تفسيرقول الله تعالى : << الله يبدؤ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون >> حفظ
قال الله تعالى (( الله يبدأ الخلق )) أي ينشئ الخلق خلق الناس ثم يعيده أي خلقهم بعد موتهم (( ثم إليه يرجعون )) بالياء والتاء هذا لتأكيد الإيمان باليوم الآخر ذكر الله سبحانه وتعالى بل ذكر عباده بأمر يعترفون به وهو أنه بدأ الخلق ولا أحد ينكر ذلك لا أحد يدعي أنه خلق نفسه كل إنسان يعرف أنه مخلوق من عدم ومن المعلوم لو ادعى أنه خلق من غير خالق فإن كل أحد يكذبه وإذا أقر بأنه لا بد من خالق فنقول له من عينه لنا ؟ وحينئذ لا يستطيع أن يعين ونقول إن الذي خلقك هو الله يبدأ الخلق أي ينشئه أول مرة كما قال تعالى (( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة )) وتطوير الخلق وجعله أطوارا أمر معلوم لأن هذا هو مقتضى الحكمة حكمة الله عز وجل أن الأشياء تتطور شيئا فشيئا حتى تصل إلى حد الكمال وقوله (( ثم يعيده )) ثم للترتيب بمهلة ولا للترتيب بتعقيب ؟ للترتيب بمهلة لأن الإعادة ما تكون إلا عند قيام الساعة ، قيام الساعة تتأخر كثيرا عن ابتداء الخلق وقوله (( ثم يعيده )) أي يرجعه مرة ثانية وليس يبتدئ خلقا جديدا وإنما يعيد المخلوق الأول خذوا بالكم فليس إنشاء خلقا جديد بل إعادة ما سبق وفرق بين الأمرين لأننا إذا قلنا إنه ابتداء خلق جديد فمعنى ذلك أن يعذب من لم يعلم وأن ينعم من لم يعمل وأيضا هذا النوع كونه يبتدأ خلقا جديدا ما ينكره المكذبون بالبعث لأنهم مقرون بالابتداء إنما هم منكرون ايش ؟ الإعادة (( من يحيي العظام وهي رميم )) وعلى هذا فالبعث إعادة وجمع ما تفرق وليس ابتداء خلق جديد فإذا قيل هذا المتفرق صار رميما ثم ترابا وتلاشى أو أن الإنسان أكلته السباع أو الحيتان أو ما أشبه ذلك نقول مهما كان الله تعالى قادر على أن يجمعه ثم يعيده ولهذا قال (( ثم يعيده ثم إليه ترجعون )) ثم إليه لا إلى غيره ترجعون فيها قراءتان يرجعون وترجعون فعلى قراءة التاء تكون الجملة للخطاب وعلى قراءة الخطاب تكون الجملة للغيب فعلى قراءة الياء تكون للغيبة ويشكل على هذا أنه قال يرجعون مع أن الخلق يبدأ الخلق مفرد يبدأ الخلق ثم يعيده ومقتضى السياق أن يقول ثم إليه يرجع لكن قال يرجعون نقول إن الجواب على ذلك أن الخلق مصدر بمعنى اسم المفعول بمعنى اسم المفعول فمعنى يبدأ الخلق يعني يبدأ المخلوقين لكن لما كان مصدرا فإن المصدر لا يثنى ولا يجمع قال ابن مالك في الألفية " ونعتوا بمصدر كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكير "وعلى هذا فنقول إن الخلق بمعنى المخلوقين يعني ثم إلى الله يرجع هؤلاء المخلوقون بعد الإعادة وهذا الرد الرد إلى الله والإرجاء من أجل الجزع والحساب ثم المآل إلى دار النعيم أو إلى دار الجحيم (( ثم إليه يرجعون ))