الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات و الأرض و ما بينهمآ إلا بالحق و أجل مسمى و إن كثيرا من الناس بلقآء ربهم لكافرون >> حفظ
((أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون)) يستفاد من هذه الآية الكريمة أولا توبيخ من أعرض عن التفكر لقوله (( أو لم يتفكروا )) فإن الاستفهام هنا للتوبيخ ويتفرع على هذه الفائدة فائدة أخرى وهي الحث على التفكر أليس كذلك ؟ ويتفرع عليه فائدة ثانية وهي فائدة التفكر لأن الله لا يحث على شيء ويوبخ عن تركه إلا لما فيه من الفائدة والصلحة من فوائد الآية أن محل التفكير هو العقل لقوله في أنفسهم هذا إذا قلنا أن المراد كون النفس آلة التفكر وطريق التفكر أما إذا قلنا محل التفكر فيستفاد منه فائدة وهي عظيم صنع الله عز وجل في نفس الإنسان وما أودعه فيه من العجائب وإذا أردت أن تعرف ذلك فاذهب إلى أهل العلوم والطب تجد في جسمك العجب العجاب هذا الطعام الذي تأكل يتحول إلى دم ويتوزع على الجسم بحسب أنسجته يعني الأعصاب كمية تليق بها ويعطي اللحم كمية تليق به ويعطي العظام كمية تليق بها يعني أنابيب دقيقة مثل الشعر توزع على هذا الجسم بقدر ما يحتاج إليه المهم ما على هذا كلامنا ولكن كلامنا على خلق الله عز وجل للإنسان فيه من العجب العجاب ما يسحر العقول وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب مفتاح دار السعادة من هذا شيئا الكثير هذا قبل أن يرتقي الطب إلى ما ارتقى إليه اليوم من فوائد الآية أيضا أن الخالق هو الله عز وجل خالق السماوات والأرض هو الله لقوله (( ما خلق الله السموات والأرض إلا بالحق )) فلم يخلقهما أحد سواه ولهذا قال في سورة الطور (( أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون )) ومن فوائدها إثبات عدد السماوات وهي سبع وأما الأرض وهى دائما تفرد في القرآن ما ذكرت مجموعة لكن أشير إلى أنها سبع في قوله (( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن )) ومن فوائدها أن بين السماوات والأرض من المخلوقات العظيمة ما يستحق أن يجعل قسيما لخلق السماوات والأرض لأن الله قال خلق السماوات والأرض وما بينها كلنا يعلم عظم الأرض وعظم السماء إذن فعظم ما بينهما مواز لهما من فوائد الآية أيضا كمال حكمة الله سبحان وتعالى وقدرته كمال قدرته بأي شيء نستدل عليها ؟ بعظم مقدوره كمال القدرة يؤخذ من عظم المقدور وهذا من الدلالة بالله الذي نوهنا عليه من قبل وقلنا إن الله إذا فتح على العبد معرفة لوازم النشوء استفاد بذلك فوائد عظيمة حتى إنه يأخذ من النفس الواحد من المسائل ما لا يأخذ غيره نصفها أو أقل أقول يستفاد من هذه الآية عظم قدرة الله عز وجل وبالغ حكمته الحكمة من أين نأخذها من قوله (( إلا بالحق )) ما هي عبثا بالحق أما القدرة فنأخذها من عظم المخلوق يدل على عظمة الخالق طيب ومن فوائد الآية أنه ينبغي للإنسان ألا يضيع وقته سبهللا وسدا من أين من قوله (( إلا بالحق )) لأن ضده الباطل و الباطل إما ضار وإما غير ضار ولا نافع كل لهو يلهوه ابن آدم فهو باطل إلا في ثلاثة أشياء المهم أن ما دام السماوات والأرض كلها خلقت بالحق والجد والصدق والثبات فينبغي لك أن تكون موافقا لهذه الحكمة التي من أجلها خلقت السماوات والأرض أي نعم ومن فوائد الآية أن هذا الخلق على عظمه له أجل محتوم لقوله نعم (( وأجل مسمى )) أي معين وكل شيء في السماوات والأرض كليا كان أو جزئيا فإنه محدد إلى أجل مسمى وسواء كان ذلك عينا أو قصص فإنها محددة إلى أجل مسمى ولهذا من الحكم المشهورة " دوام الحال من المحال " وهذا يتفرع عليه فائدة أخرى وهي أن الخلق ناقص حيث لم يقدر له الأبدية فهو ناقص ولهذا تأتي الحياة الآخرة تأتي كاملة لأنها مؤبدة ومن فوائد الآية كمال الحكمة حيث كان كل شيء له أجل مقدر منظم (( وكل شيء عنده بمقدار )) والمقدار يشمل مقدار الكمية ومقدار الكيفية ومقدار الزمنية ومقدار المكنية كل هؤلاء الأربعة يشملها قوله (( وكل شيء عنده بمقدار )) عز وجل ثم قال (( وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون )) يستفاد من هذه الآية أنه مع هذه الآيات العظمة خلق السماوات والأرض وما بينهما وتقدير ذلك بأجل مسمى وتقديره بتقدير معين مع هذا كله كثير من الناس ينكرون لقاء الله والحقيقة أن العاقل يستدل بهذا التأثير على وجود لقاء الله إذا رأى أصحابه وقرنائه الذين كانوا بالأمس معه يا مدين إذا رآهم يذهبون واحدا فواحدا هل هذا يحمله على الإيمان ولا لا ؟ لا شك أنه يحمله على الإيمان لأنه يعلم أنه لو كانت الدنيا ملك أحد ما وصلت إليه لو دامت لأحد ما وصلت إليه ما وصلت إليه إلا بعد أن تركت غيرك إذن نستدل بهذه الآجال المقدرة على أنه لا بد أن يكون شيء وراء هذا هل من الحكمة أن تنشئ هذه الخليقة العظيمة وبهذا النظام البديع ثم تكون النهاية يموت الإنسان كجيفة الحمار أو لا ؟ أبدا ليس هذا ممكن ولهذا قال الله تعالى (( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد )) فهذه الشرائع التي نزلت لا بد أن يكون ورائها حكمة وهو البعث الذي فيه لقاء الله عز وجل ولكن مع هذا (( وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون )) من فوائد هذه الآية إثبات البعث المفهوم من قوله (( بلقاء ربهم )) ومنها أن كل أحد سيلاقي الله عز وجل من أين من قوله (( بلقاء ربهم )) وقال تعالى في سورة الانشقاق ((يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) فإذا قال قائل هل هذا اللقاء كامل للمؤمن والكافر ؟ قلنا نعم لكن هناك فرق بين اللقاءين كما أن الرجل يلاقي زيد ويلاقي عمرو ويكون بين اللقاءين فرق عظيم يلاقي هذا بوجه غضب وهذا بوجه رضا هذا وجه انقباض وهذا بوجه انبساط وما أشبه ذلك ومن فوائد الآية إثبات الربوبية العامة ولا الخاصة ؟ العامة لقوله (( بلقاء ربهم )) مع أنه يتكلم عن الكافرين فهي الربوبية العامة والربوبية تنقسم إلى قسمين عامة وخاصة وقد اجتمعا في قوله تعالى (( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون )) فالأولى عامة والثانية خاصة نعم ومن فوائد الآية ذم من كفر بلقاء الله مع آياته العظيمة الدالة على وجوده وحكمته لقوله (( وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون )) وهذا الجملة لا ريب تدل على الذم نعم ثم قال تعالى (( أو لم يسيروا في الأرض )).
الطالب :....
الشيخ : يعني كثيرا منهم ما قال أكثرهم يعني في هذه الآية لا يحصل لكن في غيرها ممكن .
الطالب :....
الشيخ : ما يعمل هذا الذي لا يعمل له وجود إيمانه كالعدم لأن الكفر نوعان كفر جحد وكفر استكبار .
الطالب : المراد باللقاء في هذه الآية ؟
الشيخ : المراد باللقاء اليوم الآخر بعد البعث ومن لازمها البعث الله أعلم الرؤية لأن الله ذكر في الكفار (( أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) .
الطالب :....