قال الله تعالى : << ولما بلغ أشده واستوى ءاتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين >> حفظ
(( ولما بلغ أشده )) وهو ثلاثون سنة أو وثلاث الأشُد قيل: أنه ثلاث وثلاثون سنة وقيل: ثلاثون سنة وقيل: قريباً من أربعين وذلك أن الله يقول: (( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة )) فدل هذا على أن بلوغ الأشد غير الأربعين لأنه قال بلغ أشده وبلغ أربعين سنة على أنه يَحْتَمل أن بلوغ الأشد معناه كمال العقل ولا ينافي أن يكون كمال العقل عند تمام الأربعين، ويقول: (( واستوى )) أي بلغ أربعين سنة لا، استوى بمعنى كمل والاستواء في اللغة العربية بمعنى الكمال، ومنه قولهم: استوت الثمرة أي كملت وهو في كل موضع بحسَبه، ولكنه إذا عدي بإلى فهو بمعنى القصد، وإذا عدي بعلى فهو بمعنى العلو والاستقرار، لأن ذلك هو الكمال،
" (( واستوى آتيناه حُكما )) حِكمة وعلما يَفهَم في الدين قبل أن يبعث نبياً "، آتيناه بمعنى أعطيناه وهذا الإيتاء كوني ولّا شرعي؟
الطلبة: كوني ...
الشيخ : الإتيان يكون كونيا ويكون شرعيا، وإن كان متعلقا بالقضاء والقدر فهو كوني، وإن كان متعلقا بالشرع فهو شرعي: (( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله )) هذا الإتيان شرعي، لأنه يتعلق بالشرع والقصد، وهنا (( آتيناه حكما وعلما )) هذا كوني لأنه يتعلق بالقضاء والقدر (( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم )).
الطالب: شرعية.
الشيخ : لا آتوهم شرعا لكن الذي آتاكم قدراً فهو قدره لكم، فالإتيان إذاً يكون شرعياً ويكون كونياً بحسب متعلقه.
وقول المؤلف: " حكما " فسره بحكمة يقال علماً أي فقهاً لماذا فسر الحكم بالحكمة ؟ لأن العلم هو علم الأحكام فإذا فسرنا الحُكم بأنه الحكم الذي مقتضى خطاب بالشرع صار فيه نوع من التَكرار لأنه العلم، ولكنه يجوز أن نقول آتيناه حكما أي علما بالأحكام الشرعية وعلما بالأخبار والأسرار، نعم وحينئذ ما يكون في الآية تَكرار ولا نلجأ إلى تفسير الحكم بالحكمة لأن المعروف أن الحُكم غير الحكمة ولّا لا؟
الطالب: نعم.
الشيخ : فالحكم هو مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين، والحكمة هي علة ذلك الحكم .
وقوله: لما بلغ آتيناه لما شرطية
الطالب:...
الشيخ : لا، شرطية هنا بدليل أنه جاء لها فعل وجواب فلما بلغ أشده واستوى آتيناه فهي إذاً شرطية وهي ترد في اللغة العربية شرطية كما هنا، وترد بمعنى إلا مثل قوله تعالى: (( إن كل نفس لما عليها حافظ )) أي: إلا عليها حافظ، وترد ظرفا جئتك لما عرفت أنك مستيقظ، مثلا، أي حين عرفت، والذي يُعيِّن هذه المعاني هو؟
الطالب: السياق.
الشيخ : السياق نعم،
(( ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما )) قال الله تعالى: وكذلك كما جزيناه نجزي المحسنين لأنفسهم، قوله كما جزيناه يفيد أن الإشارة هنا إلى هذا الإعطاء الذي أعطاه الله، يعني ومثلَ ذلك والكاف هنا وهي كثيرة في القرآن نعربها بأنها مفعول مطلق بمعنى مثل أي مثل ذلك الجزاء نجزي المحسنين إذا كانت مفعولاً مطلقاً بمعنى مثل فهي اسم قال ابن مالك :
شــــــــــــــبّه بكـــــــــاف ٍ وبها التعليل قد ... يعـــــــــــــنى وزائــــــــــدا لتوكــــــــــيدٍ ورد
واستُعمل اسما ً وكذا عن وعــــــــــــلى ... من أجل ذا عليهما من دخلا
فالكاف تأتي بمعنى مثل وتعرب على أنها اسم لا حرف جر،
وقوله تعالى: (( نجزي )) أي نكافئ، وقوله: )) المحسنين )) يقول لأنفسهم، صلة؟
الطالب: مو هو بصحيح. المحسنين في الواقع يشمل الإحسان في عبادة الله والإحسان إلى عباد الله، لدليل على هذا أن جبريل قال للنبي :r ( أخبرني عن الإحسان، فقال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) هذا الإحسان هذا إحسان في ايش؟ في عبادة الله، ( تعبد الله كأنك تراه ) وهذه عبادة الطلب ( فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) وهذه عبادة الهرب والخوف، ولا شك أن العابد بالمعنى الأول أكمل من العابد بالمعنى الثاني لأن العابد الأول مرتبط ب... يعبد الله كأنه يراه فهو يقصد الله U وله شوق كبير إلى ربه سبحانه وتعالى، أما الثاني فإنه يعبد الله كأن الله يراه فهو خائف من ربه فلذلك هي عبادة الهرب والأول عبادة طلب طيب الإحسان بالنسبة إلى الخلق وش نفسره به؟
الطالب:...
الشيخ : لو أراد ما ... يقال أنها بذل الندى وكف الأذى هذا الإحسان إلى الناس، الندى بمعنى العطا وكف الأذى واضح، فالإحسان إذاً له شقان بذل الندى سواء كان ذلك يتعلق بالمال أو بالجاه أو بالبدن، وكف الأذى القولي والفعلي وقد يتخلف أحدهما ويكون الإنسان محسناً من وجه غير محسن من وجه، ويكون مسيئا إذا تخلف كف الأذى .
الطالب:...
الشيخ : نحن قلنا يشمل المال والبدن والجاه في تعليم العلم من إحسان البدن.
الطالب: والنصيحة ؟
الشيخ : تدخل تدخل لأن الذي ينصح...ما يكون، طيب على كل حال إذن الإحسان هو عبارة...، من أحسن ما يكون هو بذل الندى وكف الأذى، أنك ما تؤذي الناس فتكون مسيئا لا تؤذيهم فتكون مسيئا ولا تحرمهم خيرك فلا يكون فيك إحسان ما فيه إحسان إذا لم تبذل الندى، طيب قوله: المحسنين إذاً المحسنين في عبادة الله ايش بعد؟ وإلى؟
الطالب: عباد الله.
الشيخ : عباد الله يشمل هذا وهذا، فأما الإحسان في عبادة الله فقد فسرها النبي r بقوله: ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) وأما الإحسان إلى عباد الله فهو بذل الندى وكف الأذى طيب.
@ ودخل المدينة بعد بلوغ الأشد ولّا لا ؟ بعده بعد بلوغ الأشد لأن الأصل أنّ ما تقدم ذكرا فهو متقدم وقوعا وعملا هذا الأصل ما تقدم ذكرا فهو متقدم وقوعاً إن كان في الأخبار وعملاً إن كان في الأحكام، ولهذا أقبل النبي r على الصفا وقال: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله بها ) وقال العلماء :- إن الفقراء أشد حاجة من المساكين لأن الله بدأ بهم في قوله: (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )) فهنا نقول لما ذكر الله: (( ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما )) (( ودخل )) علمنا أن دخوله المدينة بعد أن بلغ أشده.
وقوله: (( المدينة )) مدينةَ فرعون وهي مَنْف أو مُنْف هذه بضم الميم وهنا بسكون النون وبعد أن غاب عنه مدة.
تعيين المدينة بأنها مدينة فرعون في نفسي من هذا شيء، لأن الرجل تربى عند من؟ عند فرعون في نفس مدينته وفي نفس مكانه اللهم إلا أن يقال: إن فرعون كان في مصر وأن منف هذه بلد خارجة عن القاعدة الأصلية يعني قصبة البلد وأنه خرج في يوم من الأيام فدخلها، والأحسن في هذا في مثل هذا المقام إذا لم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام فالأحسن أن نقول: مدينة من مدن مصر، ويسكنها أقباط وإسرائيليون بدليل القصة.
(( دخل المدينة على حين غفلة من أهلها )) " وقتَ القيلولة " قوله: على حين غفلة من أهلها بعض العلماء يقول المراد على حين غفلة زمناً يعني أنهم في زمن يغفل الناس فيه، وبعضهم يقول على حين غفلة من أهلها أي كلاماً بمعنى أنهم نسوا موسى وقصته وطال الزمن، فدخل على حين غفلة من التحدث في هذا الأمر، ولكن المعنى الأول أظهر أنه دخلها في وقت أهلها غافلون، هل يتعين أن يكون وقت القيلولة؟ لا يتعين يكون وقت القيلولة يكون بالليل في المغرب الله أعلم إنما في وقت أهل البلد غافلون .
(( فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته )) أي إسرائيلي (( وهذا من عدوه )) أي قبطي وجد فيها رجلين يقتتلان، الاقتتال بمعنى المنازعة والمخاصمة والمضاربة أيضاً، وليس المراد فيما يبدوا أنهما يريدان أن يقتل بعضهما بعضا، لكنْ هذا من شيعته، شيعة الرجل معناه أتباعه قال الله تعالى: (( وإن من شيعته لإبراهيم )) وقيل إن الشيعة من يناصرك كل من يناصرك فهو شيعة لك نعم، سواء كان متبع لك أو غير متبع، وعلى كل حال فهنا المراد بالشيعة يعني أنه من قبيلته ولهذا قال المؤلف: أي إسرائيلي، وهذا من عدوه من عدو موسى أي من آل فرعون وهم الأقباط ايش
" أي قبطي يُسخِّر إسرائيليا ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون " والله عجائب من يقول هذا؟ على كل حال يقتتلان كعادة الناس الأعداء ،الأعداء يخاصم بعضهم بعضا دائما، ويقاتل بعضهم بعضا وقد ذكر شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره بأن هذا يدل على قوة شعب بني إسرائيل بعد أن كانوا أذلة يُقّتل أبنائهم ويستحيَي نسائهم أصبحوا الآن يجعلون أنفسهم أندادا لآل فرعون الأقباط، لأنهم يعرفون أن موسى منهم وأن موسى في منزلة عظيمة عند فرعون فهم استقوت ظهورهم بهذا الشيء وهذا واضح سوف يقوون بهذا الشيء ويرون أنفسهم أندادا لآل فرعون، أما أنه يريد أن يسخره ليحمل الحطب إلى المطبخ فهذا ما هو ظاهر ويحتاج إلى دليل بَيّن ولا دليل هنا فيشرح الموقف على قوله ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها