تفسير قول الله تعالى : << أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم>> حفظ
(( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) هذا معطوف على قوله أو لم يتفكروا فالتفكر في خلق السماوات والأرض والسير في الأرض فقط ثم السير في الأرض إما أن يكون سيرا بالأقدام أو سيرا بالأفهام إن كان سيرا بالأفهام فهو داخل فيما سبق نعم وقد نقول أن هذا أخص مما سبق لأنه قال (( فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) فهو نظر في حوادث لا في خلق الأرض فتكون هذه الآية منفصلة عن التي قبلها من حيث المعنى فالأولى تفكير ولهذا جاء متعلقها عاما السموات والأرض وما بينهما وهذا السير لأمر مخصوص ما هو ؟ الحوادث أن ينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم فيشمل السير بالقدم والسير بالفكر والفهم على القول بأنه سير أقدام يكون السير حسيا وعلى الثاني يكون معنويا فيشمل السير الحسي والسير المعنوي السير الحسي إذا قال قائل كيف تطلبون من الإنسان أن يسير بقدمه إلى مواقع العذاب وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن ندخل مواقع العقاب إلا ونحن باكون نقول لا تعارض لأن هذا هو المقصود من السير إلى مواقع العذاب المقصود به الاتعاظ والانزجار وهذا يتحقق بالبكاء ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن ندخل على ديار ثمود إلا ونحن باكون وقال ( إن لم تكونوا باكين فلا تدخلوها ) وبعض الناس يذهب إلى ديار ثمود على سبيل النزهة والطرب والتمتع بالمناظر ولهذا يأخذون لها صور خوفا أو إعجابا ؟ إعجابا بها وهذا من قسوة القلب والعياذ بالله والجهل بما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام لأن غالبهم يكون جاهلا غالب هؤلاء الذي يروحون لهذا المقصد يكونوا جاهلين ما نقول إن كلهم عندهم قسوة قلب تعمدوا مخالفة الحق لكن نقول عندهم شيء من الجهل وإلا فلا يجوز الإنسان الذي لا يعرف من نفسه أنه إذا ذهب فإنه يتأثر حتى يبكي لا يجوز أن يهب لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك وقوله (( في الأرض )) (( سيروا في الأرض )) ايش معناها ؟ قيل معناها على لأنها لو أخذت بظاهرها لكان السير في سراديب تحت الأرض في لأن في للظرفية والظرف محيط بالمظروف من جميع الجوانب ولا يمكن أن تحيط بك الأرض من جميع الجوانب إلا إذا كنت داخل الأرض في سرداب وليس هذا مرادا فعلى هذا تكون فيه بمعنى على وقيل إن في للظرفية على بابها ولا حاجة إلى تأوليها وأن ظرفية كل شيء بحسبها فيكون في الأرض معناه في ظهر الأرض وكل أحد أنه لا يراد أن تخرق الأرض وتمشي في أسفلها ما أحد يفهم هذا وأيا كان فإن المراد السير على ظهر الأرض .
الطالب :....
الشيخ : .... من اليمين والسار ما في جدار على كل حال المعنى واضح حتى لو قلنا إن في للظرفية نقول الظرف لكل موضع بحسبه ما هو لازم أن يكون في جوف وقوله تعالى (( في الأرض فينظروا ) الأرض مفرد المراد به الجنس أي الأراضي التي وقع العذاب بأهلها نعم مثل ديار ثمود وغير الأحقاف وديار قوم لوط كما قال الله تعالى (( وإنهما لبسبيل مقيم ))
الطالب :....
الشيخ :.... مثل ما قلتك أنه الجهل الغالب عليهم الجهل وإلا ما من صلاح يفلح ما كان نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن دخوله إلا في حال البكاء لكن الغالب هو جهل قال (( فينظروا كيف كان )) ينظروا نظر بصر أو نظر بصيرة ؟
الطالب :....
الشيخ :إن كان السير بالقدم فالنظر نظر بصر وإن كان السير بالفهم فالنظر نظر بصيرة يعني فينظروا بعين البصيرة أو بعين البصر حسب السير الذي سبق وقوله (( فينظروا )) الفاء هنا هل هي سببية أو عاطفة ؟
الطالب : سببية .... عاطفة
الشيخ :يجوز فها الوجهان يجوز أن تكون عاطفة والمعنى أفلم يسيروا فلم ينظروا ويجوز أن تكون سببية والمعنى أفلم يسيروا فبسبب سيرهم نعم ينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم .
الطالب :.... أنهم ينظروا إلى عين البصرة .... لو أنهم أبصر ماينفع ....
الشيخ : ما يخالف بعين البصر الذي يؤدي إلى عين البصيرة لكن يعني هو المقصود أنك إذا سرت بقدمك لا أقول ما هو إنك إذا وصلت إلى مكان تغمض تنظر بعين لكن هذا النظر هل يفيد ولا ما يفيد إن كان ما فيه بصيرة ما يفيد المراد بالسير بالقدم النظر بالعين ليؤدي ذلك إلى النظر بالبصيرة وإلا فالنظر المباشر مع القدم هو العين نعم وقوله (( فينظروا )) يسيروا وينظروا ايش الجازم هنا ؟ مجزومات بحذف النون والواو فاعل لأنها من الأفعال الخمسة وقوله (( كيف كان عاقبة الذين من قبلهم )) كيف هذه اسم استفهام خبر كان فاعل مقدم وعاقبت اسمها في مكانه والعاقبة مصدر بمعنى العقبى وعاقبة الشيء ما يتلوه ويأتي بعده فقوله عاقبة الذين من قبلهم أي ما تلي تكذيبهم للرسل وقوله الذين من قبله من الأمم على إهلاك وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم ايش عاقبة ثمود ؟ الإهلاك والدمار عاقبة عاد الذين استكبروا في الأرض وقالوا من أشد منا قوة لا أحد أشد منا قوة عاقبتهم أن أهلكوا بأمر من ألطف الأشياء وهو الريح ، الريح خفيف جسم لا يرى نعم هؤلاء الكبار الأجسام الشيديد القوى أهلكوا بهذه الريح اللطيفة التي لا ترى نعم ليتبين ضعف الإنسان وأنه مهما كان فالله عز وجل أقوى منه كما قال تعالى (( أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة )) وكذلك قرى قوم لوط الذين أترفوا فترفوا والعياذ بالله أترفوا ونعموا حتى كانوا من شدة الترف والعياذ بالله يعدلون عما خلق الله لهم من أزواجهم إلى إتيان الذكور نسأل الله العافية قال (( كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ))