قال الله تعالى : << والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون >> حفظ
(( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم )) بعمل الصالحات (( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ )) بمعنى حَسَن ونصفه بنزع الخافِضِ الباء (( الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (5) )) وهو الصالحات " قوله: (( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )) هذا في مُقَابِل (( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا ))[العنكبوت:4] أما هنا فيقول: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )) والإيمان كما تقرر كثيرًا هو التصديق مع القبول والإذعان وليس مُجرَّد التصديق، وقولُه: (( وعملوا الصالحات )) هذا في أعمَالِ الجوَارح فالإيمانُ في القلب وعملُ الصالحات في الجوارِح، والعمل يتناوَلُ الفعل والقول ولهذا ليس قَسِيمًا للقول كما يظُنُّه بعض الناس فيقول: قول وعمل، بل إن قسيمَ القول هو الفعل، أمَّا العمل فإنَّه يشمل القول ويشمل الفعل أيضًا، ف(عملوا الصالحات) إذًا يتناول الأفعال مثل الركوع والسجود والصلاة والقيام والقعود فيها، ويتناول الأقوال كقراءة القرآن والتكبير والتحميد وغير ذلك وقوله: (( الصالحات )) يعني الأعمال الصالحة فهو صفة لموصوف محذوف تقديره: الأعمال الصالحات، والعملُ الصالح هو الذي جمع كم شرط؟ مَن يعرِف؟ تعرِف يا عبد الله؟ حسين؟
الطالب: ..
الشيخ : نعم صحيح جمَع شرطين العمَل الصالح هو الذي جمعَ شرطين هما: الإخلاص والمتابعة، فالإخلاص يعني أن تقصدَ بعملك وجه الله سبحانه وتعالى والدار الآخرة، والمتابعة أن تكونَ في ذلك متبعًا للنبيِ صلى الله عليه وسلم، ضِدُّ الأول الإشراك وضدُّ الثاني البدعة فلا تكون مشركًا ولا مبتدعًا، ((الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم )) هنا قال: (( لَنُكَفِّرَنَّ )) والجملة جوابٌ لقسم مقدر تقديره: والله لنكفرن فهي إذًا مؤَكَّدَةٌ بثلاث مؤكدات القسَم واللام والنون، وقوله: (( لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم )) التكفِير بمعنى السَّتْر ومنه الكُفُرَّا هي القشرة التي تسْتُر طَلْعَ النخْلة فمعنى نُكَفِّر عنهم سيِّئَاتهم أي نسترُها والمراد بالستْر لازمُه وهو العفو، لكن (( لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم )) بماذا؟ بإيمانِهم وعملهم الصالح لأنَّ الإيمان يهدِمُ ما قبله والعمل الصالح يقول الله فيه: (( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ))[النساء:31] نعم؟
الطالب: .....؟
الشيخ : أي هذه سترُها لأننا قلنا: الكفْر هو الستر
الطالب: ...
الشيخ : نعم صحيح ومنه (( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ )) لأنَّها مأخُوذة مِن التغطية، وتغطية السيئات معناها إزالَتُها وعدم المؤاخذة عليها.
وقوله : (( لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِم )) قال المؤلف: "
بعمَل الصالحات " فأعمالُهم الصالحة تكون مكفرةً للسيئات قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الصلوات الخمس والجمعةُ إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرَاتٌ لِمَا بينهن ما اجْتُنِبَتِ الكبائر ) وقال صلى الله عليه وسلم: ( العمرةُ إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما ) فالأعمال الصالحة تكون بمنزلة الغِلَاف على الأعمال السيئة حتى لا يظهر لها أثَر، قال: (( لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ )) (( لَنَجْزِيَنَّهم )) الجزاء بمعنى المكافأة على الشيء، وقولُه: (( لنجزينهم )) يقال فيها بالنسبة للتوكيد ما قيل في قوله: (( لَنُكَفِّرَنَّ ))، وقولُه: (( أحسن )) قال المؤلف: " بمعنى حَسَن " وكأنَّه فر مِن إشكال قد يُورَد وهو أنَّه الآية تدُلُّ على أنهم يُجزَون أحسنَ الذي كانوا يعملون طيب والحسن يعني العمل الصالح حسنٌ وأحسن، فإذا كانت الآية أحسن ما كانوا يعملون معناه أنَّ الحسَن يجازون عليه ولَّا لا؟ ما يُجَازَوْن ولهذا أوَّلَ المؤلف (أحسَن) بمعنى (حسَن) حَسَنَ ما كانوا يعملون، ولكن نحن نرى أنه لا حاجة إلى التأويل وأن ما دلَّت عليه الآية أولى مما قدَّره المؤلف وهو أن الله يقول لنجزينَّهم أحسنَ جزاءِ الذي كانوا يعملون فهي على تقدير محذوف: لنجزينَّهم أحسنَ جزاءٍ نعم، وأحسنُ الجزاء بينه الله سبحانه وتعالى في قوله: (( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ))[الأنعام:160] وقال تعالى: (( مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ))[البقرة:261] فهذا الجزاء أحسنُ الجزاء ولَّا لا؟ أحسن جزاء لأَنَّ الجزاء غايتُه أن يكونَ مثلَ ما فعلَ الفاعل لكن هنا يُجازَى بأحسن وأعظم، وعلى هذا فيكون (أحسن) ليس منصوبًا بنزعِ الخافض كما قال المؤلف: " ونصبُه بنزع الخافض الباء " بل هو مفعولٌ ثانٍ لقولِه (نجزي) والمفعول الأول هو الهاء، والنون في قوله: (( لنجزينهم )) للتوكيد هذا هو معنى الآية الكريمة يعني أنَّ الله وعدَهم بأمرَيْن بتكفِير السيئات بالأعمال الصالحة، وبالجزاءِ على هذه الأعمال .. أحسن الجزاء، أحسنَ جزاء يُعطَوْن وذلك أن تكون الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وقوله: (( أحسن الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[العنكبوت:7] يقول المؤلف: " وهو الصالحات " فهذه الأعمال الصالحة التي يعملونها يجازيهم الله عليها أحسن جزاءٍ يُجازَوْن به