )) فإن هذه العلة قد سبقت لأنها منذ أن ألقته في اليم قد علمت بأن وعد الله حق، ولولا علمها ويقينها بأن وعد الله حق ما ألقته، فيكون هنا المراد بالعلم علم اليقين ولّا عين اليقين ؟ عين اليقين أو حق اليقين إن شئت علمها بالأول علم عن الشيء خبراً، وعلمها الثاني علم عن الشيء وقوعاً وفرق بين علم الإنسان بالشيء خبرا وبين علمه به وقوعا ولهذا قال إبراهيم :r (( رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )) وجاء في الحديث عن النبي r أنه قال: ( ليس الخبر كالمعاينة ) فالحاصل أن قوله: ولتعلم يعني علم الشيء بعد وقوعه وأما علمها به خبراً فقد تقدم ولولا أنها واثقة في الأول ما فعلت،
وقوله: (( ولتعلم أن وعد الله حق )) وعد ذكروا أن الوعد هو الوعد بما يسُر والوعيد بما يُحْزن يعني الوعد بالخير والوعيد بالشر وأن الشر من أَوْعَد والخير من وَعَد، فقالوا: أوعده أي بالشر ووعده بالخير .
الطالب : ...أن المعروف أن الإنسان قرت عينه ينسى الحزن....
الشيخ : نفي الحزن هنا لأجل أن يبين أن القَرّ كامل لأنه قد تقر عينها مع شيء من الحزن، طيب الوعد معناه قلنا: هو الإخبار أو يتعلق بما يسر والوعيد بما يسوء فهل الوعد والحق دون الوعيد أو كلاهما ؟ الوعيد حق، والوعد حق لأننا لو قلنا: إن الوعيد ليس بحق لزم أن يكون في خبر الله كذب وهذا غير ممكن، لكن الوعيد قد لا يُنَّفذ تفضلاً من الله U لأنه حقه، الوعيد حق الله والله U قد يتجاوز عنه أما الوعد فإنه حق لمن؟ للموعود ولهذا لا يمكن أن يتخلف قال الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلفٌ إيعادي ومنجزٌ موعدي
لأن الوعد حق للموعود والوعيد حق للواعد أو للموعد، أضرب لكم مثلا إذا قلت لهذا الرجل: إن فعلت كذا أعطيتك مائة دينار هذا ماهو؟ وعد ولا وعيد يا عبد الله ال ؟
الطالب: وعد.
الشيخ : وعد لأنه في الخير نعم هذا فعل ما قلت يجب علي أن أوفيه لأن الحق له لكن قلت لولدي مثلاً: إن فعلت كذا حبستك، ثم فعله ولكني عفوت عنه، هذا جائز ولا مو جائز ؟ هذا جائز ويكون فضلا لاسيما إذا عفا عنه مع القدرة قال الله تعالى: (( إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا )) أما العفو مع العكس ما هو نفي، الحاصل إن وعد الله ووعيده كلاهما حق لكن وعده لما كان حقا للموعود صار لا بد منه لوقوعه، ووعيده لما كان حقا له إن شاء عفا عنه تكرماً وتفضلاً حسب ما تقتضيه حكمته سبحانه وتعالى.
الطالب: ...قوله جل وعلا: (( قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا )) هذا وعيد أطلق على الوعد.
الشيخ : هذا صحيح أُطلق عليه وعد إما لأنه في المقابلة مع قولهم بهذا صار مشاكلا له، أو أنه يطلق عليه أحياناً قال: (( ولتعلم أن وعد الله حق )) حقّ هنا بمعنى ثابت وأظن أننا قلنا أن الحق في كذا له معنى والحق في كذا له معنى، هذا من أي المعنيين؟
الطالب: من الصدق.
الشيخ : من الصدق، نعم إن الحق إذا تعلق بالأخبار فمعناه الصدق، وفي الأحكام معناه العدل، وعلى هذا فيكون هنا بمعنى الصدق (( ولتعلم أن وعد الله حق )) أي صدق ولا يمكن أن يتخلف، لأن تخلف الوعد إما أن يكون عن كذب الواعد أو عن عجزه عن تنفيذه، وكلا الأمرين في حق الله مستحيل فلا كذب في قوله ولا عجز في فعله، ولهذا عباد الله سبحانه وتعالى يختمون الدعاء بقولهم: ( إنك لا تخلف الميعاد ) نعم.
قال: " (( ولكن أكثرهم )) أي : الناس لا يعلمون بهذا الوعد ولا بأن هذه أخته " المؤلف خصص الآية والحقيقة أن الآية عامة: (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) أي ليس عندهم علم ينفعهم في وعد الله فنفي العلم هنا إما لإثبات الجهل أو لنفي العلم النافع، أكثر الناس لا يعلمون بهذا لا يعلمون بأن وعد الله حق
الطالب: أكثرهم.
الشيخ : أكثرهم أي الناس، أقول أكثر الناس لا يعلمون أن وعد الله حق إما لجهلهم وإما لعدم انتفاعهم بهذا العلم، ونفي الشيء لنفي الانتفاع به ثابت في القرآن: (( لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون )) ودائما ينفي الله سبحانه وتعالى العقل عن الناس والسمع عن الناس وما أشكل ذلك لعدم انتفاعهم بذلك، فأكثر الناس لا يعلمون المؤلف خص هذه بقصة موسى والآية عامة، أكثر الناس لا يعلمون أن وعد الله حق أقول إما الجهل بذلك لكونهم لا يعرفون من أسماء الله وصفاته ما هو اللائق به، وإما لكونهم لا ينتفعون بهذا العلم، الذين لا يحرصون على فعل الخير أو على تجنب الشر الحقيقة هم كالجاهلين بأن وعد الله حق، إذ أن الطبيعة البشرية والعقل يقتضيان أنك ما دمت مؤمنا بهذا الشيء سواء كان وعدا أو وعيدا فلا بد أن تسعى له بمقتضى إيمانك، إذا كنت تعلم أن الإنسان سيموت وأن المؤمن إذا مات سيجد الخير ويكون في الجنة وينجوا من النار هذا حق ولّا لا ؟
الطلبة: حق.
الشيخ : حق، لكن اللي ما يسعى للجنة الذي لا يسعى لهذا الخير وينهمك بسعيه للدنيا الفانية هل هذا في الحقيقة عالم بأن وعد الله حق أو منتفع بعلمه؟ ما انتفع به ما انتفع بعلمه لو انتفع به ما فوت هذه الفرصة العظيمة فالإنسان يعرف أن المعصية سبب لدخول النار يعرف هذا ويعرف أن وعد الله حق لكن مع ذلك يتجرأ على المعاصي نقول: إن علمه هنا ناقص إذ لو آمن بذلك حقا لكان يتجنب هذا الشيء فصدق معنا قوله تعالى: (( ولكن أكثرهم لا يعلمون )) حل المؤلف رحمه الله الآية هذه يقول:" لا يعلمون بهذا الوعد " يعني بما وعد الله أمه من رده إليها ولا بأن هذه أخته وعلى هذا فيقول: الضمير في أكثرهم يعود على آل فرعون وهذه فمكث عندها إلى أن فطمته وأُجري عليه أجرُتها لكل يوم دينار...
أما كونه بقي عندها إلى أن فطمته هذا واضح، لأنه ما دام محتاج للرضاع فسوف يبقى عندها
وأما أجري عليها أجرتها فهذا أيضا صحيح فإنه جُعل لها أجرة وصاروا يرسلون إليها بالهدايا والتحف ويكرمونها لأنها كافلة هذا الطفل الذي قالوا: إنه قرة عين وعسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ولهذا روي عن النبي أنه قال في الذي يحسن الصنعة ويتخذ عليها أجراً: ) أنه كأم موسى ترضع ولدها وتأخذ عليه أجرا ) وهذا من آيات الله يجيها ولدها وترضعه وتُكرم عليه ما ظنكم لو لم تفعل هكذا ولا تلقيه في اليم ولا يلتقطه آل فرعون كانت تبقى خائفة وجلة ولا يحصل لها أجرة ولا إكرام ولا إعزاز من هؤلاء الطغاة .
قال: وأما قوله: " لكل يوم دينار " فهذا غير مُسّلم لأنه طريقنا في مثل هذه الأمور أن نقول ما ثبت عن الرسول r فهو مقبول، وما لم يثبت من أخبار بني إسرائيل فإننا نتوقف بهه ولا ينبغي أن نجزم به هذا الجزم نحدث به ولكننا ما نجزم به يقول : لكل يوم دينار ... جاء إشكال ... وأخذتها لأنها مال حربي، سبحان الله العظيم يعني ذهاب وهم بعض العلماء غريب، أخذتها لأنها مال حربي أو أخذتها لأنها أجرة على إرضاعه؟ أجرة ما فيها إشكال هذه، أما كونها تأخذ الأجرة لأنها مال حربي فهذا لا وجه له ليس له وجه، لا يقال مثلا: إن أم موسى لما لم يقبل ثدي غيرها كان إرضاعها إياه فرضا عليها والفرض لا يجوز أخذ العوض عليه فسر أخذ المال هنا على أنه مال حربي نقول حتى مال حربي إذا جاء بصيغة عقد يجوز أخذه ولا لا ؟ لا، ما يجوز إنما تأخذه بمقتضى العقد والمعاقدة بينك وبين الحربيين مثل الاستئمان بل هي استئمان في الواقع، فالصواب أنها أخذتها لأنها أُجرت عليه على كفالته وإرضاعه لأنه لو لم تأخذ لكان في ذلك بلاء لعلم أنها قريبة له أو ما أشبه ذلك فهي أخذته لأنهم هم يعتقدون أنها ليست أمه ويعتقدون أن هذا الطفل سوف يكون لهم .
السائل :...
الشيخ :- يجوز باطنا لأجل كفالتها بالنسبة لهم.
يقول المؤلف: "فأتت به فرعون فتربى عنده كما قال الله تعالى حكاية عنه في سورة الشعراء: (( ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين )) تربى عند فرعون في بيت الملك وكان يركب كما يركب الملوك ويلبس لباس الملوك فبدل من أن لو كان عند أمه ما حصل له هذا الشيء بلا شك أما الآن فأصبح معززا مكرما وذلك من تسخير الله سبحانه وتعالى له
الطالب: على آخره.
الشيخ : على آخره، والقاف... هذا الأصل نعم، لأنه من قَر يقَر وليست من قَر يقُر كي تقر عينها بلقائه
(( ولا تحزن )) حينئذ يعني: لا تحزن على ما مضى بل يزول عنها الحزن تقر العين ويزول عنها الحُزن ولتعلم أن وعد الله برده إليها حق، هذا أيضا ثلاثة فوائد: تقر عينها، ولا تحزن، والثالث ولتعلم أن وعد الله حق أما الأولان فظاهر أنها تقر عينها برجوعه، وأنها لا تحزن يزول عنها الحزن لكن قوله: (( ولتعلم أن وعد الله حق )) فإن هذه العلة قد سبقت لأنها منذ أن ألقته في اليم قد علمت بأن وعد الله حق، ولولا علمها ويقينها بأن وعد الله حق ما ألقته، فيكون هنا المراد بالعلم علم اليقين ولّا عين اليقين ؟ عين اليقين أو حق اليقين إن شئت علمها بالأول علم عن الشيء خبراً، وعلمها الثاني علم عن الشيء وقوعاً وفرق بين علم الإنسان بالشيء خبرا وبين علمه به وقوعا ولهذا قال إبراهيم :r (( رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )) وجاء في الحديث عن النبي r أنه قال: ( ليس الخبر كالمعاينة ) فالحاصل أن قوله: ولتعلم يعني علم الشيء بعد وقوعه وأما علمها به خبراً فقد تقدم ولولا أنها واثقة في الأول ما فعلت،
وقوله: (( ولتعلم أن وعد الله حق )) وعد ذكروا أن الوعد هو الوعد بما يسُر والوعيد بما يُحْزن يعني الوعد بالخير والوعيد بالشر وأن الشر من أَوْعَد والخير من وَعَد، فقالوا: أوعده أي بالشر ووعده بالخير .
الطالب : ...أن المعروف أن الإنسان قرت عينه ينسى الحزن....
الشيخ : نفي الحزن هنا لأجل أن يبين أن القَرّ كامل لأنه قد تقر عينها مع شيء من الحزن، طيب الوعد معناه قلنا: هو الإخبار أو يتعلق بما يسر والوعيد بما يسوء فهل الوعد والحق دون الوعيد أو كلاهما ؟ الوعيد حق، والوعد حق لأننا لو قلنا: إن الوعيد ليس بحق لزم أن يكون في خبر الله كذب وهذا غير ممكن، لكن الوعيد قد لا يُنَّفذ تفضلاً من الله U لأنه حقه، الوعيد حق الله والله U قد يتجاوز عنه أما الوعد فإنه حق لمن؟ للموعود ولهذا لا يمكن أن يتخلف قال الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلفٌ إيعادي ومنجزٌ موعدي
لأن الوعد حق للموعود والوعيد حق للواعد أو للموعد، أضرب لكم مثلا إذا قلت لهذا الرجل: إن فعلت كذا أعطيتك مائة دينار هذا ماهو؟ وعد ولا وعيد يا عبد الله ال ؟
الطالب: وعد.
الشيخ : وعد لأنه في الخير نعم هذا فعل ما قلت يجب علي أن أوفيه لأن الحق له لكن قلت لولدي مثلاً: إن فعلت كذا حبستك، ثم فعله ولكني عفوت عنه، هذا جائز ولا مو جائز ؟ هذا جائز ويكون فضلا لاسيما إذا عفا عنه مع القدرة قال الله تعالى: (( إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا )) أما العفو مع العكس ما هو نفي، الحاصل إن وعد الله ووعيده كلاهما حق لكن وعده لما كان حقا للموعود صار لا بد منه لوقوعه، ووعيده لما كان حقا له إن شاء عفا عنه تكرماً وتفضلاً حسب ما تقتضيه حكمته سبحانه وتعالى.
الطالب: ...قوله جل وعلا: (( قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا )) هذا وعيد أطلق على الوعد.
الشيخ : هذا صحيح أُطلق عليه وعد إما لأنه في المقابلة مع قولهم بهذا صار مشاكلا له، أو أنه يطلق عليه أحياناً قال: (( ولتعلم أن وعد الله حق )) حقّ هنا بمعنى ثابت وأظن أننا قلنا أن الحق في كذا له معنى والحق في كذا له معنى، هذا من أي المعنيين؟
الطالب: من الصدق.
الشيخ : من الصدق، نعم إن الحق إذا تعلق بالأخبار فمعناه الصدق، وفي الأحكام معناه العدل، وعلى هذا فيكون هنا بمعنى الصدق (( ولتعلم أن وعد الله حق )) أي صدق ولا يمكن أن يتخلف، لأن تخلف الوعد إما أن يكون عن كذب الواعد أو عن عجزه عن تنفيذه، وكلا الأمرين في حق الله مستحيل فلا كذب في قوله ولا عجز في فعله، ولهذا عباد الله سبحانه وتعالى يختمون الدعاء بقولهم: ( إنك لا تخلف الميعاد ) نعم.
قال: " (( ولكن أكثرهم )) أي : الناس لا يعلمون بهذا الوعد ولا بأن هذه أخته " المؤلف خصص الآية والحقيقة أن الآية عامة: (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) أي ليس عندهم علم ينفعهم في وعد الله فنفي العلم هنا إما لإثبات الجهل أو لنفي العلم النافع، أكثر الناس لا يعلمون بهذا لا يعلمون بأن وعد الله حق
الطالب: أكثرهم.
الشيخ : أكثرهم أي الناس، أقول أكثر الناس لا يعلمون أن وعد الله حق إما لجهلهم وإما لعدم انتفاعهم بهذا العلم، ونفي الشيء لنفي الانتفاع به ثابت في القرآن: (( لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون )) ودائما ينفي الله سبحانه وتعالى العقل عن الناس والسمع عن الناس وما أشكل ذلك لعدم انتفاعهم بذلك، فأكثر الناس لا يعلمون المؤلف خص هذه بقصة موسى والآية عامة، أكثر الناس لا يعلمون أن وعد الله حق أقول إما الجهل بذلك لكونهم لا يعرفون من أسماء الله وصفاته ما هو اللائق به، وإما لكونهم لا ينتفعون بهذا العلم، الذين لا يحرصون على فعل الخير أو على تجنب الشر الحقيقة هم كالجاهلين بأن وعد الله حق، إذ أن الطبيعة البشرية والعقل يقتضيان أنك ما دمت مؤمنا بهذا الشيء سواء كان وعدا أو وعيدا فلا بد أن تسعى له بمقتضى إيمانك، إذا كنت تعلم أن الإنسان سيموت وأن المؤمن إذا مات سيجد الخير ويكون في الجنة وينجوا من النار هذا حق ولّا لا ؟
الطلبة: حق.
الشيخ : حق، لكن اللي ما يسعى للجنة الذي لا يسعى لهذا الخير وينهمك بسعيه للدنيا الفانية هل هذا في الحقيقة عالم بأن وعد الله حق أو منتفع بعلمه؟ ما انتفع به ما انتفع بعلمه لو انتفع به ما فوت هذه الفرصة العظيمة فالإنسان يعرف أن المعصية سبب لدخول النار يعرف هذا ويعرف أن وعد الله حق لكن مع ذلك يتجرأ على المعاصي نقول: إن علمه هنا ناقص إذ لو آمن بذلك حقا لكان يتجنب هذا الشيء فصدق معنا قوله تعالى: (( ولكن أكثرهم لا يعلمون )) حل المؤلف رحمه الله الآية هذه يقول:" لا يعلمون بهذا الوعد " يعني بما وعد الله أمه من رده إليها ولا بأن هذه أخته وعلى هذا فيقول: الضمير في أكثرهم يعود على آل فرعون وهذه فمكث عندها إلى أن فطمته وأُجري عليه أجرُتها لكل يوم دينار...
أما كونه بقي عندها إلى أن فطمته هذا واضح، لأنه ما دام محتاج للرضاع فسوف يبقى عندها
وأما أجري عليها أجرتها فهذا أيضا صحيح فإنه جُعل لها أجرة وصاروا يرسلون إليها بالهدايا والتحف ويكرمونها لأنها كافلة هذا الطفل الذي قالوا: إنه قرة عين وعسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ولهذا روي عن النبي أنه قال في الذي يحسن الصنعة ويتخذ عليها أجراً: ) أنه كأم موسى ترضع ولدها وتأخذ عليه أجرا ) وهذا من آيات الله يجيها ولدها وترضعه وتُكرم عليه ما ظنكم لو لم تفعل هكذا ولا تلقيه في اليم ولا يلتقطه آل فرعون كانت تبقى خائفة وجلة ولا يحصل لها أجرة ولا إكرام ولا إعزاز من هؤلاء الطغاة .
قال: وأما قوله: " لكل يوم دينار " فهذا غير مُسّلم لأنه طريقنا في مثل هذه الأمور أن نقول ما ثبت عن الرسول r فهو مقبول، وما لم يثبت من أخبار بني إسرائيل فإننا نتوقف بهه ولا ينبغي أن نجزم به هذا الجزم نحدث به ولكننا ما نجزم به يقول : لكل يوم دينار ... جاء إشكال ... وأخذتها لأنها مال حربي، سبحان الله العظيم يعني ذهاب وهم بعض العلماء غريب، أخذتها لأنها مال حربي أو أخذتها لأنها أجرة على إرضاعه؟ أجرة ما فيها إشكال هذه، أما كونها تأخذ الأجرة لأنها مال حربي فهذا لا وجه له ليس له وجه، لا يقال مثلا: إن أم موسى لما لم يقبل ثدي غيرها كان إرضاعها إياه فرضا عليها والفرض لا يجوز أخذ العوض عليه فسر أخذ المال هنا على أنه مال حربي نقول حتى مال حربي إذا جاء بصيغة عقد يجوز أخذه ولا لا ؟ لا، ما يجوز إنما تأخذه بمقتضى العقد والمعاقدة بينك وبين الحربيين مثل الاستئمان بل هي استئمان في الواقع، فالصواب أنها أخذتها لأنها أُجرت عليه على كفالته وإرضاعه لأنه لو لم تأخذ لكان في ذلك بلاء لعلم أنها قريبة له أو ما أشبه ذلك فهي أخذته لأنهم هم يعتقدون أنها ليست أمه ويعتقدون أن هذا الطفل سوف يكون لهم .
السائل :...
الشيخ :- يجوز باطنا لأجل كفالتها بالنسبة لهم.
يقول المؤلف: "فأتت به فرعون فتربى عنده كما قال الله تعالى حكاية عنه في سورة الشعراء: (( ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين )) تربى عند فرعون في بيت الملك وكان يركب كما يركب الملوك ويلبس لباس الملوك فبدل من أن لو كان عند أمه ما حصل له هذا الشيء بلا شك أما الآن فأصبح معززا مكرما وذلك من تسخير الله سبحانه وتعالى له