قال الله تعالى : << وإذا مس الناس ضرٌ دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمةً إذا فريقٌ منهم بربهم يشركون >> حفظ
قال (( وإذا مس الناس )) أي كفار مكة ضر شدة دعوا ربهم منيبين راجعين إليه دون غيره ثم إذا أذاقهم منه رحمة بالمطر إذا فريق منهم بربهم يشركون إلى آخره المؤلف رحمه الله خص هذه الآية من وجهين من جهة من نزلت فيه أو من جهة المراد به ومن جهة الضر فقال (( وإذا مس الناس )) أي كفار مكة ليس بصحيح الناس عموما ولكن هل المراد بالناس عمومهم ننظر الحال الذي تحدث الناس عنه هل تنطبق على المؤمنين أو خاصة بالكفار ؟ هذه خاصة بالكفار إذن الناس من حيث هم ناس أو نقول المراد بالناس المراد بالعموم هنا الخصوص وهم الكفار فعندنا الآن وجهان الوجه الأول أن نقول المراد بالناس الناس من حيث هم ناس بقطع النظر عما يتصفون به من إيمان أو كفر أو نقول إن المراد بالناس الكفار فيكون عاما أريد به الخاص مثل قوله تعالى (( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم )) الناس الأول يراد به واحد نعم وهو نعيم بن مسعود أو غيره وإن الناس قد جمعوا لكم من المراد بالناس الثانية ؟ واحد وهو أبو سفيان أو جنس الثاني المهم أن كلمة الناس في قوله (( وإذا مس الناس )) يراد بها أحد أمرين أما أن يراد بها المؤمنون عينا أو المؤمنون والكافرون فهذا لا ما يصلح لأن الحال التي ذكر الله عنه ذكرنا فاندفع المؤمنون الثانية يقول المؤلف ضر شدة ثم قال إذا أصابه منه رحمة بالمطر إذا قلنا الرحمة مطر صار الشدة القحط وهو عدم المطر والأمر ليس كما قال المؤلف رحمه الله بل هو أعم لأن كلمة ضر يا إخوانا كلمة ضر نكر في سياق الشرك فتكون للعموم أي ضر يصيبه سواء قحط أو مرض أو فقد مال أو غير ذلك أي ضر عندما يصابون بالضر دعوا ربهم منيبين راجعين إليه كقوله تعالى (( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين )) فإذا أصيبوا بالشدة عرفوا الله خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) الذي لا يعرف ربه إلا في الشدة هل هو عابد رغبة ؟ لا نعم وهذا الذي تحدث الله عنه أخف حالا ممن لو أصيبوا بالشدة دعوا المخلوق نعم هؤلاء أقبح ممن حدث الله عنهم يقول (( دعوا الله مخلصين له الدين )) مخلصين هذه حال من فاعل دعوا وعندنا إشكال في دعوا الله كيف ضم الواو مع أن الواو ساكنة ؟ دعوا الله .
الطالب : الثانية محذوفة ...يقول دعووا .
الشيخ : دعوا الله أقول أن الواو ساكنة كيف ضمت هنا ؟ دعوا الله طيب حركت لالتقاء الساكنين فإذا قال قائل التحريك لالتقاء الساكنين يكون بالكسر مثل لم يكن الذين كفروا قلنا لكن لا يناسب الواو الكسر ايش يناسب الواو ؟ الضم فعلى هذا نقول حرفكت بالضم لالتقاء الساكنين وأظن هذا يذكرنا بأننا نقول في مثل الواو والياء نقول منع من ظهورها الثقل الفتحة تظهر عليها والضمة والكسرة تقدر منع من ظهورها الثقل لكن هنا لا ئقة يعني دعوا الله تنطق بها بسهولة نعم والسبب أن هذه الضمة عارضة لماذا ؟ للتخلف من التقاء الساكنين دعوا الله هذه .... من المعنى إذن دعوا الله على هذا التقدير وهذه جاءت والحمد لله كما يقال رب صدفة خير من ميعاد طيب أما دعوا ربهم فليس فيها إشكال نعم وقوله (( دعوا ربهم )) كلمة رب بمعنى الخالق المالك المدبر فالربوبية تقتضي هذا خلق فالذي أوجد الخلق هو الله مالك لله ملك السماوات والأرض مدبر يدبر الأمر هذا هو الرب تأمل دعوا ربهم حينئذ عرفوا أن الأمور بيده لما وقعوا في الشدة عرفوا أن الأمور بيده فدعوه وقوله (( مخلصين )) حال من فاعل
الطالب :.....
الشيخ :دعوا ربهم منيبين إليه
الطالب :من الواو
الشيخ :أي نعم قال راجعين إليه دون غيره ثم إذا أذاقهم منه رحمة بالمطر إذا فريق منهم بربهم يشركون إذا أذاقهم منه رحمة أذاقهم يعني معناه أصابتهم الرحمة حتى تحققوها كما يتحقق الإنسان الطعام في فمه ولهذا عبر بالإيذاق وإن كان هذا لا يذاق يعني ما يفي في الفم ولكن لتحقق إصابته كان كالشيء الذي يؤكل فيذاق وقوله (( منه رحمة )) ما المراد بالرحمة ؟ المراد ما يقابل الضر إذا مس الناس ضر ثم إذا أذاقهم منه رحمة فمثلا إذا كان جدب فالمراد بالرحمة المطر والخصب إذا كان مرضا فالمراد بها الشفاء إذا كان فقرا فالمراد به الغنى المهم أنه يشمل يقابل بالضر نعم .
الطالب :....
الشيخ : مأخوذ من قوله (( إذا فريق )) يعني إذا فجائية وقوله (( إذا فريق )) إذا فجائية وهي حرف مع أن إذا الشرطية اسم لماذا؟ لأن إذا الشرطية نابت منادى اسم الشرط وأما إذا الفجائية فنابت منادى الفاء والفاء حرف وقوله (( فريق )) مبتدأ وقوله (( يشركون )) الجملة خبر فريق وهنا نسأل لماذا جاء المبتدأ نكرة؟ وابن مالك يقول " ولا يجوز الابتداء بالنكرة " ؟ إذا لم تفد لأنها أفادت وبالخصوص لأنها وقعت بعد إذا الفجائية فإذا جاء المبتدأ بعد إذا الفجائية فلا بأس أن يكون نكره وقوله (( إذا فريق منهم بربهم يشركون )) قال هنا إذا فريق منهم بربهم يعني وفريق آخر لا يشرك مع أنه في آية أخرى يقول (( فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون )) وفي آية ثالثة (( فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلى كل ختار كفور )) فهل نقول أن الآيات التي يقول الله فيها إذا هم يشركون تحمل على المشركين والآيات التي فيها فمنهم مقتصد أو إذا فريق منهم بربهم يشركون تنزل على العموم ؟ .
الطالب :في حال الرخاء لا يدون .... في بعض المرات هكذا وبعض الأحوال هكذا ....
الشيخ :داحين هذا الإشكال ما ورد عندي إلا الآن لما وصلنا الآن إذا كان بالأول قررنا أنها للمشركين أو الناس من حيث هم ناس ولكن لما قال (( إذا فريق منهم بربهم يشركون )) صار عندي تردد هل الآية عامة ونقول إن المؤمنين إذا أصيبوا بالضراء لا شك أنهم يلجئون إلى الله أكثر كما هو مشاهد ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) فهذا دليل على أن الإنسان في حال الرخاء قد يحصل منه غفلة عن الله عز وجل وعدم تعرف ولكن في حال الشدة يلجئون إلى الله عز وجل قال النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف ( إذا رأيتم إن الله يخوف فيهما عذابه فإذا رأيتموهما فابتغوا إلى ذكر الله ) فذاك يحتاج إلى تأمل إنما الذي يبدو لي الآن أن الآيات التي يقول الله فيها (( فلما نجاهم إذا هم مشركون )) تكون خاصة بالمشركين أما الآيات التي يقول (( فمنهم مقتصد )) و(( إذا فريق منهم )) فإنها تصدق للعموم لأن الناس حتى المؤمنين إذا أصابهم الضر صار عندهم من الرجوع إلى الله عز وجل واللجوء إليه أكثر نعم ولكن الصدق حين الرجوع إلى الله والإنابة أكثر وصلاة الكسوف وحتى أنت الآن في نفسك إذا وقعت في شدة تجد عندك من اللجوء إلى الله عز وجل والافتقار إليه أكثر من إذا كنت في رخاء نعم وتأمل إن شاء الله حتى غدا عند ذكر الفوائد نعم منيبٍين إليه واتقوه.