قال الله تعالى : << إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السمآء بما كانوا يفسقون >> حفظ
(( إنا منزلون )) بالتخفيف والتشديد (مُنْزِلُون) و(منَزِّلُون) (( على أهل هذه القرية رجزًا )) عذابًا (( من السماء )) " قوله: (رجزًا) قال المؤلف: عذابا" والرجز غير الرِّجْس، الرجزُ العذاب الرجس النَّجِس أمَّا الرجز بالزاي فهو العذاب، وقوله: (من السماء) هل المراد بالسماء السقْفُ المحفوظ أو العُلُو؟
الطالب: الأول
الشيخ : كيف ما هو الدليل؟ أكثر الاستعمالات أن السماء للسقف المحفوظ،
الطالب: العلو
الشيخ : العلو كثير والسماء أيضًا كثير، على كل حال هو سواءٌ قلنا أنَّه السقف المحفوظ وأن هذا العذاب نزل مِن السماء الدنيا أو قلنا: إن المراد به العلو فهو على كل حال قد أتاهم مِن فوق، وكونُه يأتي مِن فوق أشَدّ وأبْلَغ نعم لأَنّ ما يأتي مِن الفوق يكون عاليًا ومُحيطًا والعياذ بالله بخلاف الذي يأتي مِن أسفل فإنَّه لا يكون كذلك قال: (( رجزًا من السماء بما )) بِالفعل الذي (( كانوا يفسُقُون )) به أي بسَبب فِسْقِهم " غريب كلام المؤلف فيه شيء مِن التناقض البَاء في قوله: (بما) للسببية لا شك و(ما) أعرَبها على أنَّها اسْم موصول ثم قدَّرَها بالمصدر مما يدُلّ على أنَّه جعلها مصدَرِيَّة وهذا الغرائب نشُوف الآن إذا أعرَبْناه على التقدير الأول (بما) قال: بالفعل الذي فتكون (ما) اسمًا موصولًا صفةً لِموصوفٍ محذُوف تقديره بالفعل، الاسم الموصول كما تعرفون يحتاج إلى جملةٍ تكون صلته ويحتاج إلى عائد يربِط الجملة به، جملة الصلة قوله: (كانوا يفسقون) والعائد قدَّرَه بقوله: (به) " بما كانوا يفسقون به " وهذا خلاف المشهور عند النحويين مِن أنَّه إذا كان العائد مجرورًا فلابد أن يكون من أن موافقًا لاسم الموصول في نَوْع العامل وفي نوْع حرف الجر، نعم ما هو الشاهد مِن كلام ابن مالك في اشترَاط هذا الشيء؟
الطالب: الشاهد:
الشيخ : تعرف أصل المسألة؟
الطالب: .... كذا الذي جُرّ بما الموصول جر كمُرّ بالذي مررْتُ فهو بَر
الشيخ : نعم "
كذا الذي جُرّ بما الموصول جر كمُرّ بالذي مررْتُ
وهنا اختلف العامل فالصحيح أنَّ (ما) هنا مصدرية أي: بكونهم فاسقين أو بكونهم يفسقُون فهي مصدرية وليست موصولة، وقوله: (يفسقون) الفسق في الأصل الخروج عن الطاعة ومنه قولهم: فسقت الثمرة إذ خرجَت من قُشْرِها، وينقَسِم الفسق إلى قسمين: فسقٌ أكبر مخرِجٌ عن الملة وفسقٌ أصغر لا يخرِجُ من الملة والمصطلح عليه عند أهل العلم: الثاني إذا أطلَقَوا الفسق فإنَّما يريدون به ما لا يُخرِج من الملَّة، لكنه في القرآن ينقسم إلى هذين القسمين أي أنَّ الفسق يكون فسقًا أكبر مُخرجًا عن الملة ويكون فسقًا دون ذلك أصغَر لا يُخرج مِن الملة، لكنَّه بقسميه مخرج من العدالة الفاسق ليس بعَدْل، ما هو الشاهد مِن القرآن للفسق المخْرِج مِن الملة؟
الطالب: ...
الشيخ : (فِسْقًا) هنا مُخرِج مِن الملة بلا شك
الطالب: ...
الشيخ : وكذلك في قوله تعالى: (( وأمَّا الذين فسقوا فمأواهم النار )) في مقابِل (( فأمَّا الذين آمنوا ))، أما الفسق الذي لا يخرِج مِن الملة ففي مثل قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءَكم فاسِقٌ بنبأ فتبينوا ))، أما سبب الفسق وهو الخروج عن الطاعة فإنَّه قد يكون سببه تركَ واجب وقد يكون سببُه فعلَ محرم قد يكون سببُه ترك واحد كما لو ترَك الإنسان صلاة الجماعة فإنه يكون فاسقًا، لأنَّ الجماعة واجبة، وقد يكون سببُه فعل محرم كما لو حلَق الإنسان لحيته فإن حلْق اللحية محرم إلا أنَّ العلماء يقولون في المحرم: إن كان كبيرة فسَق بمجرَّد فعلِها إذا لم يتُب منها مجرَّد الفعل، وإن كان صغيرة لم يفسُق إلا بالإصْرَار عليها، طيب حلْقُ اللحية يفسُق به إذا فعلَه مرة واحدة؟
الطالب: ...
الشيخ : لا لكن إذا أصَرّ وصار كلما نبتَتْ حلَقَها صارَ فاسقًا.
الطالب: اللي ياخذ نصفها ...
الشيخ : يحلِق الذِّقْن ويبقي العوارض
الطالب: ..
الشيخ : لا فيه نص أنا رأيت إنسانًا حالق الذقن ومبقيًا العوارِض موجود، أي نعم ... المهِم على كلّ حال هذا حرام سواءٌ حلقَ العوارض وأبقَى الذقن أو حلَق الذقن وأبقى العوارض، لأن كثيرًا مِن الناس يظنُّون أنَّ اللحية هي الذقن والذَّقن ما هو اللِّحية الذَّقْن مجمَع اللحيَين لأنَّ اللحية هي منْبَت الأسْنَان وقد ذكَر في القاموس أيضًا أنَّ جميع شعَر الوجه هو اللحية، يعني قصيت شعر الخدين مِن اللحية، قصَّه يعني يقصُّه، على كُل حال ليس كالحلْق لكنَّه معصِيَة لأنَّ الرسُول قال: ( أعفوا اللحى ) خلاصة الأمْر الوُجوب فإذا أصَرَّ عليه صَار فاسقًا
الطالب: ....
الشيخ : أي ما هو بصحيح هو ليس بصحيح، الصحيح أنَّه نفس العذاب نزل مِن السماء كما في الآية الأخرى (( أرسلنا عليهم حاصبًا ))