قال الله تعالى : << فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله ءانس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني ءانست نارا لعلي ءاتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون >> حفظ
وإنما قال المؤلف: " أي رعيه" لأن نفس الأجل وهو الزمان ليس بيد موسى بل الذي بيده هو الرعي يرعي لما قال الراعي ...أجله، و(قضى) بمعنى فرغ قال الله تعالى: (( فقضاهن سبع سماوات )) أي فرغ منهن (( فلما قضى موسى الأجل )) (ال) هذه للعهد يعني الأجل الذي بينه وبين صاحب مدين، وقد علمنا أن بينهما أجلين أجلاً واجباً وهو ثمان سنوات، وأجلا تبرعاً من موسى وهو عشر سنوات، فأيما الأجلين قضى؟ أيهما؟ هل هو الواجب أو التبرع؟ يقول المؤلف رحمه الله:" فلما قضى موسى الأجل وهو ثمان أو عشر سنين وهو المظنون به" الضمير في قوله:" وهو المظنون به " يعود على العشر يعني الذي يُظَن بموسى أنه أتم عشراًـ، ولكن الآية محتمِلة فترجيح العشر بناء على المعلوم من حال موسى صلى الله عليه وسلم من الكرم والوفاء، وترجيح أنه ثمان لأنه هو الواجب عليه وموسى كان في اشتياق إلى بلاده بمصر، وهو قد قال فيما سبق معتذرا: (أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي) وهذه جملة قد تشير إلى أنه يريد أن يقتصر على الأجل الواجب، وإلا فمن المعلوم أنه إذا قضى الأجل الأول فإنه لا أحدَ يلومه أو يعتدي عليه فلكل منهما وجه، وموقفنا نحن من هذه القصة أن نُبهِم ما أبهمه الله سبحانه وتعالى فنقول: قضى الأجل والله أعلم أيَّهما قضاه (( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله )) .
الطالب: مروي عن ابن عباس أن موسى عليه الصلاة والسلام قضى ...؟
الشيخ : إي نعم هو مروي عن ابن عباس وأكثر المفسرين لكن ما فيه شيء يرجحه.
الطالب:....
الشيخ : صحيح إن تفسير الصحابي ليس له ... مطلقاً لا سيما إذا كان الصحابي ممن عرف بالأخذ من الإسرائيليات مثل ابن عباس رضى الله عنه.
قوله: (( وسار بأهله )) السير معناه المشي، سار بأهله من عند صاحب مدين وأهله يقول:" زوجتِه بإذن أبيها نحو مصر " أما قوله:" زوجته " هذا صحيح أأن الزوجة تسمى أهلاً، وأما قوله: "بإذن أبيها" فهذا لا دليل عليه ولا يحتاج الزوج إذا أراد أن يسافر بزوجته إلى إذن أبيها لماذا؟ لأنه إذا تزوج المرأة صارت مُلكاً له يسير بها حيث شاء اللهم إلا إذا سار بها إلى أمر لا يجوز شرعاً فلها أن تمتنع ولأبيها أيضاً أن يمنعها، وإلا فالحق له إذ لو شُرِطَ عليه ألا يُسافر بها يلزمه الوفاء؟ يلزمه الوفاء، ولكن لو أَذِنتْ وأبى أبوها وقد شُرِطَ عليه فهل الحق لها فتسافر أو لأبيها فلا؟ الحق لها لأن يتعلق بها شخصياً وقد ترى أن من الأفضل لها أن تسافر مع زوجها، طيب (( آنس )) أبصر من بعيد (آنس) أصل (آنس) مُشتقة من الأنس وهو زوال الوحشة، ولكنها تأتي بمعنى الإبصار بالشيء لأنك إذا أبصرت الشيء وعرفته زال عنك ما تخشاه، فمعنى آنس أبصر (( من جانب الطُور )) بالضم جبل وجانب الشيء ايش معناه؟
الطالب: طرفه.
الشيخ : جهته يعني من جهة الطور آنس ناراً وهذه النار ليست ناراً حقيقية ولكنها نور وتُشبه النار، لما أبصر هذه النار وكان الزمنُ زمنَ شتاء والظاهر والله أعلم أن الليلة كانت مُغِينَة وأن موسى عليه الصلاة السلام عنده نوع من الاشتباه في الطريق كما تدل عليه القصة، آنس نارا فقال لأهله: امكثوا هنا لأهله امكثوا قرر المؤلف قبل قليل أن المراد بأهله الزوجة وهنا قال: (( لأهله امكثوا )) وامكثوا خطاب لجماعة ولا لواحدة؟
الطالب : لجماعة.
الشيخ : لأنه لو قال لواحدة لقال: امكثي، فهو لجماعة فما هو المخرج من هذا الإشكال إذا قلنا بأن الأهل هي الزوجة فقط؟ قال بعض المفسرين: إنه اصطحب معه خادماً وقال بعضهم أيضا: إنه ولد له منها بناء على أنه سُلِّمت له من أول العقد وبقيت معه كم؟ ثمان أو عشر سنين فولَدتْ فعلى هذا يكون الخطاب امكثوا لجماعة مطابقاً للواقع، نعم، لأن معه زوجة وخادم وولد ولّا لا؟ لأنهم جماعة وهذا ليس ببعيد إذ أنه جرت العادة أن الإنسان إذا سافر لاسِيَّما في مثل هذا الحال أن يصطحب معه من يخدمه، وقوله: "امكثوا هنا" من أين نأخذ إنها (هنا) يعني في المكان