قال الله تعالى : << فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوآ أنفسهم يظلمون >> حفظ
(( فكلًّا )) قال المؤلف:" مِن المذكورين " والمعروف المقدَّر فكلّ أحد لكن المؤلف منعَه مِن تقدير (أحد) أنَّ (كُلًّا) منونة وهو لا يُحب أن يغيِّر لفظ القرآن ولهذا قال: مِن المذكورين " والتنوين في (كل) هنا يقول النحويين: إنَّه تنوين عوضٍ عن كلمة، أي: فكلُّ واحد أو فكلُّ أحد، والتنوين كما هو معرُوف لكم وهو بحثه ما هو ب .. قد يكون عوض عن كلمة كما هنا، وقد يكون عوضًا عن حرف كما في (جوارٍ وغواش)، وقد يكون عوضًا عن جملة كما في (إذٍ) وأنتم حينئَذٍ ويومَئِذٍ وما أشبهَها، قال: (( فكلا أخذنا بذنبه )) يعني (كلا) مِن هؤلاء أخذَه الله عز وجل بذنبِه والباء في قوله: (بذنبه) تكون سبَبِيَّة والمعاوضة ومقابلة يعني أنَّهم بسبب ذنوبِهم أُخذُوا وعلى قدرِ ذنوبهم أخذُوا أيضا فالباء هنا سببية وعِوَضِيَّة أي أنَّهم أُخذُوا بسبب الذنب لكن ما تجَاوز الله بِهم أكثر مما يستَحِقُّون بل بالسَّبب والقدْر، وقوله: (بذنبه) في القرآن الكريم جاءت أيضًا بذنُوبهم (( أهلكناهم بذنوبهم )) والجمعُ بين الجمع والإفراد يسِير أن يُقال إنَّ الإفراد هنا مُضَاف فيَعُمّ أي بذُنُوبهم، والذنوب هي المعاصي سواءٌ كانت كبيرة أو صغيرة وهي هنا بلا شك مِن أكبَر الكبائر (فمِنهم) هذا لتفصيل لأن قوله: (بذنبه) مجمل فُصِّل بقوله: (( فَمنهم مَن أرسلْنَا عليه حاصبًا )) أرسلْنَا عليه ولم يقل: إليه، لأنّه هنا إرسال عذاب فهو عالٍ عليهم، وليس إرسال خطاب حتى نقول إنَّ غايَة هذا الخطاب المرسَل إليه، فهو إرسالُ عذابٍ، (( أرسلنا عليهم حاصبا )) ريحًا عاصفة فيها حصباءُ كقوم لوط "
الطالب: (( إنا أرسلنا عليهم حاصبا ))
الشيخ : اي بس هذا فيه نظَر لأنَّ المفهوم في قوم لوط أنَّ الذي أُرسِل عليهم مِن السماء أو لا؟ حاصبًا من السماء وهي حجارة مِن سجيل مثل الذي أُرسِل على أصحَاب الفِيل أو لا؟ وليست هي مِن الحصباء التي تثيرُها الرياح ولا علِمْنَا أنَّ الله تعالى أرسل الرياح على قوم لوط ولو كانت رياحًا تحمل الحصباء لبيَن الله عز وجل فيقال: إننا أرسلنا عليه حاصبا كقومِ لوط صح فإنَّ الله تعالى أرسَل عليهم حاصبًا مِن السماء تحصِبُهم حجارة من سجيل، (( ومنهم من أخذته الصيحة )) يقول المؤلف: " كثمود " قوم صالح وشُعيب أصحاب مدين ما أخذتهم الصيحة؟ أي نعم،
الطالب: ... أخذَتْهم الرجفة
الشيخ : هنا لكن في آية أخرى أخذَتهم الصيحة، (( ومنهم من خسفنا به الأرض )) مثل قارون (( ومنهم من أغرقنا )) كقوم نوح وفرعون وقومِه " هؤلاء أهلكوا بالغرق أمَّا فرعون وقومه فغَرِقُوا بالبحر الأحمر، وأمَّا ثانيًا؟
الطالب: ... نوح فبالطوفان
الشيخ : نوح فبالطُّوفَان العظيم الذي أمَرَ الله سبحانه وتعالى السماء ففَتَّح أبوابَها بماءٍ منهمر وفجَّرَ الأرض عيونًا شوف سبحان الله التعبِير ما قال فجرَّنَا عُيُون الأرض لو كان التعبير فجرنا عيون الأرض لكان فيه شيء كثير مِن اليابس ما تفَجَّر وإنما تفجَّرَت العيون لو كان التعبير فجَّرْنا عيون الأرض، لكن (( فجرَّنا الأرض عيونا )) كأن الأرض كلها صارت عيونًا، حتى التنور الذي هو محلّ إيقاد النار وأبعد ما يكون عن ظهور الماء فيه فار التنور صار يفُور عيونًا سبحان الله العظيم فالتَقَى الماء على أمرٍ قد قُدِر حتى علَا قمَم الجبال واستوت السفينة على الجُودي و الجودي هذا جبل رفِيع جدا على أنَّ الماء حملَها إلى أن رسَتْ على هذا الجبل مما يدُلّ على كثرَة هذه المياه الله أكبر! الإنسان لو تصور أنَّ المطر يرتفع أربعة أمتار لتَهَوَّل من ذلك لكن هذا الذي بقدرة الله عز وجل علَا إلى مِئَات الأمتار والله على كل شيء قدير، قال: (( ومنهم مِن أغرقنا وما كان الله ليظلِمَهم )) فيعذِّبَهم بغير ذنب "
والله ما كان هذا، ما كان الله ليظلِمَهم اللام هنا يُسمونَها لام؟
الطالب: مزحلقة
الشيخ : لا ما تنزحلق ..
الطالب: لام توكيد
الشيخ : ولا لام التوكيد، لام الجحود هذه يا إخواني لام الجحود لأن لام الجحود هي المسبُوقة بكَوْنٍ منْفِيّ أو نقول على لِأصحاب الأجرومية ما سبقَها (ما كان) أو ايش؟
الطالب: ما يكُن
الشيخ : لا، أو(لَمْ يكُن) نعم، هنا الذي سبقها ايش؟ ما كان الله ليظلِمَهم والظُّلْم له وجهان