تتمة تفسير قوله تعالى : << و إلى مدين أخاهم شعيبا فقال ياقوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الأخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين >> حفظ
اجتنابًا للنهي، وقوله: (( وارجوا اليوم الآخر )) قال: " اخشوه " ويحتمل أنَّ المعنى اطمعُوا بما فيه مِن الأجر والثواب فهو صالحٌ لهذا وهذا، وهو من أسماء الأضداد الذي يدُلّ على الشيء وعلى ضدِّه، وقوله: (( اليوم الآخر )) هو يوم القيامة وسُمِّي بالآخِر لأنَّه لا يومَ بعدَه إذ أنَّ الناس لهم أرْبَع مراحِل مرْحَلَة أُولَى في البطن، والمرحلة الثانية في الدنيا، والمرحلة الثالثة في القبور، والمرحلة الأخيرة متى؟ يوم القيامة ولهذا سُمِّي باليوم الآخر إذ أنَّه آخِرُ شيء آخر مرحلة تكُون لِلإنسان هو هذا اليوم فلِذلك سمي باليوم الآخر، (( ولا تعثوا في الأرض مفسدين )) لا تعثَوْا لا تُفْسِدوا وعلى هذا فـ(مفسدين) قال المؤلف فيها: " حال مؤكِّدَة لعاملِها " وش معنى مُؤكدة له؟ أي بمعناه، وهذا التأْكيد لفْظِي أو معنوي؟ عجيب!
الطالب: معنوي
الشيخ : ليش؟
الطالب: مو من ...
الشيخ : ليس مِن مادَّة الفعل لو قال: ولا تعثَوْا في الأرض عاثِين لكان لفظيًّا أمَّا هنا فإنه معنى لأنَّه أكده بالمعنى إذ أن العُثُوَّ يقول المؤلف: " مِن (عَثِى) بكسر المثَلَّثَة أفسَد " يقال عَثِى يعثَى كفرِح يفرَحُ أنتم ما تعرفون الأبْواب أبواب التصريف كم هي؟
الطالب: ثمانية
الشيخ : ستة، منها: باب فَعِلَ يَفْعَلُ كفرِحَ يفْرَح ورَضِي يرضَى وعَثِىَ على رأي المؤلف يعثَى ويجوز أن تكون مِن باب فَعَلَ يَفْعُلُ عَثَى يَعْثُو نعم وكلاهُما بمعنى أفسد ولهذا قال المؤلف " أفْسَد " وقوله: (( ولا تعثَوْا في الأرض مفسدين ) النهي هنا واضِح ولهذا جُزِم الفعل بحرف النون لا تعثَوا، لماذا يكُون الإفساد هل المرَاد الإفسادُ الحسي كهدم البناء وإفساد الأنهار وقطْعِ الأشجار ونحو ذلك أو أنَّ المراد الإفساد المعنوي أو كلاهما؟ كلاهُما فلَا يجوز الإفساد حتى في الأُمُور المادية ولهذا نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عن إِضَاعَةِ المال {ما هو هذا مكانك؟ ...} أقول: إنَّ الإفساد في الأرض يشمَلُ الإفساد بالمعاصي والإفساد الحِسِّي المادِّي نعم والدليل على هذا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهَى عن إضاعَة المال، وروى أبو داوود أنَّهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلوا أرضًا فنَهَاهم عن قطْعِ أشجارِها لأنَّها للاسْتِظْلَال فهو إفسادٌ لها، ما هي مقابلة هؤلاء القوم لِهذه الدعوة التِي تدعو إلى الخير وتنهى عن الشر؟ تدعو إلى الخير في قوله: (( اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر )) وتنهى عن الشر في قوله: (( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ))