قال الله تعالى : << قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الله الخلق ثم الله ينشئ النشأة الأخرة إن الله على كل شيئ قدير >> حفظ
(( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ))[العنكبوت :20] هذه الآية مع التي قبلها ربما يظهَر منها إشكال لأنَّ الأولى (( أولم يروا )) تقرِير لهم بأنَّهم يرون كيف يُبْدِئُ الله الخلق ثم يعيده، وهنا يقول: (( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ )) فَيَقْتَضِي أنَّهم حتى الآن لم يعلَمُوا كيف بدأَ الله الخلق، نقول: الجواب على ذلك أنَّهم وإن كانوا يرَوْن كيف بدَأَ الله الخلق لكنَّهم قد ينكِرُونَه فأمرَ الله تعالى نبيه أن يأمرَهم بالسيرِ في الأرض (( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ )) امشُوا في الأرض انظُروا ما تلِد الوحوش انظروا إلى الحشرات انظروا إلى مخْلُوقَاتِ الله سبحانه وتعالى كيف تَنْشَأُ هذه الأشياء؟ بدُون أن نرى لها خالقًا سوى الله عز وجل، نعم فهذا مِن باب إلزامِهم ولا سِيَّمَا إذا قلنا إنَّ الرؤية الأولى علمية مِن باب إلزامهم بما يشاهدونَه في الأرض بعد أن يسيروا فيها، وقوله: (( قل سيروا في الأرض )) هل المراد السَّيْر بالبدن أو بالسير بالقلب أو هما؟ هما جميعًا لأن الإنسان قد يسِير ببدنه ويطَّلِع على مخلوقات الله وقد يسِير بقلبه فيقرَأُ ما كُتِبَ عن مخلوقات الله أليس كذلك؟ ربما تقرَأ كتاب عن الحيوانات أو غيرها وأنت في مكانك في حجرتك وتكون قد اطَّلعت على ما في مشارق الأرض ومغاربها ويكون السير حينئذ بالقلب، فهو شامل للأمرين جميعًا ثم اعلم أيضًا أنَّ السير بالقدم لا ينفَع إذا لم يكن هناك سيْرٌ بالقلب واعتبار لو أن الإنسان ماجَ فِجَاجَ الأرض كلها وهو غافل ما استفاد مِن ذلك السير شيئًا بل لابد أن يكون هناك تَيَقُّظ واعتبار نعم.
الطالب:.... ؟
الشيخ : لا يعتبر سائرًا في الأرض بعلمه اللي هو محله وهو القلب، يصلُح هذا وهذا، لأن الآن لو نظرنا إلى السير في الأرض إلى واقعِه أيُّما أكثر بالقلْب أم بالقدم؟ بالقلب ما فيها إشكال بل إنَّ السير بالقدم إذا لم يُقْصَد به الاعتِبَار فإنَّه لا فائدةَ منه إذا لم يُقصَد به الاعتبار، فإذا قُصِدَ به الاعتبار عاد إلى كونه سيرًا بالقلب إلَّا أنه اجتمع السير بالقلب والقدم، (( فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ )) عندَنا (انظُرُوا كيف) وبالأول (( أولم يروا كيف )) ومعلومٌ أن (انظروا)و(يروا) أنَّها أفعال متعدية فأين مفعولُها؟
الطالب: ...
الشيخ : أين أبناءُ سيبويه؟! (كيف بدأ الخلق)؟ وكيف يُبْدِئُ الله الخلق؟ الفعْل الذي قبلَه يحتَاج إلى مفعول، يا أخْوَان مُعَلَّق بالاستفهام إِذَا جاء الاستفهام يُعَلِّق الفعل مُعَلَّق بالاستفهام نعم مثلًا (( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده )) (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق )) كلمة (كيف) هنا في موضع نصب على الحال وهي مُعَلِّقَةٌ الفعلَ عن العمل، وقد مَرَّ علينا هذا في ألفية ابن مالك في أي باب مِن أبواب النحو؟
الطالب: في باب ظن
الشيخ : في باب ظن وأخواتها " والتَزِمِ التعليق قبل نفْي مَا وإن " إلى آخره نعم، (( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)) لِمَن كان قبلَكم وأماتهم "