قال الله تعالى : << و أن ألق عصاك فلما رءاها تهتز كأنها جآن ولى مدبرا و لم يعقب يا موسى أقبل و لا تخف إنك من الآمنين >> حفظ
قال: (( وأن ألق عصاك )) هذه معطوفة على قوله أيش؟ (( أن يا موسى )) نُودي أن يا موسى يعني ونودي أيضاً أن ألق عصاك، وألقِ بمعنى ضَعْ عصاك على الأرض، وعصاك لماذا استصحبها؟
الطالب: للرعي.
الشيخ : ايش قال؟
الطالب: أتوكأ.
الشيخ : (( أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ))، مآرب أخرى ما ذَكَرها وش هي يا غانم!
الطالب:....... يدفع بها السباع
الشيخ : إي يدفع بها السباع ويدفع بها عن نفسه، لكن ذكر جانب المصالح (( أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي )) وأما جانب دفع المفاسد فأجمله في قوله: (( ولي فيها مآرب أخرى )) وهذا في الحقيقة من الأدب في ال... وتجدون أن سبحانه وتعالى في مقام الإثبات يُؤتى فيها بالتفصيل، وفي مقال النفي يُؤتى فيها بالإجمال غالباً نعم، قال:" (( وأن ألق عصاك فألقاها فلما رآها تهتز -تتحرك- كأنها جان -وهي الحية الصغيرة من سرعة حركتها على وجه التشبيه- ولى مدبرا )) هارباً منه أي فلما رآها أبصرها وعلى هذا فيكون جملة (تهتز) في موضع نصب على الحال، وليست مفعولاً ثانياً، لأن رأى البصرية ما تنصب إلا مفعولاً واحداً، أين جواب لما (( فلما رآها تهتز ))؟ ولى مدبراً، طيب، وقوله: (( تهتز )) يقول:" تتحرك " لكن باهتزاز نوع من الاضطراب وتعرفون أن الحية تتحرك يمين وشمال وقوله:" كأنها جان هذا للتشبيه " يعني كأنها في هيئتها وفي حركتها، يعني في ذاتها وفي حركتها "جانٌّ" قال:" وهي الحية الصغيرة " هذه الجان، ووجه المشابهة؟
الطالب: الحركة.
الشيخ : الحركة سرعة الحركة، ولكن المؤلف فسر الجانَّ بأنها الحية الصغيرة، والله تعالى يقول في آية أخرى: (( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين )) (ثعبان) والثعبان الذكر من الحيات الكبير فما الجمع بينهما؟ قالوا: إن الجمع بينهما أنه أول ما ألقاها صارت كالجان، ثم بعد ذلك تضخمت حتى كانت ثعباناً مبيناً حتى صارت ثعباناً مبيناً
الطالب: ...
الشيخ : أي عند السحرة، (( كأنها جان ولى مدبرا )) هارباً منها و(مدبرا) هذه حال ويُسمونها حال مؤكِّدة ايش معنى مؤكدة؟ لأن التولي معناه الإدبار، فهي حال مُؤَكِّدة لعاملها إذ أن معنى الإدبار مفهومٌ من قوله: (( ولى )) ولكنها جاءت للتأكيد، وقوله: "
(( مدبرا )) يعني ولاها دبره" ولهذا قال المؤلف: "هارباً"، لأن الهارب ما يمشي إلى جنب وإنما يمشي على العكس، عندما تهرب، أولاً عدما تنصرف عن الشيء تُسمى مولِّياً، لكن إذا كنت هاربا هل توليه جنبك وتمشي مثلاً باتجاه مُجانب أو باتجاه معاكس؟ باتجاه معاكس، ولهذا قال:" (( ولم يعقب )) أي يرجع " معناه إنه هرب نعم، ولكن الله يقول: (( ولم يعقب )) فنودي يقول المؤلف:" يا موسى (( أقبل ولا تخف )) ولهذا ينبغي أن نقف على قوله: (( ولم يعقب ))، لأن لو وصلنا (( ولم يعقب)) (( يا موسى )) لظن الظان أن الكلام واحد، ولكن الكلام انفصل فقال: (( يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين )) (أقبِل) مقابل (التولي) و(لا تخف) مقابل (الهرب)، لأن الهارب يكون خائفاً ثم طمئنه بقوله: (( إنك من الآمنين )) تأكيد لقوله: (( ولا تخف )) لأن الآمن ما يخاف، وإنما يخاف من ليس عنده أمن وهنا قال: (( إنك من الآمنين )) ولم يقل: إنك آمن. بل قال: (من الآمنين) فما هو البلاغة في هذا؟
الطالب: مراعاة الفواصل
الشيخ : نعم مراعاة الفواصل يمكن أن نقول هذا مراعاة الفواصل، لكنَّ هذه المناسبة لفظية.
الطالب:... ليعلم أن .... آمنين.
الشيخ : نعم ليتذكر أن هناك آمنون فإذا كان هناك آمنين فإنه لا غرابة أن تأْمَن يعني لأن الإنسان إذا ذُكِّر بما حدث لغيره صار أشد طمأنينة في حصول ذلك الشيء، ونظيره بالعكس هو قول فرعون: (( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين )) ولم يقل: لأسْجُنَنَّك. لأجل أن يُرهبه بأن عنده من هو مسجون، وأنه ليس يُعجزُنا أن نسجنَك، الحاصل أن مثل هذا يُقال من أجل أن يتذكر موسى عليه الصلاة والسلام أن هناك أناسا آمنين فيأمن أكثر. [باقي الشريط لم يفرغه المفرغ]
منها أنه من تعهد بشيء فإنه لا يشتغل بغيره حتى انتهائه منه، لقوله: (( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله )) ..... أن يقضي الأجل، وهذه قاعدة..... إذا اشتغل بشيء .... إلى غيره حتي يُنهي ... ما ... يبدأ بهذا ويبدأ بهذا إلى أن يضيع منه الوقت، وقد كانوا في الزمن السابق حتى في تعلم العلم يقولون:...........
وفيه أيضاً إثبات ...هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى قد يخصص المرء من ... ما يوصله إلى الكمال، ذلك أن رَعْي الغنم فيه مصلحة لرعاية الخلق فيما بعد، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه ما من نبي إلا رَعَى الغنم، فإذا كان الإنسان يتعود الرعاية ... مسؤولية الرعية فإن هذا فيه توطئة .... فيما بعد، المهم أن الله يقدر للإنسان من الأسباب ما يصل به إلى درجة الكمال.
ومنها أيضاً أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حتى قبل نزول الوحي مثل غيرهم من البشر ... بهذا بشرط .....
ويستفاد من هذه الآية من هذه الفائدة فائدتان ... الأولى أنهم لا يعلمون الغيب لو كانوا يعلمون الغيب ما ...... والفائدة الثانية أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً فإذا كانوا لا يملكون ضرا لأنفسهم فلغيرهم من باب
أولى، وهذا مصرح به (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك )) وقال الله تعالى لنبيه: (( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا * قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً )).
ومنها أيضاً أن الله تعالى إذا أراد أمراً هيأ أسبابه وأن الله لما أراد أن ... إلى نبيه موسى في ذلك المكان هيأ له أسباباً توصله إليه فضلاله في الطريق مفضية إلى النار هيأ الله له ... النار ... رءاها ...
ومنها أيضاً أنه ينبغي للإنسان ... أن يبقى... ولا ... لأنه قال لأهله: (( امكثوا )) ولا قال: امشوا وأنا ...، لأنه في هذه الحال لو أنهم مشوا يفطنوا إذا رجع؟ يضلوا وهذه عادة من الحزم أن الإنسان يبقى في المكان الذي فارقه فيه صاحبه، وانظر إلى قصة عائشة في الإفك لما جاءت ووجدت القوم قد ارتحلوا ... تنتظرهم لقيت .... لأنها علمت أنه إذا فقدوها سوف يرجعون، لكن لو ذهبت ... فستضل عنهم وهم إذا جاءوا لا يجدونها، هذا من الحزم أن الإنسان إذا .... أنه يبقى في مكان معين لا .... لكونه خارج عهده ( امكثوا).
وفيه أيضاً دليل على حسن معاملة موسى لأهله إذ جعل يتطلب لهم ما يُدَفِّيهم.... وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ).
ومنها أيضا من فوائد الآية: أنه ينبغي لمن أراد أمراً أن يخبر أهله عن وجهه، لأنه قال: (( لعلي آتــــيكم منها بخبر )).
خلافاً لما يفعله بعض الناس ... يعرف عنه شيء الأمور العادية ... نقول لا بأس ما يخبر أهل... لكن الأمور الخارجة ينبغي للإنسان أن يخبر أهله... ما من عادة ....