قال الله تعالى : << ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون >> حفظ
(( ومن آياته منامكم بالليل والنهار )) لإرادته راحة لكم ومن آياته أيضا منامكم بالليل والنهار أيضا هنا بمعنى حجة فهى الظرفية وهل تأتي الباء للظرفية ؟ نعم تأتي كثيرا ومنه قوله (( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون )) أى قوله وفي الليل المراد بالليل هنا الباء هنا ظرفية وقوله (( بالليل والنهار )) ما ذكر الله وقتا معينا من الليل ولا وقتا معينا من النهار لأنه أي النوم في أي ساعة من ليل أو نهار فهو من آيات الله أما كونه يكره لك أن تنام في هذا الوقت أو لا تنام فهذا موكول إلى الشرع وهو من الآيات الشرعية وليس من الآيات الكونية وقوله بإرادته راحة لكم كلمة راحة لكم هل هي مفعول للمؤلف ولا مفعول لإرادة أي أنه يريد الراحة لكم يفهم من كلام المؤلف وجهين إما المعنى بإرادته أن تستريحون أو المعنى أن نومكم بإرادته راحة لكم ويفيد أن النوم ليس باختيار الإنسان أليس كذلك ؟ ما هو باختياره الإنسان غاية ما يفعل أنه يفعل الأسباب التي يكون بها النوم لكن أما أن يخرج روحه من جسده حتى ينام أو يرد روحه إلى جسده حتى يستيقظ فهذا ليس إليه بل هو إلى الله ولهذا أحيانا الإنسان يريد النوم ويكون على الفراش ويحاول بقدر ما يستطيع أن ينام ثم لا ينام وأحيانا يغلبه النوم ولو لم يتهيأ له نعم أليس كذلك ؟ إذن النوم بإرادة الله وهو أي النوم وفاة صغرى فكما أنه الوفاة الكبرى إنما تكون بأمر الله وإرادته فكذلك الوفاة الصغرى قال (( منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم بالنهار من فضله )) أي تصرفكم في طلب المعيشة بإرادته ابتغاؤكم هذه معطوفة على منامكم ومعناها معنى ابتغاؤكم أي طلبكم من فضله من هذه لبيان الجنس أي من عطائه ورزقه والمؤلف رحمه الله خص الابتغاء بالنهار (( مناكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله )) والأحسن أن نجعلها مطلقة ما أطلقها الله لأن من الناس من يبتغي من فضل الله بالنهار ومنهم من يبتغي من فضل الله بالليل فكونها تبقى على ما هي عليه بدون تغيير هذا هو الأولى لأن التقييد يضيق المعنى فيجعل الابتغاء بالنهار مع أنه يوجد أناس لا يطلبون الرزق إلا في الليل مثل الحراس وأصحاب الأمن وما أشبه طيب (( وابتغاؤكم من فضله )) الفضل بمعنى العطاء أي تصرفكم في طلب المعيشة بإرادته والإرادة هنا إرادة الله عز وجل لا يريد المؤلف رحمه الله أن ي يثبت منهج الجبرية لا يريد ذلك وإنما يريد أن يبين أن تصرفنا وإن كنا مستقلين به من وجه فإننا لسنا مستقلين به من وجه وابتغاء الفضل بإرادة الله والمنام بإرادة الله وبينهما فرق لأن المنام ليس لنا فيه حرية إطلاقا ولا إرادة بخلاف الابتغاء من فضله فإن لنا فيه إرادة ولكنها تابعة لإرادة الله كما قال تعالى (( لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )) نعم.