قال الله تعالى :<< وكذلك أنزلنآ إليك الكتاب فالذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلآء من يؤمن وما يجحد بآياتنآ إلا الكافرون >> حفظ
قال الله تعالى: (( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب )) القُرْآن كما أنزلنا إليهم التوراة وغيرَها " و(كذلك) هذه دائمًا تقَع في القرآن كثيرًا ما يُعَبِّر الله سبحانه وتعالى بها وقَد مرَّ علينا إعرابُها ولا أظُنُّكم نسِيتم ذلك، نعم، مَن مِنكم يعرف ..؟ إبراهيم! وليد! عصام! طيب ناخُد بالوسط ... اللام؟
الطالب: .......
الشيخ : حرف خطَاب طيِّب الظاهر أنَّ جماعتنا لا يوافقونك نعم؟
الطالب: ..... اسم إشارة .........
الشيخ : .... كذلك
الطالب: الكاف اسمٌ بمعنى مثل مضاف و(ذا) مضاف إليه
الشيخ : طيب وش محله مِن الإعراب؟ اسم بمعنى مثل وش محله مِن الإعراب؟
الطالب: منصوب على المفعولية المطلقة
الشيخ : صح، محله من الإعراب النَّصب على المفْعُولية المطلقة التقدير: ومثلَ ذلك الإنزال أنزلْنَا إليك الكتاب
الطالب: ..
الشيخ : لا (إلهًا) أعربوها على أنَّها مفعول مطلق اسم بمعنى مِثْل مفعول مطلق لِفعل محذوف تقديرُه: مثْل ذلك الإنزال الذي نَزَل عليهم أنْزَلْنَا إليك الكتاب، وكثير هذا في القرآن مثل (( وكذلك يفعلون )) أي ومثل ذلك الفعل يفْعَلُون وربَّما يكون أيضًا .. في الآيات الأخيرة هذه قد يكُون مفعولًا به مقدَّمًا.
قال: (( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب )) الخطَاب في قوله: (إليك) لِلنبي صلى الله عليه وسلم و(أنزلْنَا) أضافَه الله إليه لأنَّه كلامُه فالقرآن كلام الله لفظًا ومعنًى هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة وهو الذي دَلَّ عليه القرآن والسنة وإجماعُ الأئمة، وهو مخالِف لقولِ الأشاعرة: إنَّ القرآن كلام الله معنًى لا لَفظًا وأنَّ هذه الحروف مَخلُوقَة خلقَها الله سبحانه وتعالى لتكونَ حكايَة أو عبارَة عن كلامِه أمَّا أنه أنَّها هي كلامه فلَا، ويجعلون الكلام هو المعنَى القائم بِالنفس، والغريب أيضًا أنهم يقولون: إنَّه قديم يعني لا يتجَدَّد وأنَّه في معنًى واحد، وأنَّ (قُلْ) مثل هَل ، وأنَّ الخبر مثل الأمْر، وأنَّ التوراة والإنجيل والقرآن وسائر ما يتكلم الله به شيءٌ واحدٌ وكل هذا تصَوُّره كافٍ في رَدِّه وهو في الحقيقة إنكَار لِكلام الله ولهذا قال بعض المحقِّقِين منهم: حقيقةً إنه لا فرقَ بيننا وبين المعتزلة والجهمية فإنَّنَا جميعا متَّفِقُون على أنَّ ما في دفتي المصحف مخلُوق لكن هم أشْجَع منَّا المعتزلة أشجَع يقولون: هو مخلوق لفظًا ومعنى، والأشعرية يقولون: مخلوقٌ لفظًا لا معنًى وعلى كُلِّ حال هذا محلُّ بحثٍ في العقائد.
قال: (( أنزَلْنا إليك الكتاب )) الكتاب القُرآن "
وسُمِّيَ كتابًا يا غانم؟
الطالب: ...
الشيخ : في ايش مكتوب؟
الطالب: في اللوح المحفوظ
الشيخ : هذا واحد بس؟ نعم.
الطالب: مكتوب في اللوح محفوظ والصُّحُف التي بأيدي الملائكة، وفي المصاحِف بين أيدي الناس.
الشيخ : صح، مكتوب في اللوح المحفوظ وفي الصحف التي بأيدي الملائكة وفي المصَاحِف التي بأَيدينا، (الكتاب) وفي قوله: (الكتاب) (ال) هنا ما أدرِي للجِنْس أو لِلعَهْد؟ للأخير أيُّ عهد هو؟
الطالب: العهْد الذهني
الشيخ : العهد الذهني (( أنزلْنا إليك الكتاب فالذين آتينَاهم الكتاب يُؤمنون به ومِن هؤلاء مَن يؤمِنُ به )).
الطالب: .........
الشيخ : بس كأنَّه بعيد يعني؟ بعِيد، يعني بمعْني بعيد بينهم آيَات متعَدِّدة، طيب قوله: (( فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به )) الفَاء هذه للتَّفْرِيق تفرَّع عن إنزال الكتاب الذي على الرسول عليه الصلاة والسلام أنِ انْقَسَم الناس فيه إلى قسمَين: قسم آتاهم الكتاب فآمَنُوا به، وقسمٌ آخر لم يؤمِن به، فقوله: (فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به) قال المؤلف: " (الكتاب) التورَاة كعبدِ الله بن سلام وغيرِه " ولكن هَذا التَّفسير فيه شَيْءٌ مِن الإشكال الذين آتيناهم الكتاب يؤمنون بهذا القرآن هل جمِيعُ الذين أوتوا الكتاب يؤمِنُون به؟ لا، أكثرُهم في عهد الرسول r ما آمَنَ به لكن الذين آتينَاهم الكتاب إيتاءً كونِيًّا وشرْعِيًّا بمعنى أنَّ الله آتاهم الكتاب وعمِلُوا به فهؤلاء الذين أوتوا الكتاب على وجْهِ الكمال والإطلاق هم الذين آمَنُوا بالقرآن مثل عبد الله بن سلام مِن اليهود والنَّجاشي من أين؟ مِن النصارى، وسلمان الفارسي ما أوتِي الكتاب لكنَّه آمن بالقرآن لأنَّه تلقَّى العلم عن أهلِ الكتاب نعم، فهؤلاء ثلاثة أصناف اليهود والنصارى ومَن تلَقَّى عنهم كلُّهم فتحَ الله عليهم فآمَنُوا بهذا القرآن، وقوله: (آتيناهم) بمعنى جئناهم
الطالب: ..
الشيخ : ما أعطيناهم، وش الفرق بين جئْناهم وبين أعطيناهم؟ مِن الرباعي بمعنى أعْطَيناهم ومِن الثلاثي بمعنى جئْنَاهم، طيب (آتيناهم الكتاب) نعم.
الطالب: .... لا يكون حكمًا عامًّا ....
الشيخ : إذا كان الإيمان بس الإيمان عند الإطلاق يشمَل الإيمان الحقيقي ما هو مجرد التصديق، وهم أيضًا ما صدَّقُوا بالقرآن أنكرُوه غالبُهم أنكروا وكذَّبوا، ولهذا المؤلف مثَّل بالذين أسلموا منهم كعبد الله بن سلام، وقوله: (يؤمنون به) الجملة خبر المبتدأ المبتدأ أين هو؟ الذين يؤمِنُون به بالقرآن ويُصَدِّقُون فأهْلُ العلم منهم الراسخون فيه الذين يُريدُون الحقّ لا شكَّ أنهم آمنوا بالقرآن واتَّبَعُوه ورأَوْا أنَّه حَقّ أمَّا على ما ذكرَه الأخ عبد الرحمن مِن التقدير بأنَّ المعنى: الذين آتيناهم الكتاب أي نزَل إليهم الكتاب يؤمنون به بمعنى يعرِفُون أنَّه حقّ ولكن لا يؤمِنُون به فهو خلاف ظاهر الآية وإن كان المعنى مِن حيث هو يحتمِل لكن خلاف ظاهر الآية، فما دام أنه أنَّ الإيمان لا يُطْلَق إلَّا الإيمان التصديق ولهذا قال في آية أخرى: (( الذين آتيناهم الكتاب يعرفُونه كما يعرفُون أبنائهم )) هذا الجميع (( وإنَّ فريقًا منهم ليكْتُمُون الحقّ وهم يعلمون ))
قال: (( فالذين - يؤمنون به ومِن هَؤلاء )) أهلِ مكة مَن يؤمِنُ به شوف (مِن) هذه للتبعيض وعلامةُ (مِن) التبعيضية أن يَحِلَّ محلَّها بعض يعني وبعضُ هؤلاء يؤمِن به والإشارة إلى هؤلاء يُرادُ بها مَن؟ حسين! ما المراد بها (مِن هؤلاء)؟
الطالب: ...
الشيخ : {الظاهر أنه ما يصلح تصير قريب ........ اليوم إن شاء الله تكون قريب لا تصير بالصف الثاني أبدا} طيب أهل مكة لأنَّ هذه السورة مكية فالمشَار إليهم قَرِيبُون إذ أنَّها نزلت قبل الهجرة، (( ومِن هؤلاء مَن يُؤْمِنُ به )) شوف الفرق بين التعبِيرَين (الذين آتيناهم الكتاب) (ومِن هؤلاء مَن يؤمِنُ به) كأنَّ المؤمِنِين بذلك مِن قريش قِلَّة بعضُهم يؤمِنُ به، وقوله: (مَن يؤمِن به) الإيمان كما سبَق عند الإطلاق يُرَادُ به التصديق المستَلْزِم للقَبُول والإذْعَان وليس مجرَّد التَّصْدِيق، الإيمَان شرعًا يُراد به التصديق المستَلزم للقبول والإذعان فمُجَرَّدُ التصديق ليس بإيمان وإلَّا لكان أبو طالب مؤمنًا، ولكنَّنا نقول إنَّه لا بد أن يكون مستلزمًا للقَبُول قبُول ما جاء به الرسول r والإذْعَان وهو الانقِيَاد أمَّا بغير ذلك فليس بإيمَان نعم.
الطالب: ..............
الشيخ : لا، الحاضر يعني منهم الذي يؤمِنُ به الآن يعني،
وقوله: (( وما يجحد بآياتنا )) بعد ظُهُورِها (( إلا الكافرون )) أي اليهود وظهرَ لهم أنَّ القرآن حق والجائي به مُحِقّ وجَحَدُوا ذلك " طيب (وما يجْحُد - إلا الكافرون) هذا استثناءٌ وش تسمونه؟ مفَرَّغ أي أنَّ العامل قَبْل الاستثناء مفرَّغٌ لِمَا بعده وعلى هذا فنعرب (الكافرون) فاعل لِـ(يجحد)، وقولُه: وما يجحد بها المعروف أنَّ الجحود يتعدَّى بنفسه فيُقال جَحَد الشيء لكنَّه هنا مُضَمَّنٌ مَعنى الكفر أي: وما يكفُر بها جُحودًا إلَّا الكافرون، فإذا قال قائل: الكافرون إذا قلتم ما يكفُر بها إلَّا الكافرون صار تحْصِيل حاصل أو لا؟ فنقول: ليس تحصيلَ حاصل لأنَّنا نقول: وما يجحد بها أي ما يكفُرُ بها جحودًا والكفر قد يكون جحودًا وقد يكون استكبارًا، وهنا كُفْر الجُحُود وقوله: (بآياتنا) الشَّرْعِيَّة أو الكَوْنِيَّة؟
الطالب: الجميع
الشيخ : نعم كلتَاهُمَا الكونِيَّة والشَّرْعِيَّة فإنَّ مِن الناس مَن جحَد الآيات الكونِيَّة جحَدَ أنَّ الله تعالى يُحيي الموتى بل مِن الناس مَن جحد أن تقُومَ هذه الخليقة بالخَالق، والآياتُ الشرعية الجحد بها كثير، وقوله: (وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون) مفهُومه أنَّ غيرَ الكافرين يُقِرُّون بها وعلى هذا فنقول: كلُّ مَن جَحَد شيئًا مِن آيات الله فإنَّه يستحق مِن الكفْر بقدْرِ ما جَحَد إمَّا .. كفرا مطلقًا أو أقَلّ، وقول المؤلف: (أي اليهود) هذا مِن بابِ القُصُور هذا قُصُورٌ في التفسير لأنَّ قولَه: (الكافرون) أعَمّ مِن اليهود أو لا؟ أعمّ لأنَّ (ال) اسم موصول فيه، {عليكم السلام}في (أل) اسم موصول؟
الطالب: أي نعم
الشيخ : أي نعم اسم موصول قال ابن مالك:
وصِفَةٌ صريحة صلةُ (ال)
ولهذا كانت للعموم يعني ما يجحَد إلا الكافر وعليه فنقول: تشمَل اليهود وغير اليهود أليس الله تعالى قد قال عن فرعون وقومه: (( وجحَدُوا بها واسْتَيْقَنَتْها أنفسُهم )) وهل فرعون وقومه مِن اليهود؟ لا مِن الأقباط وقبْل أن يكون بنُو إسرائيل يَهُودًا