فوائد قوله تعالى : << وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين >> حفظ
ثم قال تعالى: (( وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[العنكبوت :18] يُسْتَفَادُ مِن هذه الآية تحدِيدُ المـُكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم لقوله: (( فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ )) وقد علِمُوا ما جرَى لهم فعلى هذا يكون في ذلك تهدِيدٌ لهؤلاء المكَذِّبِين للرسول عليه الصلاة والسلام.
ومن فوائدها أيضًا أنَّ الرُّسُل يجِبُ عليهم الإبلاغ لقولِه: (( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ )) (على) تفيدُ الوجوب قال الله تعالى: (( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ))[آل عمران :97] يعني واجب، فت(على) إذا قيل على فلان كذا وكذا فإنها تفيد الوجوب، فإذًا يستفاد مِن الآية وجوب الإبلاغ على مَن؟ على الرسل.
ومِن فوائدها أنه لا يجِب عليهم هداية الخلق أو لا؟ نعم، ما عليهم إلا البلاغ أمَّا الهداية فإلى الله عز وجل وكذلك الحساب على الله عز وجل (( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ))[الرعد :40].
ومِن فوائدها وجوب الإبلاغ على أهل العلم مِن أين تؤخذ؟
الطالب: وما على الرَّسُول إلا البَّلاغ
الشيخ : والعلماء ورثَةُ الأنبياء فيجِب عليهم الإبلاغ كما يجِبُ على الرسل.
ومنها أنَّ القرآن مُتَضَمِّنٌ لجميعِ الأحكام العقِيدِيَّة والعملية وأنَّه أتَى بذلك على أكمَلِ وجْه وأبْيَنِه لقوله: (( إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) لِكُلِّ ما أرسل به لأَنَّه رسول فعليه البلاغ المبين لكل ما أرسل به، والنبي عليه الصلاة والسلام أرسل بعقائِد صحيحة سليمة وبأعمال قويمة وبأقوال مُسْتَقِيمَة، وعلى هذا فنَقُول مِن هذه الآية نستَدِلُّ بهذه الآية على أنَّ جميع الشريعة بَيِّنَة مُكَمَّلَة واضِحَة فنَرُدُّ به على جميع أهل البدع كل أهل البدع نرُدُّ بذلك عليهم لأنَّ أهل البدع يستلْزِمُ قولُهم ألَّا يكون النبي عليه الصلاة والسلام بَلَّغ البلاغ المبين، مثلًا الذين ينكرون حقيقة استواء الله على عرشه يقولون: معنى الاستواء الاستيلاء على العرش. هؤلاء تُكَذِّبُهُم هذه الآية لو كان المراد بالاستواء الاستيلاء لكان يأتي هذا المعنى ولو في آية واحدة، وكم آيات الاستواء في القرآن؟ سبْع آيات ما جاء ولا آية واحدة يقول الله فيها: استولى على العرش، فنقول: أنتم كاذبون تُكَذِّبكُم هذه الآية واضح؟ وكذلك بقية الشبهات التي يحتَجُّ بها أهل التعطيل أو أهل التمثيلِ أيضًا حتى أهلُ التمثيل الذين يقولون: نعم إن الله استوى على عرشه حقيقَة لكن استوائَه كاستواءِ المخلوق على المخْلُوق كاستواء المـَلِك على عرش الـمُلْك وما أشبه ذلك "نقول هؤلاء أيضًا يكذبهم قوله تعالى: (( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) لأنَّ الرسول بلَّغ البلاغ المبين وقد أتانا من بيانِه قوله تعالى: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ))[الشورى :11]، نعم لو قال قائل: يُوجَد وقائع الآن تقع ما نرى لها ذكرًا في القرآن ولا في السنة فما هو الجواب على هذه الآية؟ أو لا؟ أليس يجرِى وقائع وقعَت وتقع ليس لها ذكرٌ في الكتاب ولا في السُّنَّة؟ .... نعم نقول هي مُبَيَّنَة ببيان الجنس يعني مو بلازم أنَّ القرآن يأتي بكل فرْد أو السنة تأتي بكل فرد لأنَّ أفراد القضايا ما لها حصْر ما ظنكم لو أن الله سبحانه وتعالى ذكرَ في القرآن كلَّ قضية تأتي إلى يوم القيامة كم يكون القرآن من مجلد؟ مجلدات ما لها حصر، لكنَّنا نقول هذه الأفراد أفراد هذه المسائل موجودةٌ بأجناسها وعلَلِها وقواعِدِها كما قال الأخ عُمَر يعني إمَّا أن تكون بالقياس وإمَّا أنَّها مسكوت عنها والسكوت في مقام البَيَان بيان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما سكَتَ عنه فهو عَفْوٌ ) المهم أنَّنا نقُول ما مِن قَضِيَّةٍ تقع إلا وحُكمُها موجودٌ في القرآن أو السنة باعتبارها فردًا ولَّا باعتبارها جِنسًا؟ باعتبارها جِنسًا فجِنس هذه القضية موجود في القرآن إمَّا بقاعدة عامة أو بقياس صحيح أو ما أشبه ذلك، لكن الخلل والنقص يأتي مِن واحدٍ مِن أمور: إمَّا قِلَّةٍ في العلم يكون الإنسان ما عنده علم والخلل هنا من أين؟ مِن الإنسان، إنسان ما أحاط بالسنة، القرآن يحيط به الإنسان لكن السنة ما يمكن يحيط بها الإنسان يُوجَد أحاديث تأتي على الإنسان ما كانَت تدُور به في ذهنه.
وإمَّا بقصُورٍ في الفهم يكون الإنسان عنده عِلْم لكنَّ فَهْمَه قاصِر ولا يكون ينوم أيضًا مثل بعض الناس اللي ينامُون في الدرس يكون عنده قُصُور في الفهم نعم، ولاحظوا أنَّ اختلاف الناس في الفهم أكثر وأعظَم مِن اختلافِهم في العلم، يُوجَد بعض الناس يستنبِط مِن دليلٍ واحد عدة مسائل، وآخر ما يستنبط إلَّا مسألة أو مسألتين.
ثالثًا مِن أسباب عدم معرفة الحق مِن القرآن والسنة أن يكون عند الإنسان سُوءُ قَصْد بحيث لا يُرِيدُ الحق -والعياذ بالله- ما يريد إلا أن ينتصرَ قوله فإنَّ هذا والعياذ بالله يُحَالُ بينه وبين الوصول إلى الصواب والمعرفة الحق لأنَّه لا يريده، هذه أسباب ثلاثة، السبب الرابع المعاصي فإن المعاصي ذُلٌّ وظُلْمَة تُوجِب أن يُحَال بين الإنسان وبين الوصول إلى الحق مِن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل إنَّ المعاصي تُوجِبُ نسيان الموجود نعم كما تمنَعُ وُجُود المحفوظ قال الله تعالى: (( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ))[المائدة :13] إذًا هذه أسباب أربعة كُلها تحُول بين الإنسان وبين الوصول إلى معرفة حكم الله الذي في الكتاب والسنة، أمَّا نفسُ الكتاب والسنة فإنَّها لاشكَّ أنها محيطةٌ بجميع القضايا إلى يوم القيامة يعني هذا الكتاب إلى يوم القيامة، وأما قولُ مَن قال مِن أهل العلم وهو مِن أعجب ما يكون: "
إنَّ الكتاب والسنة ليس فيها إلا حكم القليل من القضايا " حتى إن بعضهم يزعم إنه ما في القرآن والسنة إلا نحو عُشْر القضايا " هذا خطأٌ عظيم ولهذا قال الله تعالى في القرآن: (( وَأنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ )).
مِن فوائد الآية أنَّ الرسل أفصَحُ الخلق مِن أن تؤخذ؟ مِن قوله: (( إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ))[العنكبوت :18] المبين سواءٌ قلنا إنَّ المبين بمعنى بَيِّن أو بمعنى مُظْهِر والصواب أنَّها بمعنى مُظْهِر. أظُن انتهى؟ إلى هذا؟