قال الله تعالى : << قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ومآأريد أن أشق عليك ستجدني إن شآء الله من الصالحين >> حفظ
الشيخ : .... (( قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي )) الآن يتكلم (أريد أن أنكحك) هل هذا عقد نكاح ولّا وعد بعقد نكاح؟
الطالب: وعد
الشيخ : (أريد أن أنكحك) وليس عقداً، وعلى هذا فلا يكون فيه دليل على جواز العقد على المبهمة، لأنه يقول: ( أريد أن أُنكحك ) ومعنى (أنُكحك) أُزوجك لأن (النكاح) أصله الضم والجمع، فمعنى (أُنكحك) أزوجك لأن الرجل يضم زوجته إليه ويسكن إليها، وقوله: (إحدى ابنتي هاتين) قوله: (إحدى ابنتي) هذا مبهم ما ندري الكبرى أو الصغرى، ولهذا يقول وهي الكبرى أو الصغرى، وقوله: (ابنتيَّ) أصلها (ابنتين لي) فحُذفت النون من أجل الإضافة، ولهذا نقول إن (ابنتيَّ) مجرورة بالياء نيابة على الكسرة لأنه مثنى وحُذفت النون من أجل الإضافة وقوله: (هاتين) اسم إشارة لتعيين البنتين فهل معنى ذلك أنه أن له بناتٍ أخريات لأن الإشارة تثبت من عداهما أو أن المعنى أن موسى عليه الصلاة والسلام قد لا يعلم أن هاتين البنتين له، قد يقول: إني أنكحك إحدى ابنتي ولا يدري من بين بناته إلا ليست هنا، وهذا هو الأفضل لأن تعيينهما بالإشارة لئلا يتوهم المخاطب بأن له بناتٍ أخرى، نعم، وليس المعنى أنه يعين هاتين ليُخرج بقية البنات، والغريب أن بعض المفسرين قال: إن هذا لإخراج بقية البنات لأن البنات سبع وهذا أخرجهما بالتعيين، فيقال: ليس كذلك وليس في الآية ما يدل عليه، ولكن لما قال، الآن لما أقول لشخص: أنا أريد أن أنكحك إحدى ابنتي، وعندي امرأتين هل يفهم أنها منهن؟ ما يفهم حتى أقول: هاتين، فيفهم أن هذه بناتي، ف... (هاتين) على هذا المعنى.
(( على أن تأجرني )) (تأجرني) يعني تأجرني نفسك (( ثماني حجج )) تكون أجيرا لي في رعي غنمي ثماني حِجج أي سنين وهو جمع حِجة، (( فإن أتممت عشرا )) أي رعي عشر سنين (( فمِن عندك )) فمِن عندك التمام، يعني وليس بواجب، أخبره أنه يريد أن يزوجه إحدى بنتيه ويكون المهر على أن يرعى الغنم ثمان سنين، ومن أين يُعرف أن المراد رعي الغنم إذ قد يكون تأجير ال... لأجل تكون بناءً عندي أو حراثاً أو ما أشبه ذلك؟
الطالب: من سؤال البنات.
الشيخ : إي مِن سياق القصة (( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين )) والقوي ... العمل الذي أمامه الآن هو رعي الغنم فعُرف بذلك أنه أراد - أي صاحب مدين - أن يستأجر موسى r في رعي الغنم ثماني سنوات فإن أتَّم عشرا فمن عنده يعني السنتان تكونان تبرعاً والعقد على ثمان سنوات.
قال: (( وما أريد أن أشق عليك )) باشتراط العشر" قوله: " (ما أريد أن أشق عليك) باشتراط العشر" هذا فيه نظر، نظر ظاهر، لأن اشتراط العشر لو قبله موسى فيه مشقة؟
الطالب: لا.
الشيخ : ما فيه مشقة وإلا لقلنا: إن اشتراط الثمان بدل الست فيه مشقة، ولكن (ما أريد أن أشق عليك) في حال معاملتك في تنفيذ العقد، يعني معناه: يا موسى أتساهل لو ... يوم من الأيام ما رأيت أو ما أشبه ذلك، أو حصل عليك خطر من مال أو غيره فإنني لا أشق عليك بهذا، وتكون عدم المشقة في أي شيء؟ في تنفيذ الإجارة أما في زيادة المدة فليس هذا بمشقة ... وإلا لو قلنا إن الثمان بالنسبة للست تكون مشقة، فالصواب بلا ريب: لا أريد أن أشق عليك حال تنفيذ العمل. لأن بعض الناس يقول: عندك مشقة في المعاملة في حال تنفيذ العقد، تجده مثلاً ما يسمح له يتأخر وإذا حصل منه مرض يلزمه أو يقول: عوضني عن هذا اليوم أو أسقط ... من الأجرة وما أشبه ذلك، فهو يقول (( لا أريد أن أشق عليك ستجدني )) ولهذا قال: (( ستجدني إن شاء الله من الصالحين )) فوعده في قوله: (ستجدني) الآن ولا في المستقبل؟
الطالب: في المستقبل
الشيخ : في المستقبل، لأن السين هذه تُحَوِّل المضارع إلى المستقبل، وهي - كما مر علينا - تفيد التحقيق والتقريب ففيها ثلاث فوائد -إذا دخلت على المضارع- تحويله للمستقبل وتحقيقه وتقريبه فهمتم؟
وقوله: (( ستجدني إن شاء الله )) من وَجد يجِد إذا أدرك الشيء، ولكنه قال: (( إن شاء الله من الصالحين )) وهذا يدل على أن صاحب مدين مؤمن، لأن كلامه هذا يدل على إيمانه وأنه على ملة، وقوله: (إن شاء الله) تعليق فهل هو تعليق يُراد به حقيقته؟ يقول المؤلف:"
إنه للتبرك " والذي حمل المؤلف على ذلك لأن قوله: (ستجدني) وعد منه والوعد إذا عُلِّق لم يكن مجزوما به، ولهذا قال: "إن شاء الله للتبرك" لئلا ينافي الوعد، ولكنه في الحقيقة لا يحتاج إلى، لا ينبغي أن ن... هذا الخبر فنحمله على التعليق الحقيقي بالمشيئة، لأن عزم الإنسان على الشيء مجزوم به لكن تنفيذ الشيء ما يستطيع أن يجزم به الإنسان أبداً مهما كان العمل (( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله )) فالذي نرى أن هذا التعليق على حقيقته ليس للتبرك لماذا؟ لأن تنفيذ هذا الشيء ليس بيدي صاحب مدين، أولاً: ليس بيده فإن الأمور قد تُطلق، وقوله: ( إن شاء الله من الصالحين ) هذه جملة محلها من الإعراب يسمونها جملة مُعترضة بين ايش؟ بين الفعل ومفعوله، لأن (ستجدني) تنصب مفعولين المفعول الأول الياء، والمفعول الثاني (من الصالحين) الجار والمجرور وهنا جاءت الجملة المعترَضة بين الفعل ومفعوله، وقوله: (( من الصالحين )) الوافين بالعهد نعم، لأن صلاح كل شيء بحسبه فهنا المسألة عقد إجارة والصلاح فيها يكون بالوفاء، وفي كل موضع بحسبه، الصلاح في الدين هو القيام بطاعة الله، وصلاح الطعام ألا يكون متغيراً برائحة كريهة أو فساد، فالصلاح في كل موضع بحسبه