قال الله تعالى : << وإذا يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنآ إنا كنا من قبله مسلمين >> حفظ
(( وإذا يتلى عليهم )) القرآن (( قالوا آمنا به )) ما شاء الله (إذا يتلى قالوا) (إذا) -كما نعرف- شرطية وجواب الشرط متصل بفعله مباشرةً ولّا لا؟
الطالب: ...
الشيخ : جواب الشرط متصل بفعله مباشرة ولّا لا.
الطالب: (يتلى عليهم قالوا)
الشيخ : أسألكم هذا قاعدة عامة جواب الشرط يكون متصلاً بفعلِه مباشرة بمعنى أنه متى وُجِد فعل الشرط وُجِد جوابه، مو معنى الاتصال اللفظي الاتصال الوقوعي إذا وُجِد الشرط وُجِد المشروط نعم .. وطبعاً على حسب الحال يعني مو معناه أنه قد يكون فوراً قد يكون حتى في المستقبل فهنا يقول:(( إذا يتلى عليهم قالوا آمنا به )) (إذا يتلى) لم يقل: (إذا تُلِي) فمعنى ذلك أنه أيّ آية تتلى عليهم يقولون آمنا بها، ما آمنوا بالقرآن جملةً آمنوا بالقرآن تفصيلا، لأنَّ الفعلَ المضارع وش يدل عليه؟ يدُل على الاستمرار فكلَّ ما تُلِيَت عليهم آية آمَنُوا بها فزادتهم إيماناً (إذا يتلى عليهم) أي يقرأ عليهم (قالوا آمنا به) مع تردُّد ونظر وتفكير ولّا على طول يؤمنون؟
الطالب: على طول.
الشيخ : على طول لأن قلنا إن جواب الشرط يلي فعل الشرط مباشرةً (إذا يتلى) (قالوا آمنا به) أي بالذي تُلِي عليهم مِن القرآن قليلاً كان أو كثيراً، ثم بيَّنوا أن إيمانهم هذا عن اقتناع وعلى أساس (إنه الحق من ربنا) (إنه) أي ما تُلِي عليهم من القرآن، الحقُّ بمعنى الشيء الثابت الواقع الصادق خبراً العادل حكماً، وقولهم: (مِن ربنا) ولم يقولوا: مِن الله، لأن الرب هو الذي له التصرف المطلق فهو يتصرف بعباده شرعاً وقدراً فكأنهم يقولون إن ربنا لن يُخْلِيَنا مِن أن ينْزِل القرآن، وله الحكم والتصرف المطلق كوناً وشرعاً، وقولهم: (من ربنا) هذا إشارة إلى أنهم رضِى الله عنهم يفتخرون بانتسابهم إلى الله (مِن ربنا)، وقوله: (إنه الحق من ربنا) الجملة من حيث المعنى محلها مما قبلها؟
الطالب: تعليلية.
الشيخ : تعليلية يعني آمنا به لا لِأنه أعجبنا حسنه وبيانه وبلاغته ولكنّا آمنا به، لأنّه الحق من ربنا، فإذا قال قائل: إنه إذا كانت تعليلية فلماذا لا تُفتح الهمزة (أنه الحق من ربنا) لِأَنّ الجملة التعليلية على تقدير اللام، واللام إذا اتصلت ب(إن) وجب فتح همزتها فتقول: لِأن ذلك كذا ولا تقول: لإن ذلك كذا قال الله تعالى (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ))[المؤمنون:60] ولم يقل: إنهم إلى ربهم. فهنا لماذا لم تكن تعليلية؟ قلنا: الجملة التعليلية قد تكون تعليلية من حيث المعنى فقط يعني يلاحظ بها المعنى فقط، وقد تكون تعليلية يُلَاحظ فيها اللفظ مع المعنى فإن لُوحِظ معها اللفظ مع المعنى فإنها تُفتح الهمزة، لأنها على تقدير اللام، وإن لُوحِظ اللفظ فقط فإنها تُكْسر الهمزة، وهنا لُوحِظ ايش؟
الطالب: المعنى.
الشيخ : لوحظ المعنى فقط، ملاحظة المعنى وملاحظة اللفظ أيهما أوْلَى؟ نقول: لكل مقام مقال، فملاحظة المعنى فائدتها أن الجملة تكون من حيث اللفظ منقطعة عما قبلها فكأنها جملة خبرية مستقلة وكأنها منقطعة عن اللفظ لكن إفادة التعليل مِن السياق، وأما التعليلية اللفظية فإنا تكون مرتبطة بما قبلها، وإذا شئتم ذلك فاقرؤوا قول ابن مالك: ( فاكسر في الابتداء ) فهذا هو الفرق بين الجملة التعليلية التي قُصد بها اللفظ والمعنى، أو التي قصد بها المعنى فقط.
(( إنا كنا من قبله مسلمين )) من قَبْل ايش؟ من قبل القرآن (إنا كنا من قبله) أي من قبل القرآن (مسلمين) قال المؤلف: "موحدين" ولو أنه فسر الإسلام بظاهره لكان أولى، لأن الإسلام معناه الاستسلام والانقياد وأصله من عدم المعارضة والمحاربة ولهذا يُقال السِّلم والإسلام يعني معناه عدم المعارضة والمحاربة فكلمة (من قبله مسلمين) أي منقادين مذعنين للحق، وقولهم: (إنا كنا من قبله مسلمين) ليس المراد بذلك الفخر والإعجاب بالعمل قطعاً، لأن السياق سياق ثناء ولكن المراد بذلك الثناء على الله بِما كانوا عليه في الحالَين في الحال السابقة وفي الحال الثانية، في الحال الثانية (إذا يتلى عليهم قالوا آمنا به) والحالة الأولى (كانوا من قبله مسلمين) منقادين متبعين للرسول الذي جاء إليهم، طيب وش إعراب (مسلمين) خبر كان ولّا (مِن قبله) هو الخبر؟
الطالب: مسلمين.
الشيخ : إي مسلمين هو الخبر نعم، ولو تقدم .. الخبر، لأن الخبر ما تحصُل به الفائدة سواءٌ تقدم أو تأخر