فوائد قوله تعالى : << قال ذلك بيني و بينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي و الله على ما نقول وكيل >> حفظ
قال الله تعالى بعده: (( قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل )) يستفاد من هذه الآية: أن العقود ليس لها صيغ معينة فتنعقد بما دل عليها وكذلك الفسوخ وكذلك الولايات، كل التصرفات من عقود وفسوخ وولايات فإنها تصح بما دل عليها، فهمتم؟ ولا يشترط لها لفظ معين ما ينسب لها لفظ معين، بل تُجرَى على ما يتعارفه الناس بينهم حتى عقد النكاح؟
الطالب: نعم.
الشيخ : حتى عقد النكاح على القول الراجح ما يُشترط له صيغة معينة نقول: زوجتِك لو قال: زوجتِك أنكحتِك ملكتِك جوزِتك عقدتُ لك على بنتي، كل هذا ينعقد به النكاح ما دام أن الأمر معروف في عُرف الناس أن هذه الكلمة تدل على هذا العقد، فهمتم؟ ... الوقت والسبيل وما أشبه ذلك، مثله؟ ت... للإنسان بيته مثله ينعقد بما دل عليه، فإذا كان الأمر مُحتمِلاً لأن يَدُل على العقد أو لا يدل حينئذ نرجع إلى اللفظ اللغوي، لأنه إذا لم يكن هناك عُرف رجعنا إلى الحقيقة اللغوية، كما ذكروا في الأَيمان وغيرها، فإذا كان هذا اللفظ قال: والله الناس أحد يريد به هذا والآخر ما يريد نرجِع إلى مقتضاه في اللغة العربية مالم يكن بين المتعاقدَين نية مُسَبَّقَة لأنهما يريدان هذا العقد، إذا كان بينهما نية معروفة واتفقا عليها عُمِل بها، نعم، طيب الفقهاء رحمهم الله استثنوا بعض العقود وجعلوا لها صيغا مُعينة، النكاح قالوا: ما ينعقد إلا بلفظ زوجتك أو أنكحتك، فلما قيل لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج صفية وجعل عتقها صداقها قال: ( أعتقتك وجعلت عتقك صداقك ) قالوا: هذه المسألة تُستثنَى، فيقال لهم: ما الدليل على استثنائها، بل هذه المسألة تدل على أن النكاح ينعقد بايش؟ بما دل عليه، نعم، من اين أخذنا من هذه الآية أن العقود تنعقد بما دل عليها؟ من قوله: (( ذلك بيني وبينك )) ما قال: قبلت النكاح ولا قال: قبلت الإجارة ولا شيء (ذلك بيني وبينك)، ويستفاد من إشارة في قوله: (بيني وبينك) أن العقود عهود في الحقيقة، وهو كذلك، لأن كل إنسان يعقد مع شخص فقد التزم ألا يخونه والتزم أن يفيَ له بمُقتضى هذا العقد فيكون بذلك عهداً، في سورة الإسراء يقول الله تعالى: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )) قبل هذه الآية ايش يقول؟
الطالب: (( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
الشيخ : (( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ))[الإسراء:34] الوَلاية على اليتيم نوع من العقد وجعلها الله تعالى عهدا فقال: (( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا )).
ويستفاد من الآية الكريمة: أن موسى صلى الله عليه وسلم قبل ما جعله له صاحب مدين من اختيار الأجلين أحد الأجلين حينما قال: (( أيهما الأجلين قضيتُ فلا عدوان علي )) وبقي العقد مفتوح ولا معينا؟ مفتوحا يعني إن أتممت العشر ما تقول: روح اطلع عني، ما تعتدي علي بإخراجي من بيتي وطردي عن عملي إن أردتَ العشر، وإن أوفيت بالثمان ما تلومني وتقول هذا الرجل ما وفى وهذا معنى قوله: (( فلا عدوان علي )) يعني لا اعتداء علي، إن أتممت ما تقول اطلع خلاص كمل الثمان روح في أمان الله، وإن اقتصرت على التمام ما تقول هذا الرجل ما وفى وتكلم فيَّ بين الناس فلا تعتد علي، وهذا الحقيقة يتوجه لأنه ربما يسأل سائل يقول: كيف يقول: أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي، كيف يسري عليه عدوان والرجل وفى بما عاهد عليه؟ نقول: ربما إنه يكون عدوان بمعنى إنه إذا أراد إتمام العشر يقول له: لا وَلِّ، أو إنه إذا اقتصر على التمام يبدأ يتكلم به في المجالس، والمؤلف يقول: فلا عدوان علي بطلب الزيادة علي" وهذا تقدم إنه مو بصحيح، لأن أصل طلب الزيادة غير وارد.
ويستفاد من الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى حفيظ على كل أحد، لقوله: (( والله على ما نقول وكيل )) ويستفاد منه جواز تخصيص العموم لغرض، يعني جواز تعليق الشيء العام بأمر خاص بغرض من أين يؤخذ؟
الطلبة: على ما نقول
الشيخ : من قوله: ((على ما نقول وكيل )) فإن هذا يقتضي تخصيص وكالة الله سبحانه وتعالى بما قالاه فقط، ولكن الأمر ليس كذلك إنما خُصِّص هذا لغرض العناية به.
هل يستفاد منه جواز إشهاد الله على العقد والاقتصار عليه (( والله على ما نقول وكيل ))
الطالب: .....
الشيخ : ..... تشهد لله لا لغرض آخر، هي في الحقيقة شرعاً ما يُكتفى به لكن باطناً فيما بينهم وبين الله يُكتفى به، وفائدة ذلك إذا أشهد الله أو جعله الوكيل الحفيظ المراقب فائدته كأنه يقول: ينتقم الله تعالى ممن نقض العهد، ويكون هذا فيه عُرضة عظيمة للعقوبة عند نقض هذا العقد، لاحظ أنك إذا جعلت الله شاهد ثم خنت فهذه استهانة بالله ولّا لا؟ استهانة بالله مثل ما لو جعلت واحد من المخلوقين شاهد ثم خنت فهذا استهانة بشهادته وبحد الله
الطالب :الله شاهد لو ما قيل أنه شاهد.
الشيخ : إي لكن استشهاده أعظم، وإلا الله شاهد سواء قلنا ولّا ما قلنا لكن استشهاده أعظم والتزام الإنسان بمقتضى هذه الشهادة يكون أعظم، يكون إذاً فيه توكيد للعقد ولّا لا؟ إذا قلنا: الله شاهد علينا ... أحد لكن الآن ... نشهد الله أن الله سبحانه وتعالى هو الشاهد إذا وافق هذا يكون أبلغ في التأكيد، لأن مخالفته عرضة للعقوبة، ولهذا قل من يحلف بالله كاذبا إلا أُصيب، كل إنسان يحلف بالله كاذبا في ... فإنه يصاب في الدنيا قبل الآخرة، في الآخرة إصابته واضحة وهو أنه يلقى الله وهو عليه غضبان -والعياذ بالله- لكن الغالب أنه -سبحان الله- تُعجل له العقوبة في الدنيا، والقصص على هذا كثيرة، حدثني إنسان أنه كان بينه وبين شخص في الخرج خصومة فتخاصموا عند القاضي وأنكر حقه وحلف المُدَّعى عليه، لكنه في اليوم التالي خرج هو وعائلته إلى الرياض فحصل عليهم حادث وماتت العائلة كلها ما بقي إلا هو -أعوذ بالله-وهذا واضح عقوبة معجلة -والعياذ بالله- وقد ذكر بعض السلف أن اليمين الغموس تدع الديار بلاقع، بلاقع يعني خالية من أهلها تُدَّمِر وتُهلِك والعياذ بالله