قال الله تعالى : << وقالوا لولآ أنزل عليه ءايت من ربه قل إنما الأيات عند الله و إنمآ أنا نذير مبين >> حفظ
قال الله تعالى: (( وقالوا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربه )) (وقالوا) عندي " أي كفار مكة " يعني هم الذين اقترحوا الآيات كما في قوله تعالى: (( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا ))[الإسراء:90] إلى آخرِه، وقوله: (لولا) بمعنى هلَّا فتكون للتحْضِيض وهذا إحدَى معاني (لولا) والمعنى الثاني يا حسين! مرَّت علينا قريبًا المعنى الثاني يا غانم المعنى الثاني لِـ(لولا)؟
الطالب: الشرط
الشيخ : المعنى الثاني أن تكون شرطِيَّة حرفُ امتناَع لِوجُود مثالها: (( ولولا دفْعُ الله الناس بعضَهم ببعض لفسدت الأرض ))
الطالب: (( لولا كتابٌ مِن الله
الشيخ : (( لولا كتابٌ مِن الله سبَق لَمَسَّكُم )) فهمتم؟ أمَّا هنا فهي لِلتحضيض بمعنى (هلا) يعني: (( لولا أنزل عليه آيةٌ )) أي على محمد صلى الله عليه وسلم (( آيةٌ مِن رَبِّه )) وفي قراءة: آيات " والمعنى واحد لأنَّ (آية) نكرة في سياق ما يُشْبِه الشَّرْط وهو التحضيض فكانت للعُموم، وقوله: (( لولا أُنْزِلَ عليه آية من ربه )) (آية) أي علامة على صدقِه يعني لَصَدَّقْنَاه هذا المعنى يقولون: لولا أنزل عليه آية هلَّا أنزل عليه آية حتى نصَدِّقَه ويتبَيَّن لنا صدقُه، وقوله: " وفي قراءة آياتٌ" القراءَة هنا سبعية ولَّا شاذَّة؟
الطالب: سبعية.
الشيخ : سبْعِيَّة لأنَّ مِن اصطلاح المؤلف أنَّه إذا قال: "
وفي قراءة " فهي سبْعِيَّة وإذا قال: " وقرِئَ " فهي شاذَّة قال: " كناقَة صَالِح وعَصَا مُوسَى ومائِدَة عِيسَى " فهذه آيَات حِسِّيَّة وهم طَلَبُوا هذه تعنُّتًا وإلَّا فقد جاءَهم مِن الآيات الحسية والمعنوية ما هو أعظَم لقد أَرَاهم النبي صلى الله عليه وسلم انشقَاق القمر، ولقد أخبرَهم بما رأى ليلة الإسراء والمعراج نعم، فهذه آياتٌ مِن جنسِ ما طلَبُوا لكن كمَا قال الله عز وجل: (( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ))[يونس: 97:96] وكلُّ إنسان متعَنِّت فإنَّه لا يمكن أن يقْبَل لأنَّ مَن قصده الحق يكفِيه الآية التي تدُلُّ على صدق ما قال صاحبُه أمَّا المتعنت اللي يقول مثلًا هات كذا فإذا جاء به قال: لا هات غيره فهذا ما يُقْبَل منه، والمتعَنِّت هذا دأبُه يعني حتى لو جاءَت آيةٌ على ما يقولون لقالوا: نريد غيرَها أنت ساحر نُريد غير هذه الآية، ولهذا يقول الله عز وجل في جوابهم طيب فيها أمثلة ناقة صالح كيف هي آية ناقة صالح؟
الطالب:...... فتشرَب الماء يومًا ويشربُوا لبنها يومًا
الشيخ : نعم مثل ما قال: (( لها شرْبٌ ولكم شرب يوم معلوم )) هذا وجهُ كونها آية، أمَّا ما ذُكِر في الإسرائيليات مِن أنَّها خرجت من الحجر وما أشبه ذلك فالله أعلم به، إنما الآية التي أبانَها الله هي أنَّ لها شربًا ولهم شرْب شرب يومٍ معلوم، وعصا موسى آية مِن وجوهٍ متعددة منها أنَّه إذا ألقَاهَا كانت ثُعْبَانًا عظيمًا، ومنها أنها التقَمَتْ ما جاءَ به السحرة مِن الحبال والعِصِيّ، ومنها أنَّه كان يضرب بها الحجر فيتفجَّر عيونًا، ومنها أنَّه كان ضرَبَ بها البحر فانفلَق فكان كل فرْقٍ كالطَّوْد العظيم، ومنها أو ليس منها أنَّها يهشُّ بها على غنمِه؟
الطالب: ليس منها
الشيخ : ليس منها؟ اي لأن هذا لِكُلِّ أحد.
الطالب: استحب بعض العلماء .. العصا.
الشيخ : أي مو هو بصحيح لا ليس بصحيح ... ما هو مِن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام
الطالب: ...
الشيخ : لا أكلته (تلقف ما يأفكون) تأكله أكْل والله أعلم
الطالب: ....
الشيخ : ما ندري .... موجودة يعني هذه حبال كثيرة وعصيٌّ كثيرة ملَئُوا المكان،
الطالب: ...
الشيخ : لا هيِّن هي تنقلب عصا الانقلَاب غير مسألة أنه يذهَب ولا يُدْرَى أين ذهب.
الطالب: الحجم الكبير هذا ينقلِب إلى عصَا
الشيخ : طيب كذلك أيضًا مائِدَة عيسى هذا التَّمْثِيل مِن المؤلف يدُلُّ على أنَّه يرى أنَّ المائدة أنزِلت وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم فمِنهم مَن قال: إنَّ الله أنزَل المائدة على بني إسرائيل، ومنهم مَن قال إنَ الله لم ينزِلْها أيُّهما أقرب إلى ظاهر القرآن؟
الطالب: قال: إني منَزِّلُها عليكم
الشيخ : طيب ما يخالف نشوف الآن (( هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا )) شوف الله أكبَر البَطْن دائِمًا الناس يبْغُون مليه كذلك أيضًا قوم موسى قالوا: حِنْطَة بدَل حِطَّة، طيب أقول: (( وتطمئِنَّ قلوبنا ونعلم أن قد صدَقْتَنَا ونكون عليها مِن الشاهدين * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ))[المائدة:115] إن نظرنا إلى قوله: (إني منَزِّلُها) فظاهرُه أنها نزلت وإن نظرْنا إلى الشَّرط (( فمَن يكفُر بعدُ منكم فإنِّي أعذِّبُه )) قلنا: إنَّها ما نزلت ليش؟ لأنَّه ما جرى هذا التعذيب الذي لم يُعَذَّب أحدٌ مِن العالمين به للنصارى، وأيضًا فإنَّها لو كانت هذه المائدة نزَلَتْ لكانت عيدًا لأولِهم وآخرِهم وهي الآن مجهولة ما هي عند النصارى هذه المائدة، عيد المائدة ما هو موجود عند النصارى فهذا مما استَدَلَّ به مَن يقول إنَّها لم تنزل لأنَّ الله تعالى ذكَر شرطًا لِنُزُولِها لم يُوجَد فدَلَّ على عدم وجود النزول.
الطالب: العذاب .... لأنه ما ذكر في الدنيا ولا في الآخرة
الشيخ : لا معرُوف أنَّه في الدنيا عقوبةً لهم لأنَّ الآيات إذا نزلت الآيات المقترَحَة إذا نزلَتْ ولم يؤْمِن أصحابُها فإنهم يُعَذِّبُون.
الطالب: (( إني منَزِّلُها عليكم )) لم يُذكَر شرط هذه العبارة.
الشيخ : هذا كله واحد الشَّرط سواء مِن أولها أو آخرها فهو منتظر
الطالب: (( إني منَزِّلُها عليكم فمن يكفر )) ....
الشيخ : (فمن يكفر) مفرَّع على ما قبله الفاء تدُلّ على التفريع، فإذا نزَّلْتُها فمَن يكفر فإني أعذبُه
الطالب: قد حرفوا النصارى ....
الشيخ : على كل حال الآية محتمِلَة ولهذا اختلف العلماء وكلٌّ له وجْه.
طيب هذه ثلاث آيات قلنا: إنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام أُعطِي ما هو أعظَم منها لكن المتَعَنِّت لا ينْتَفِع بالآيات، طيب قال الله عز وجل مبَيِّنًا أنَّ لدى الرسول عليه الصلاة والسلام أعظَم مِن ذلك الجواب: (( قل )) لهم (( إنما الآيات عند الله )) ينزِّلُها كيف يشاء "
ولو قال: ومتى شاء لكان أحسَن (إنما الآيات عند الله) هذا الجملة حصْر يعني ما الآيات إلَّا عندَ الله ليست عندِي حتى أعطيَكم ما تقتَرِحُون، وإذا كانت عند الله فإنها تبَعٌ لمشيئَتِه وحكمتِه ينَزِّلُها كيف يشاء ومتى شَاء، وليس الناس هم الذي يقتَرِحون على الله عز وجل الآيَات إنَّما الله تعالى هو الذي يُنَزِّلُها فالحكم إذًا إلى مَن؟ إلى الله، والله عز وجل ينزِّلُها لِحكمة ومع ذلك فإنَّنا نعلَم عِلْم اليقين أنَّ الله ما أرسَل رسولًا إلا آتَاه مِن الآيات ما يؤمِنُ على مثله البشر لأنَّ الله حكيم لا يرسِل رسولًا للناس يقول للناس: أنا رسولُ الله إليكم أستَبِيحُ دمائَكم وأموالَكم ونسائَكم إذا لم تؤمِنُوا بي هذا لا يمكن أنَّ الله تعالى يمكنه إلا بآيات تُلْزِمُ الناس بقبولِ قولِه وهذا أمرٌ معلوم أنَّه ينافي الحكمة لو جاءَ رسولٌ بدون آيات أليس كذلك؟ ولهذا قال: إنَّما الآياتُ عند الله يعني هو الذي يأتِي بها لكن تبعًا لمشيئتِه وحكْمَتِه ينَزِّلُها كيف يشاءُ ومتى شاء،
(( وإنَّما أنا نذيرٌ مُبِين )) مُظْهِرٌ إنذارِي بالنار أهلَ المعصية " ( إنما أنا نَذِيرٌ مُبِين ) هذه أيضًا الجملة حصْر، وهل الحصْرُ في الجملتين (إنَّما الآيات عند الله) وفي (إنَّما أنَا نذير مبين) هل هو حقيقيّ أو إِضَافي؟
الطالب: في الأولى حقيقي
الشيخ : الأولى حقيقِي توافقون؟ نعم، .. نشوف هذان رأيان ما تقول يا غانم؟ تُرَجِّح حقيقي ولَا إضافي؟ (إنما الآيات عند الله) هذا حصر و(إنما أنا نذير مبين) هذا حصر آخَر هل الحصْرُ فيهما حقيقي أو الإضافي؟ طيب إذًا ما يخالف، رأيان رأي يقول: إن الحصر في الأولى إضافي والثاني حقيقي ورأي بالعكس ورأيٌ يقول يجوز الوجهان وهذا على كل حال الأخير طريقة معروفَة، للجِنِّ وأتباعِهم طيب بقي لنا الواقع أنَّ الحصر الأول حقيقي أنَّ الآيات ما تكون إلا عند الله ما أحد يستطيع أن يأتي بها، والثاني إضافي لأنَّك إذا قلت: ما أنا إلا نذير مبين فإن هذا ليس باعتبار الواقع والحقيقة أنّه ليس إلا نذِيرًا بل هو نذِير مبِين وبشِير وسِرَاج منير وبَشَر إلى آخره فالحصْر إذًا إضافِي أي بالإضافة إلى كذا فهو بالإضَافة إلى الإتيان بالآيات غيرُ قادِر لكن يقدر على شيء آخر وهو الإنذار، وقوله: (إن أنا إلا نذير) ما هو الإنذار؟ يقول العلماء: إنَّ الإنذار هو الإخبار بالمخُوف هو الإنذار، والإخبارُ بالمرغوب بَشَارَة فالنبيُّ عليه الصلاة والسلام نذِير وهنا ما قال: بشِير لأنَّ المقام يقتَضي ذلك إذ هو يخاطِب المكذِّبِين المعانِدِين، وقوله: (مُبِين) هنا بمعنى بَيِّن أو بمعنى مُبَيِّن؟
الطالب: بيِّن
الشيخ : لا مُبَيِّن ولهذا قال: مظهِر، نعم فقط وقد علِمْنا أنَّ بَان وأَبَانَ: بانَ لا تستعْمَلُ إلا لازِمَة يقال: بان الصبح إذا ظَهَر، وبان هذا مِن هذا إذا انفصَل منه، وأمَّا أبان فتستعمل لازمةً ومتعَدِّيَة يقال: أبَان الصبح بمعنَى بانَ وظهر، ويقال أبانَ الأمرَ بمعنى أظهَرَهُ ووضَّحَه، في بعض الأحيان تكون الآية لا تحتمل إلَّا اللازم وفي بعض الأحيان لا تحتَمِل إلَّا المتعدي وفي بعضِها تصلح لِهذا وهذا، فالرسول عليه الصلاة والسلام نذِير مُبِينٌ لإنذَارِه أو نذير بيِّنُ الإنذار وعلى هذا فيكون النعت سببِيًّا إذا جعَلْنا مُبِين بمعنى بَيِّن والأصل أنَّ النعت حقيقِي وليس سَبَبِيًّا، وقوله: (( إنما أنا نذير مبين )) أي مُظْهِر "
هنا شوف كلام المؤلف في قولِه: " مظهرٌ إنذاري بالنار أهلَ المعصية " ايش إعراب (أهل المعصية)؟
الطالب: مفعول لـ(إنذار)
الشيخ : مفعول لـ(إنذار) لأنَّ إنذار مصدر يعمَل عمل فعلِه، فالرسول عليه الصلاة والسلام هذا شأنُه وهذه وظيفته أنَّه منذر، أمَّا أنه يأتي بالآيات إذا طُلبَت أو أنَّه يهدي الناس إذا ضَلَّوا فهذا ليس إليه هذا إلى الله عز وجل هو الذي يملك هذا