قال الله تعالى : << إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشآء و هو أعلم بالمهتدين >> حفظ
ثم قال الله تعالى: (( إنك لا تهدي من أحببت )) قال المؤلف:" ونزل في حرصه صلى الله عليه وسلم على إيمان عمه أبي طالب"، أبو طالب هو أبو علي t وهذا العم آوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودافع عنه وناصره ولكن والعياذ بالله حِيل بينه وبين الإيمان بسبب ما كتب الله له من الشقاوة، وفيه حكمة عظيمة عدمُ إيمانه لأنه لو آمن ما تمكن من الدفاع الذي حصل منه للرسول صلى الله عليه وسلم إذ لو آمن لكان هو محلَ إيذاء للمشركين لكن لمَّا بقي على ملتهم كانوا يحترمونه بعض الاحترام فكان في بقائه على الكفر مِن حكمة الله ما هو ظاهرٌ، وإلا ما استطاع أن يحمي الرسول عليه الصلاة والسلام تلك الحماية، وهذا الرجل له فضل على الإسلام بسبب دفاعه عنه ولهذا أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يشفع له، مع أن غيره من الكفار ما يمكن يشفع لأحد، ما شُفِع ولن يُشْفَع لأحد من الكفار إلا هذا الرجل، لما له من الفضل على الإسلام من حماية الرسول صلى الله عليه وسلم والدفاعِ عنه، ولكن الشفاعة هذه ما نفعته نفعاً كاملاً يعني ما يمكن تنفعه ... إنما نفعته أنه كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه وهو يرى أنه أشد أهل النار عذابا وهو أهونهم والعياذ بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) لولا أنا يعني أني شفعت له أو أنه أيضا عمِل ما عمِل في حماية الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا العم حرص النبي عليه الصلاة والسلام غاية الحرص على أن يؤمنَ، حتى إنه في سياق الموت يقول له: يا عم قل: لا إله إلا الله. كلمةً أحاجَّ لك بها عند الله، فكان يقول آخر ما قال: إنه على ملة عبد المطلب. والعياذ بالله وأنه لن يدع طريقة الأشياخ، الأشياخ الكبار أهل الجاهلية.
الطالب:.....
الشيخ : نعم عنده رجلان من المشركين يلقنانه: أترغب عن ملة عبد المطلب. فكان والعياذ بالله خُتِم له بخاتمة الشقاء فلم تنفعه هذه المحاولة من الرسول صلى الله عليه وسلم، ندِم النبي عليه الصلاة والسلام على هذا الأمر وقال: ( لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك ) فنُهِي عنه وقيل له: (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ))[التوبة:113] أما بالنسبة لندمِه على عدم إيمانه فسلاه الله تعالى بهذا الأمر(( إنك لا تهدي من أحببت )) هدايتَه (إنك) يا محمد -الخطاب له- له وغيرُ الرسول من باب أولى إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أشرف الخلق عند الله وأعظمهم جاهاً ما يستطيع أن يهدي أحداً فكيف يستطيع غيره، وقوله (لا تهدي) المراد بالهداية هنا هداية التوفيق بمعنى: لا تضَعُ الهداية في قلوب الناس، وليست هدايةَ الدلالة والإرشاد فإنّ هداية الدلالة والإرشاد ثابتة للرسول عليه الصلاة والسلام، لقوله تعالى: (( وإنك لتهدِي إلى صراط مستقيم )) ولكنّ هداية التوفيق وهي إلقاءُ الهدى في القلوب هذا لِمَن؟ هذا لله سبحانه وتعالى وحدَه وقوله: (إنك لا تهدي من أحببت) المؤلف قدّره بقوله: "هدايته" (من أحببت هدايته) والصواب: من أحببته. لماذا عدل المؤلف إلى (أحببت هدايته)؟ قال لأن الرسول لا يمكن أن يحب أبا طالب وهو كافر فإن المؤمن ما يُحِب الكافرين، ولكننا يقول: الحب الطبيعي هذا لا ينافي الإيمان فالإنسان يحب مثلاً قريبَه ولو كان كافراً لكنَّها محبة طبيعية كما تُحِب الأم ولدها، نعم المحبة الدينية هذه لا تجوز بين المؤمن والكافر (( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ )) أيضاً المؤلف يقول: "من أحببت هدايته" في الحقيقة لو أننا حملناها على ما قال المؤلف لكان هذه تعم كلَّ الناس، لأن الرسول يحِب أن يهدي كلَّ الناس مو بس أبا طالب، لكن (من أحببته) هذا يختص بأبي طالب مثلاً أو غيره من أقاربه، أيضاً لو أننا قلنا كما قال المؤلف لكان في الآية إضمار ايش الإضمار على تفسير المؤلف؟
الطالب: إضمار الهداية.
الشيخ : إضمار الهداية، لأن الأصل في ضمير الصلة أن يعود إلى نفس الصلة و(إنك لا تهدي مَن) (مَن) هذا اسم موصول يعود على مَن؟ على أبي طالب، وعائد الصلة يعود على نفس الصلة، وبهذا تبيَّن أن الراجح من (أحببته) من وجوه ثلاثة وجه معنوي ووجهان لفظيان: الوجه المعنوي أنّ الآية نزلت أبي طالب ولو قلنا: (من أحببت هدايته) لكانت؟
الطالب: عامة.
الشيخ : عامة، ووجهان لفظيان أننا إذا قدرنا (هدايته) لزم أن يكون في الآية شيء محذوف، والأصل عدم الحذف، والوجه الثاني من الوجهين اللفظيين أن عائد الصلة يعود إلى ايش؟
الطالب: إلى الصلة.
الشيخ : لا مو إلى الصلة عائد الصلة يعود إلى الموصول، فإذا عاد إلى (من) في قوله: (من أحببت) صار المراد: مَن أحببته هو، وأما ما لاحظ المؤلف فيما يظهر لي أن المؤلف لاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يحب أبا طالب، فالجواب عليه أنّ المحبة نوعان: محبة طبيعية ومحبة شرعية، فالمحبة الطبيعية لا تنافي المحبة الشرعية قد تجتمع معها وقد تنفرد، فإذا كان المؤمن قريباً لك اجتمع فيه؟
الطالب: المحبتان.
الشيخ : المحبتان، وإذا كان بعيداً منك وُجِد فيه محبة واحدة وهي الشرعية، وإذا كان قريباً وهو غير مؤمن ففيه محبة واحدة وهي المحبة الطبيعية،
(( إنك لا تهدي من أحببت )) لِمَن الهداية إذاً (( ولكن الله يهدي من يشاء )) يهدي هداية ايش؟
الطالب: هداية توفيق.
الشيخ : هدايةَ توفيق (( من يشاء )) أي من يشاء أن يهديه .. نقول: من يشاء هدايته، لقوله: (يهدي من يشاء) وقوله: (يهدي من يشاء) عَلَّق الفعل بالمشيئة (يهدي من يشاء) وكلُّ فعل يعلقه الله بالمشيئة من أفعاله فإنه مقرونٌ بالحكمة إذ أنّ أفعالَ الله كلَّها مبنية على الحكمة، إذاً (من يشاء) هدايته ليس الأمر اعتباطياً، ولكنَّ الأمر على حكمة (( إن ربي على صراط مستقيم )) ما يهدي من يهدي إلا وهو أهل للهداية، قال الله تعالى: (( الله أعلم حيث يجعل رسالته )) وكذلك هو أعلم حيث تكون هذه الرسالة، فمن كان أهلاً للرسالة أُرْسِل ومن كان أهلاً للقيام بواجب الرسالة هُدِي لذلك، فإذاً الإطلاق في قوله: (يهدي من يشاء)؟ على وجه الحكمة. قال: (( وهو أعلم بالمهتدين )) قال المؤلف: "أي عالمٌ بالمهتدين" غريب المؤلف ذكَرْنا أننا ننتقض المؤلف ننتقِضُه من وجهين: الوجه الأول أن هذا تحريف للقرآن ولّا لا؟ حيث حوَّل (أعلم) الدال على الكمال في العلم والأفضلية فيه إلى (عالِم) الذي لا يمنعُ مشاركةَ غيره له في هذه الصفة أليس كذلك؟ فأنا أقول: محمد عالم وزيد عالم وبكر عالم إلى آخره ولّا لا؟ لكن لو قلت مثلاً: زيد أعلَم. معناه أنه ما ساواه أحد في علمه، المؤلف الآن حرَّف القرآن حيث ايش؟ حيث فَسَّر (أعلم) ب(عالم) وفَسَّر ما يَدُل على الكمال بما يدُل على المشاركة، الوجه الثاني أننا نقول: إنَّ وصف الله بأنه (أعلم) أكمل من وصفه بأنه عالم، أكمل بلا ريب، فما الذي يمنع أن نقول أكمل وكأنه يريد أنه يقول: ما يمكن أن نقول: أن الله أعلم. فنجعل لله مشاركاً في العلم، فنقول: ما جعلت لله مشاركاً مساوياً جعلت لله مشاركاً نازلاً عن علم الله، فالله أعلم لكن إذا قلت: أن الله عالم. جعلتَ لله عِلما قد يساويه غيره فيه، فالصواب أن (أعلم) اسم تفضيل وأنها على بابها وقوله: (أعلم بالمهتدين) (بالمهتدين) فعلاً أو بمن يستحق أن يكونَ من المهتدين، إذا قلنا: (ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) أو بِمَن هو قابل للهداية، لأن الكلام الآن على إنشاء الهداية في قلب المرء (وهو أعلم بالمهتدين) ما معناها الذين اهتدوا بل أعلم بِمَن يستحق أن يقبل الهدى، ولهذا فسره بعضهم بالمهتدين في علم الله أي مَن علِم الله أنهم سيكون مهتدين، فعلى كل حال المهتدي معناه: مَن كان قابلا للهداية، ومعناه من اهتدى بالفعل، والمراد بالآية الأول ولا الثاني؟ الأول يعني: أعلم بمن يقبَل الهداية فيهديه نعم، (وهو أعلم بالمهتدين) طيب المهتدين هنا الذين اهتدوا بمعنى قَبِلوا الهُدى وتمسكوا به، الجمع بين هذه الآية وبين الآية التي أشرنا إليها قبل قليل (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )) أن المُثبت غير المنفي ولّا لا؟ (وإنك لتهدي إلى صراط) (إنك لا تهدي من تحب) فنقول: (إنك لتهدي إلى صراط مستقيم) المراد بها هداية الدَلالة كقوله تعالى: (( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى )) هديناهم معناه: دَلَلناهم على الهدى ولكنهم -والعياذ بالله- استحبوا العمى عليه فلم يهتدوا، وأما الهداية هنا فهي هداية التوفيق وهذه ليست لأحد ما هي إلا لله سبحانه وتعالى، طيب هذه الآية في الحقيقة نستفيد منها أنّ الإنسان إذا جَدَّ واجتهد في دعوة الناس إلى الهُدى فلم يهتدوا فإن عليه أن يتسلى بهذه الآية وهي: (( إنك لا تهدي من أحببت )) وإلا كثير من الناس الآن عندهم أقارب إما معهم في البيوت أو خارج البيوت يدعونهم إلى الهدى فلا يهتدون فنقول الحمد الله أنَّ الله سبحانه وتعالى بَيَّن أن هذا الأمر ليس إلينا إنما هو إليه، إن اهتدوا فلهم ولنا ثواب دلالتهم، وإن لم يهتدوا فلنا ثواب الدلالة والدعوة وعليهم وزر الغَيّ نعم
الطالب:.....
الشيخ : نعم عنده رجلان من المشركين يلقنانه: أترغب عن ملة عبد المطلب. فكان والعياذ بالله خُتِم له بخاتمة الشقاء فلم تنفعه هذه المحاولة من الرسول صلى الله عليه وسلم، ندِم النبي عليه الصلاة والسلام على هذا الأمر وقال: ( لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك ) فنُهِي عنه وقيل له: (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ))[التوبة:113] أما بالنسبة لندمِه على عدم إيمانه فسلاه الله تعالى بهذا الأمر(( إنك لا تهدي من أحببت )) هدايتَه (إنك) يا محمد -الخطاب له- له وغيرُ الرسول من باب أولى إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أشرف الخلق عند الله وأعظمهم جاهاً ما يستطيع أن يهدي أحداً فكيف يستطيع غيره، وقوله (لا تهدي) المراد بالهداية هنا هداية التوفيق بمعنى: لا تضَعُ الهداية في قلوب الناس، وليست هدايةَ الدلالة والإرشاد فإنّ هداية الدلالة والإرشاد ثابتة للرسول عليه الصلاة والسلام، لقوله تعالى: (( وإنك لتهدِي إلى صراط مستقيم )) ولكنّ هداية التوفيق وهي إلقاءُ الهدى في القلوب هذا لِمَن؟ هذا لله سبحانه وتعالى وحدَه وقوله: (إنك لا تهدي من أحببت) المؤلف قدّره بقوله: "هدايته" (من أحببت هدايته) والصواب: من أحببته. لماذا عدل المؤلف إلى (أحببت هدايته)؟ قال لأن الرسول لا يمكن أن يحب أبا طالب وهو كافر فإن المؤمن ما يُحِب الكافرين، ولكننا يقول: الحب الطبيعي هذا لا ينافي الإيمان فالإنسان يحب مثلاً قريبَه ولو كان كافراً لكنَّها محبة طبيعية كما تُحِب الأم ولدها، نعم المحبة الدينية هذه لا تجوز بين المؤمن والكافر (( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ )) أيضاً المؤلف يقول: "من أحببت هدايته" في الحقيقة لو أننا حملناها على ما قال المؤلف لكان هذه تعم كلَّ الناس، لأن الرسول يحِب أن يهدي كلَّ الناس مو بس أبا طالب، لكن (من أحببته) هذا يختص بأبي طالب مثلاً أو غيره من أقاربه، أيضاً لو أننا قلنا كما قال المؤلف لكان في الآية إضمار ايش الإضمار على تفسير المؤلف؟
الطالب: إضمار الهداية.
الشيخ : إضمار الهداية، لأن الأصل في ضمير الصلة أن يعود إلى نفس الصلة و(إنك لا تهدي مَن) (مَن) هذا اسم موصول يعود على مَن؟ على أبي طالب، وعائد الصلة يعود على نفس الصلة، وبهذا تبيَّن أن الراجح من (أحببته) من وجوه ثلاثة وجه معنوي ووجهان لفظيان: الوجه المعنوي أنّ الآية نزلت أبي طالب ولو قلنا: (من أحببت هدايته) لكانت؟
الطالب: عامة.
الشيخ : عامة، ووجهان لفظيان أننا إذا قدرنا (هدايته) لزم أن يكون في الآية شيء محذوف، والأصل عدم الحذف، والوجه الثاني من الوجهين اللفظيين أن عائد الصلة يعود إلى ايش؟
الطالب: إلى الصلة.
الشيخ : لا مو إلى الصلة عائد الصلة يعود إلى الموصول، فإذا عاد إلى (من) في قوله: (من أحببت) صار المراد: مَن أحببته هو، وأما ما لاحظ المؤلف فيما يظهر لي أن المؤلف لاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يحب أبا طالب، فالجواب عليه أنّ المحبة نوعان: محبة طبيعية ومحبة شرعية، فالمحبة الطبيعية لا تنافي المحبة الشرعية قد تجتمع معها وقد تنفرد، فإذا كان المؤمن قريباً لك اجتمع فيه؟
الطالب: المحبتان.
الشيخ : المحبتان، وإذا كان بعيداً منك وُجِد فيه محبة واحدة وهي الشرعية، وإذا كان قريباً وهو غير مؤمن ففيه محبة واحدة وهي المحبة الطبيعية،
(( إنك لا تهدي من أحببت )) لِمَن الهداية إذاً (( ولكن الله يهدي من يشاء )) يهدي هداية ايش؟
الطالب: هداية توفيق.
الشيخ : هدايةَ توفيق (( من يشاء )) أي من يشاء أن يهديه .. نقول: من يشاء هدايته، لقوله: (يهدي من يشاء) وقوله: (يهدي من يشاء) عَلَّق الفعل بالمشيئة (يهدي من يشاء) وكلُّ فعل يعلقه الله بالمشيئة من أفعاله فإنه مقرونٌ بالحكمة إذ أنّ أفعالَ الله كلَّها مبنية على الحكمة، إذاً (من يشاء) هدايته ليس الأمر اعتباطياً، ولكنَّ الأمر على حكمة (( إن ربي على صراط مستقيم )) ما يهدي من يهدي إلا وهو أهل للهداية، قال الله تعالى: (( الله أعلم حيث يجعل رسالته )) وكذلك هو أعلم حيث تكون هذه الرسالة، فمن كان أهلاً للرسالة أُرْسِل ومن كان أهلاً للقيام بواجب الرسالة هُدِي لذلك، فإذاً الإطلاق في قوله: (يهدي من يشاء)؟ على وجه الحكمة. قال: (( وهو أعلم بالمهتدين )) قال المؤلف: "أي عالمٌ بالمهتدين" غريب المؤلف ذكَرْنا أننا ننتقض المؤلف ننتقِضُه من وجهين: الوجه الأول أن هذا تحريف للقرآن ولّا لا؟ حيث حوَّل (أعلم) الدال على الكمال في العلم والأفضلية فيه إلى (عالِم) الذي لا يمنعُ مشاركةَ غيره له في هذه الصفة أليس كذلك؟ فأنا أقول: محمد عالم وزيد عالم وبكر عالم إلى آخره ولّا لا؟ لكن لو قلت مثلاً: زيد أعلَم. معناه أنه ما ساواه أحد في علمه، المؤلف الآن حرَّف القرآن حيث ايش؟ حيث فَسَّر (أعلم) ب(عالم) وفَسَّر ما يَدُل على الكمال بما يدُل على المشاركة، الوجه الثاني أننا نقول: إنَّ وصف الله بأنه (أعلم) أكمل من وصفه بأنه عالم، أكمل بلا ريب، فما الذي يمنع أن نقول أكمل وكأنه يريد أنه يقول: ما يمكن أن نقول: أن الله أعلم. فنجعل لله مشاركاً في العلم، فنقول: ما جعلت لله مشاركاً مساوياً جعلت لله مشاركاً نازلاً عن علم الله، فالله أعلم لكن إذا قلت: أن الله عالم. جعلتَ لله عِلما قد يساويه غيره فيه، فالصواب أن (أعلم) اسم تفضيل وأنها على بابها وقوله: (أعلم بالمهتدين) (بالمهتدين) فعلاً أو بمن يستحق أن يكونَ من المهتدين، إذا قلنا: (ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) أو بِمَن هو قابل للهداية، لأن الكلام الآن على إنشاء الهداية في قلب المرء (وهو أعلم بالمهتدين) ما معناها الذين اهتدوا بل أعلم بِمَن يستحق أن يقبل الهدى، ولهذا فسره بعضهم بالمهتدين في علم الله أي مَن علِم الله أنهم سيكون مهتدين، فعلى كل حال المهتدي معناه: مَن كان قابلا للهداية، ومعناه من اهتدى بالفعل، والمراد بالآية الأول ولا الثاني؟ الأول يعني: أعلم بمن يقبَل الهداية فيهديه نعم، (وهو أعلم بالمهتدين) طيب المهتدين هنا الذين اهتدوا بمعنى قَبِلوا الهُدى وتمسكوا به، الجمع بين هذه الآية وبين الآية التي أشرنا إليها قبل قليل (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )) أن المُثبت غير المنفي ولّا لا؟ (وإنك لتهدي إلى صراط) (إنك لا تهدي من تحب) فنقول: (إنك لتهدي إلى صراط مستقيم) المراد بها هداية الدَلالة كقوله تعالى: (( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى )) هديناهم معناه: دَلَلناهم على الهدى ولكنهم -والعياذ بالله- استحبوا العمى عليه فلم يهتدوا، وأما الهداية هنا فهي هداية التوفيق وهذه ليست لأحد ما هي إلا لله سبحانه وتعالى، طيب هذه الآية في الحقيقة نستفيد منها أنّ الإنسان إذا جَدَّ واجتهد في دعوة الناس إلى الهُدى فلم يهتدوا فإن عليه أن يتسلى بهذه الآية وهي: (( إنك لا تهدي من أحببت )) وإلا كثير من الناس الآن عندهم أقارب إما معهم في البيوت أو خارج البيوت يدعونهم إلى الهدى فلا يهتدون فنقول الحمد الله أنَّ الله سبحانه وتعالى بَيَّن أن هذا الأمر ليس إلينا إنما هو إليه، إن اهتدوا فلهم ولنا ثواب دلالتهم، وإن لم يهتدوا فلنا ثواب الدلالة والدعوة وعليهم وزر الغَيّ نعم