تفسيرقول الله تعالى : << أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر إن في ذلك لأيات لقوم يؤمنون >> حفظ
(( أو لم يروا )) يعلموا أن الله يبسط الرزق يوسعه لمن يشاء سبحانه ويقدر يضيقه لمن يشاء ابتلاء (( أو لم يروا )) قال المؤلف أو لم يعلموا وعلى هذا فالرؤية علمية ويؤيد تفسير المؤلف أنها جاءت في آيات أخرى بيعلموا وهي في سورة الزمر (( أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر)) أو لم يعلموا نعم إذن فأحسن ما يفسر به القرآن ، القرآن وهو أعلى أنواع التفسير ويمكن أن يقال إن لكل آية معنى فنفسر الرؤية هنا برؤية البصر لا برؤية البصيرة مثل العلم ونفسرها هناك بالعلم كما هو لفظ الآية ويكون البسط والتضييق معلوما بالقلب مرئيا بالعين فإن الإنسان أيضا أيضا يرى بعينه كما يعلمه أيضا بقلبه وأيهما أعم يعلم أو يروا إذا لم نفسر يروا بيعلموا ؟ العلم أعم نعم لأن العلم قد يكون بالرؤية وقد يكون بالسماع نعم قد لا أرى أن الله بسط الرزق لعباده وقدره لكنني أسمع في البلاد الغنية غنى وفي البلاد الفقيرة فقر وما أشبه ذلك فالعلم أعم وذلك لأن وسائل العلم متعددة بخلاف الرؤية فإن طريقها البصر العلم كل الحواس الخمسة التي تعرفونها كلها توصل إلى العلم فاللمس والشم والذوق والرؤية والسماع كلها توصل العلم وأعم لأنه إذا رأى علم ولكن علمه أعم لأن وسائله أكثر وقوله (( أن الله يبسط الرزق البسط )) بمعنى التوسيع كما قال الله تعالى (( فيبسطه في السماء كيف يشاء )) يعني يوسعه وقوله (( لمن يشاء )) سبق لنا أن كل شيء قيده الله بالمشيئة فإنه مفعول بالحكمة وليست مشيئة الله تعالى مشيئة مجردة لأننا نعلم أن الله عز وجل حكيم لا يفعل شيئا ولا يشرع شيئا إلا لحكمة فكلما مر عليك شيء مقيد بالمشيئة فاعلم أنه مقيد بالحكمة (( لمن يشاء )) قال المؤلف امتحانا (( ويقدر )) يضيق لمن يشاء ابتلاء ففرق المؤلف بين تضييق الرزق وبين بسطه وجعل البسط امتحانا والتضييق ابتلاء والصواب أنهما سواء كما قال تعالى (( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )) وكلها ابتلاء وقال سليمان عليه الصلاة والسلام (( هذا من فضل ربي ليبلوني أأشرك أم أكفر )) فالصواب أنها كلها ابتلاء والامتحان قريب من معنى الابتلاء لكن الإصابة به لبسط الرزق تقتضي شكرا ولتضييقه تقتضي صبرا هذا الفرق بينهم والمؤمن يقوم بالوظيفتين إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وهذا ليس إلى للمؤمن فقط وقوله (( أو لم يروا )) الاستفهام هنا المراد به التقرير يعني أنهم يرون أن الأمور بيد الله عز وجل وأنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر فكيف يقطنون إذا أصابتهم السيئة وكيف يفرحون ويفخرون إذا أصابتهم الرحمة بل الواجب عليه أن يعلموا أن ذلك بحكمة من الله سبحانه وتعالى وقوله (( أول لم يروا )) الواو هنا حرف عطف ولم أداة استفهام وأداة الاستفهام لها الصدارة فإذن لم تسبق الواو بشيء يعطف عليه فما هو الجواب ؟ ذكرنا فيما سبق أن لعلماء النحو في مثل هذا التقييد قولين القول الأول أن الواو عاطفة على مقدم بعد الهمزة والثاني أن الواو عاطفة على ما سبق وعلى هذا فتكون الهمزة مقدمة قبل العاطف وذكرنا أن هذا الرأي أولى لأن الأول وإن كان جيدا من حيث الأصول لكنه في بعض الأحيان يصعب على الإنسان أن يقدر شيئا يرى أنه مناسب للسياق وعليه يكون القول بأن الهمزة للاستفهام وأن الواو مقدرة قبلها يعني أولم يروا أسهل (( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر )) ولاشك أن بسط الرزق وتضييقه أنه ابتلاء من الله سبحانه وتعالى وذلك لأن العبد أحيانا يناسبه أن يبسط له الرزق وأحيانا بالعكس حسب ما تقتضيه الحكمة يحسن لهذا ما لا يحسن لهذا .... نعم وقال الله تعالى (( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )) إن في ذلك أي في بسط الرزق وتضييقه لآيات لقوم يؤمنون آيات ما الذي نصبها ؟ إن فهي اسمها مؤخرا وفي ذلك خبرها مقدما وقوله (( لآيات )) أي لعلامات دالة على أن الله سبحانه له التصرف المطلق في عباده نرى أحيانا بعض الناس يسعى بقدر ما يستطيع في أسباب الرزق ومع ذلك لا يمكن تجده يبيع ويشتري ويسافر يضرب في الأرض يطلب رزق الله ومع ذلك مضيقا عليه وتجد بعض الناس يسعى سعيا بسيطا ولكن الله تعالى يبارك له في سعيه حتى يكون عنده رزق كثير مما يدل على أن الأمور لا تنال بالكسب الكسب سبب لكن فوق ذلك إرادة الله عز وجل وقوله (( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون )) لأنهم هم الذين ينتفعون بهذا بهذه الرؤية وهذا التفكر أما غير المؤمن فإنه لا ينتفع بها ولهذا تجد هؤلاء الذين لا يؤمنون إذا حصل كل هذه الأمور ينسبونها إلى الطبيعة إذا كثر المطر قالوا بسبب كذا وإذا قل قالوا هذا بسبب كذا ونحن لا ننكر أن الأمور لها أسباب ولكننا ننكر أن تكون الأسباب هي الفاعلة فإن الفاعل هو الله عز وجل وما الأسباب إلا وسائل يستدل بها على حكمة الله سبحانه وتعالى وأنه حكيم حيث ربط المسببات بأسبابها نعم (( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ))