فوائد قوله تعالى : << وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلهآ إلا العالمون >> حفظ
طيب (( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )) في هذه الآية الكريمة فائدةُ ضرْبِ الأمثال وأنَّه نوْع من التعليم والتوجيه لقوله: (( وتلك الأمثال نضربها )).
ومِن فوائدِها إثباتُ عظمةِ الله عز وجل من أين تؤْخَذ؟
الطالب: (نضرِبها)
الشيخ : (نضرِبها) مِن نون العظمة (نضرِبها للناس) واعلم إن كنت لا تعلمُ مِن قبل أنَّ ما أضافه الله تعالى إلى نفسه بلفظِ العظَمة فإنه يدُلُّ على عظمة نفسه سبحانه وتعالى وقد يُرادُ به ملائكته لا نفسُه وهذا في القرآن كثير وكذلك الأول في القرآن كثير، فمِمَّا أراد الله به ملائكتَه مثل قوله تعالى: (( فإذا قرأْنَاه فاتَّبِع قرآنَه )) الضمير هذا يعود على مَن؟ ضمِير الفاعل؟ على جبْرِيل لكن أضافَه الله إلى نفسِه لأنَّ جبريل رسولُه، وكذلك قوله تعالى: (( ولَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ))[هود:74] يجادِلُنا وهو لا يُجادِلُ الله إنما يجادِل الرُّسل لكن حَمْلُ ما أضيفَ إلى الله بصيغة العظمة على رسلِه وملائكتِه لا بُدَّ له مِن دليل وإلَّا فالأصل أنَّه يعود إلى الله، أمَّا ما أضافَه الله إلى نفسه بصيغة الإفراد فهو له نفسُه ونضرِب لهذا مثلَيْن الأَوَّل قوله تعالى: (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ))[البقرة:186] هذه الضَّمَائِر كلُّها بصيغة الإفراد فعلى هذا يكون قوله تعالى: (فإني قريب) المرَاد قربُه نفسُه مِن داعِيه ولكنَّ هذا القُرْب لا يلزمُ منه أن يخلُوَ منه العرش أو ينتفِيَ عنه العُلُوّ كما أنه ينزل إلى السماء الدنيا ولا يلزم منه أن يخلُو منه العرش أو أن ينافي ذلك علُوَّه، لكن قولُه تعالى: (( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون )) فإن (أقرب) فيها ضمير يعود على (نحن) و(نحن) الضمير لمن؟ الضمير لله لكنَّه أقربُ إليه منَّا بِـملائكتِه وش الدليل؟ الدليل قوله تعالى:(( ولكن لا تبصرون )) فإنَّ الملائكة تحضُر إلى الميت لقبضِ روحه وتجلس منه مَدَّ البصر لكن ما نُبصِرُها نحن، فهنا القرب لِمَن؟ القرب للملائكة، لأنَّ الله أضافَه إلى نفسه بصيغة العظمة ووُجِدَ الدليل وهذه الفائدة مهمة جدًّا تنفعُك في بابِ الصفات وغيرها أنَّ ما أضافه الله إلى نفسه بصيغَة الإفراد فهو له وما أضافَه إلى نفسِه بصيغة الجمع فهو له لكن قد يكون لِملائكته بقرينَة، وهذا غيرُ ممتنع كما عرفْتُم، طيب هنا قال: (( تلك الأمثال نضربُها )) له ولَّا للملائكة؟ لَه، لأن ما فيه قرينة تدل على أنه للملائكة، طيب (( نضربها للناس )) الفائدة الأولى قلنا فيها فائدة ضرب الأمثال.
وفيها أيضًا من فوائد الآية رحمةُ الله تعالى بالخلق بضربِ الأمثال لهم لأنَّ ضربَ الأمْثَال كما قلنا يُقَرِّبُ المعقول إلى الأذهان وتصَوُّرُ الإنسان للمحسوس أقْوَى مِن تصَوُّرِه للمعقول أليس كذلك؟ الآن لو أشرَح لكم صفة الحج شرحًا بيِّنًا ظاهرًا وافيًا أو أذهبُ بكم إلى الحج إلى المناسِك أيهما أبلغ؟ الأخِير أبْلَغ لأنَّكم تُحِسُّونَه بأعينكم لكن الأول تتصَوَّرُونه بقلوبكم ولا تدركونه جيدًا، فإذًا ضرب الأمثال فيه رحمة للخلق حيث أنَّه سبحانه وتعالى يقرب لنا المعقولات بالمحسوسات نعم.
ومن فوائد الآية أنَّه ينبغي التأمل في الأمثال لقوله: (( وما يعقِلُها إلا العالمون )) فالعالم هو الذي يتَأَمَّل وينظر حتى يعقل.
ومِن فوائد الآية الثَّنَاء على العقل لقوله: (( وما يعقِلُها )) والمراد بالعقل هنا عقْلُ الإدراك أو عقل الرُّشْد؟
الطالب: عقل الرشد
الشيخ : عقل الرُّشْد، نعم؟ العقل الذي ينفع هو الذي يُثْنَى عليه.
ومنها أيضا فضيلة العلم لقوله: (( وما يعقلها إلا العالمون )) فاللي غير عالِم بالله سبحانه وتعالى وآياتِه ما يعقِل هذه المعاني ويقول هذه أشياء ليس لها معنى لكن العالم هو الذي يعقِلُها ويعرِف مغْزَاها ومعنَاها وأوجُه الشبه بينها حتى يصِل إلى درجَةِ الكمال