إعادة تفسير قوله تعالى : << و من ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون >> حفظ
(( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا )) بدأ أولا بخلق النفس ثم بخلق الزوج لأنه لا يتم التناسل إلا بالأزواج (( أن خلق لكم )) نقول في قوله (( ومن آياته أن خلق لكم )) كما قلنا في قوله (( ومن آياته أن خلقكم )) (( أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها )) خلق لكم اللام هنا للتعليل ولا للاختصاص؟ للاختصاص ويجوز أن تكون للتعليل كما في قوله (( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا )) وقوله (( أن خلق لكم من أنفسكم )) المراد بقوله من أنفسكم أي من جنسكم وليس المراد من أنفسكم أي من نفس الإنسان إلا باعتبار حواء لأنها خلقت من ضلع آدم عليه الصلاة والسلام وقوله من أنفسكم أزواجا ولم تكن هذه الأزواج من غير أنفسنا إذ لو كانت زوجة الإنسان ليست من نفسه وجنسه ما حصل بينها ائتلاف ومودة لبعد الفرق بينهما ولكن الله عز وجل جعلهن من أنفسنا عندنا نقول خلقت حواء من ضلع آدم وسائر النساء من نطف الرجال تخلقت وسائر النساء من نطف الرجال والنساء المؤلف رحمه الله يريد أن المراد بالنفس الذات من أنفسكم أي من ذواتكم بدليل أنه فسرها بآدم خلقت من حواء وبقية الناس خلقوا من النطف التي من الإنسان الذكر ومن الأنثى ولكن الذي ذكرناه أوجه بدليل قوله (( لتسكنوا إليه )) إذ أن هذا التعريج يناسب أن يكون المراد بالنفس أي الجنس على أنه لا يمنع أن تكون النساء هذه مخلوقة من ذوات الرجال لأن ما ذكره المؤلف صحيح لكن التعليل يؤيد قول الأول وقوله لتسكنوا إليها وتألفوها لتسكنوا إليها من السكون وهو عدم النفور من الشيء لأن الساكن هو المستقر ولهذا قلنا لمن في البيت نقول أنه ساكن من السكنى وقوله لتسكنوا إليها ضمن معنى السكون أو ضمن السكون معنى الميل فعداه بإلى إذ لم يكن لتسكنوا منها ولا عندها ولكن لتسكنوا إليها ولهذا كان الرجل ميالا بطبعه إلى المرأة وساكن إليها ولاسيما إذا وفق لامرأة تكون ملائمة له فإن هذا يبدوا ظاهرا جدا من التعريض وجعل بينكم جميعا مودة ورحمة جعل بينكم مودة ورحمة أي بين الرجل والمرأة مودة ورحمة المودة خالص الحب والرحمة الرأفة والحنو والعطف وهل هذا على سبيل التوزيع أو على سبيل الجمع بمعنى هل المودة من المرأة للرجل والرحمة منه لها أو أنه على سبيل الجمع أي كل واحد منكم يود الآخر ويرحمه ؟ الظاهر على سبيل الجمع فالمرأة تود الرجل وترحمه أما مودتها للرجل فالأمر ظاهر ولهذا تجد المرأة تبدأ زوجها وتدع أمها وأباها وأهلها ووطنها وأما الرحمة فنعم الزوجة ترحم الرجل إذا مرض تجد أنه يجد من العناية أكثر مما يجد من عناية أبيه وأمه به وكذلك لو احتاج حتى إن بعض النساء تبيع حليها وما زاد عن ضرورتها من الثياب من أجل الرحمة بزوجها وبالنسبة للرجل كذلك ظاهر فإن مودة الرجل لزوجته أمر لا ينقض وكذلك رحمته إياها أمر لا ينقض والجمع بين المودة والرحمة من أبلغ ما يكون لأنه إذا كان أحدهما محتاج إلى الرحمة حلت الرحمة وزادت على المودة والعكس بالعكس وإذا اجتمع مودة ورحمة فإنه ينشأ من هذين الصفتين صفة أقوى ممن لو انفردت إحداهما ولهذا تجد الإنسان ينظر إلى الفقير رحمة ولا مودة ؟ نظرة رحمة لكن إذا اجتمعت الرحمة مع المودة تولدت منها صفة أعلى من انفراد كل واحدة بنفسها إن في ذلك المذكور لآيات لقوم يتفكرون إن في ذلك المذكور المؤلف بين أن اسم الإشارة وإن كان مفردا لكنه عائد إلى متعدد أولا خلق لكم من أنفسكم أزواجا هذه آية كونها من النفس آية أخرى وجعل بينكم مودة ورحمة هاتان آيتان الجميع أربع آيات والتعبير بذلك كلمة ذلك بين المؤلف السبب فيه بأن اسم الإشارة يعود إلى المذكور وإن كان أكثر من واحد وهذا كثير في اللغة العربية وفي القرآن أيضا أن تكون اسم إشارة عائدة إلى المذكور وإن كان متعددا وقوله إن في ذلك لآيات لماذا نسب للآيات لأنها اسم إن مؤخرا وآيات جمع آية واعلم أن هذه الآيات تكون من كل صفة من هذا المذكور الأربع وتكون باجتماعها أيضا ولكنها تحتاج إلى تأمل وإلى تفكر ولهذا قال ((إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) قال المؤلف في صنع الله أي في خلقه ولكن المعنى أعم من ذلك تكون في صنعه وهو الخلق وفي حكمته وفي رحمته وفي غير ذلك مما يتعلق بهذا المعنى نعم .
الطالب :.....
الشيخ : هذه تيجي في الفوائد نعم يقول (( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ))