تتمة تفسير الآية السابقة <<...ذلك الدين ولكن أكثرالناس لا يعلمون >> حفظ
قال الله تعالى (( ذلك الدين القيم )) ذلك الدين القيم المستقيم توحيد الله ذلك المشار إليه قوله (( فأقم وجهك )) أي إقامة وجهك للدين حنيفا هو الدين القيم قال المؤلف القيم المستقيم لكن القيم أبلغ لأن القيم على وزن فيعل فهي صفة مشبهة يعني هو قيم نعم أبلغ من قولنا أنه مستقيم لأن المستقيم ضد المعوج لكن القيم الكامل في قيامه فهو أبلغ يعني أن هذا الدين هو الدين القيم أي الكامل الذي ليس فيه اعوجاج وليس فيه نقص ولا شك أنه هو القيم كما قال الله تعالى (( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون )) فلا أقوم للعباد ولا أنفع للعباد من إتباع شريعة الله سبحانه وتعالى بالإخلاص له وإتباع رسله وقوله ذلك الدين القيم (( ولكن أكثر الناس )) أي كفار مكة لا يعلمون توحيد الله ولكن أكثر الناس قال المؤلف كفار مكة وهذا لا شك أنه تخصيص بدون دليل بل الدليل يخالفه لأن كفار مكة ليسوا أكثر الناس أليس كذلك ؟ ثم إن الله يقول أكثر الناس ما قال أهل مكة أكثر الناس لا يعلمون وصدق الله عز وجل لأن أهل النار من بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون من الألف هم الأكثر ولا الأقل ؟ الأكثر بدون استفهامه لأن الاستفهام جاء ليقرر هذا الشيء أكثر الناس لا يعلمون لو علموا ما صاروا من أصحاب الجحيم فهم لا يعلمون ولكن ما معنى قوله لا يعلمون ؟ أي لا يعلمون أن هذا هو الدين القيم أو لا يعلمون ما ينبغي لهم أن يكون عليه أو ماذا ؟ نقول الآية مطلقة فتشمل كل شيء ينافي هذا الدين فمن خرج عن هذا الدين فإنه لا يعلم أن الدين قيم وإن علم به ولم يتبعه صار علمه كالمعدوم كذلك لا يعلم حقيقة أمره وحاله وأنه يجب أن يدين لله عز وجل بما دان به خلقه كذلك لا يعلم ما يترتب على هذا من جزاء والثواب الجزيل لمن قام به وبالعقوبة والعذاب الأليم لمن خالفه فالمهم أن حذف المفعول ايش يقتضي ؟ يقتضي العموم وهذه قاعدة معروفة عند أهل العلم أن حذف المعمول يفيد العموم وله أمثلة كثيرة في القرآن وفي كلام العرب ومنه بل من أوضحه قوله تعالى (( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى )) قوله (( فهدى )) تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم ولمن تبعه (( ضالا فهدى )) الهداية له ولمن استن بسنته (( فأغنى )) الغنى له ولأمته ( وأحلت لي الغنائم ولم تحل أحد قبلي ) المهم أنه تخصيص المؤلف بقوله كفار مكة وجه له والصواب أن أكثر الناس من بني آدم من كفار مكة وغيره لا يعلمون نعم .