قال الله تعالى : << و تلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلهآ إلا العالمون >> حفظ
(( وتلك الأمثال )) في القرآن (( نضربها )) نجعلها (( للناس وما يعقلها )) أي يفهمها (( إلا العالمون )) المتدبِّرُون " (تلك الأمثال) أتى بـ(تلك) الدالَّة على البُعْد ولَّا على القرب؟ على البعد لأنَّه لم يقل: وتلك الـمَثَل حتى نقولَ إنه عدَلَ بالكلام عن ظاهره أو عن مقتَضَى سياقِه لأنّ المثل المضروب الآن قرِيب ولا بعيد؟ قرِيب لكن قال: تلك الأمْثَال والأمثال الأخرى غير مَثَل متَّخِذِي الأصنام بعيدة بالنسبة لِهذا المكان؟ أي نعم لأنَّها متوَزِّعة في القرآن فلهذا جاءَت الآية بـ(تلك الأمثال) ولم يقل هذا المثل فهو شامِل لكُلِّ الأمثال الواردة في القرآن، والأمثال الواردة في القرآن كثيرة متعدِّدَة وقد ألَّفَ فيها بعض أهل العلم الكتب المستقلة وأفردَها السيوطي في الإتقان بفَصْل مستَقِلّ وبيَّن فوائد الأمثال التي يُضرَبُ المثلُ مِن أجلها، والفائدة الملموسة منها القريبة جدًّا هو تقرِيب المعقول إلى الأذهان إذ أنَّ المثل هو ضَرْبُ شيءٍ معقُول قد يَبْعُد على الإنسان تصَوُّره بشيءٍ محسُوس يسهُل تصَوُّرُه قال: (( تلك الأمثال نضربُها للناس )) إذا قلت: ضربَ ذلك مثلًا المعنَى جَعَل (( ضرب لكم مثلا من أنفسكم )) أي جعَل لكم، فالضرب إذًا يأتي بمعنى الجعل إذا أُضِيف إلى المثل كلَّما وجدت (ضرب الله مثلا) وما أشبهَه فاعلَم أنَّ المراد به المراد بالضرب هنا الجَعْل، فمادة (ضرَب) ليسَت خاصة بالضرب الذي هو الضَّرْب باليد تشْمَل الضَّرْب بمعنى الجعل وتشمل الضرب بمعنى تحِويل النُّقُود مِن سِكَّة إلى سِكَّة وغير ذلك حسب السياق الذي يبَيِّنُها، وقوله: (نضربها للناس) أي نجعلها أمثالًا للناس عمومًا فالله تعالى ضربَ المثل لجميع الناس في التوراة والإنجيل والقرآن نعم؟ ولكن مَن الذي يعقلها وينتفِعُ بها؟ العالِمُون (( وما يعقلُها إلا العالمون )) طيب العالمون أي ذَوُو العِلْم والفَهْم الذين ينتَفِعُون بفهمِهم وعلْمِهم ولهذا قال المؤلف: المتدبرون " وهذا التفسير فيه نظر لأنَّ العلْم بعدَ التدبر لكن لَمَّا كان العلم لا يحصُل إلا به فسَّره المؤلف به، والحقيقة أنَّ المراد بالعالِمِين المراد بهم ذوي العلم والفهم الذين يعْقِلُون الأشياء ويفْهَمُونَها احترازًا مِن أهلِ الجهل المعرِضِين الذين لا ينتفِعُون بما أعطَاهُم الله تعالى مِن الفُهُوم فإنَّهم لا يعقلُون هذه الأمثال، وإذا لم يعقِلُوها ينتفِعُون بها ولَّا لا؟ ما ينتفعون بها، طيب هل مِن الممكن أن نَحْصُر الأمثال الموجودة في القرآن؟ ما هو في هذا المكان ما يمكن في هذا المكان، فنأخذ به بحثًا ولَّا ما يمكن؟
الطالب: ....كتاب ... ابن القيم حصَر ...
الشيخ : أنا لا أريد منكم أنكم تنقلون مِن الكتاب أولًّا الإنسان هذا بينكم وبين الله أنتم بأنفسكم تدَبَّرُون القرآن كلنا في رمضان الحمد لله نقرْأ القرآن كلما مَرَّ على الإنسان مثل يقَيِّدُه ثم بعد ما يقَيِّد هذه الأمثال يشوف عاد يرجع الى الكتب المؤلفة هل نقَص ولَّا ما نقص، وإلا معلوم أنه أنا ما وُدِّي أنَّك عَلَّمْت الإخوان لكن إن الإنسان يستطِيع أنه يروح لأي كتاب مؤلَّف في هذا وينقُلَه لكن.
الطالب: ....
الشيخ : لا أنا أرى أن الإنسان أول يبدأ هو بنفسه يبدَأ في القرآن يقَيِّد الأمثال ثم بعد ذلك يرجِع إلى الكتاب ما فيه مانع، قال تعالى:(( وما يعقلها إلا العالمون )) إذًا عمَّم في ضرْبِ المثل وخَصَّصَ في عقْل المثل أين التعميم في ضرب المثل؟
الطالب: (نضرِبها للناس)
الشيخ : (نضرِبُها للناس) والتَّخْصِيص (وما يعقلها إلا العالمون) وهذا أسلُوبٌ كثير في القرآن التَّعمِيم ثم التخصيص (( وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[يونس:25] فعمَّم في الدعوة وخصَّ في الهداية