قال الله تعالى : << قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين >> حفظ
قال الله تعالى قل لكفار مكة (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين )) الخطاب في قوله قل للرسول عليه الصلاة والسلام ويحتمل أن يكون له ولكل من دعا إلى شريعته وجعلناك للاتعاظ والاعتبار وقوله (( سيروا في الأرض )) السير معناه المشي وفي الأرض في بمعنى على لأن على الأرض وليس المراد في داخلها وقيل إن في للظرفية وأن الظرف يختلف بحسب المظروف وبحسب الظرف أيضا يعني مثلا إذا قلنا الماء في الكوب صار في جوف الكوب كوب ماء الكامل أو الطافية مثلا أو القدر فهنا صار الماء في جوفه وإذا قلنا الكتابة في الورق اختلفت وإذا قلنا الوجه في المرآة اختلفت فيرى بعض العلماء أن في هنا للظرفية ولكن ظرف كل شيء بحسبه والسير المأمور به هنا لا أحد يتصور أن المراد أن احفروا لكم خندقا في الأرض وادخلوا فيه ما أحد يتصور هذا فهنا وجهان في كلمة في الوجه الأول أن تجعل بمعنى على سيروا على الأرض أي على ظهرها الوجه الثاني أن تجعل في للظرفية ويقال إن الظرفية في كل مكان بحسبه طيب هذا تفسير في تفسير (( سيروا في الأرض )) هل المراد السير بالأقدام أو السير بالعقول بالتفكير ؟ نعم يشمل السير بالأبدان بأن يذهب الإنسان إلى مساكن القوم ليتعظ ويعتبر أو السير بالقلوب بأن يقرأ تواريخهم وأحداثهم حتى يعتبر بهم وكم من سير بالقلب صار أعظم من السير بالقدم ولكن السير بالقدم لأجل التفرج والنزهة هذا محرم كما يفعله بعض الناس الآن يذهبون إلى ديار ثمود من أجل التفرج والنزهة والاطلاع على ما لهم من قوة سابقة مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا وأنتم باكون فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوها ) نعم أين الذين يذهبون إلى ديار ثمود وهم يبكون الرسول صلى الله عليه وسلم لما مر بها في ذهابه إلى تبوك مشى مسرعا وقنع رأسه نزلها عليه الصلاة والسلام وأسرع نعم وعلى هذا فنقول إذا سرت في أرض هؤلاء المعاقبين فسر سير متعظ معتبر نعم كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل )) فانظروا نظر اعتبار وتفكر ولا نظر عين ؟ على حسب ما قلنا في السير إن كان سيرا بالقدم فهو نظر بالعين إن كان سيرا بالقلب فهو نظر بعين البصيرة التفكر والتأمل ويمكن أن نقول أيضا إن حتى إذا فسرنا السير هنا بالسير الحسي على الأقدام فإنه لا بد أن يكون مقرونا بالنظر بعين البصيرة والاعتبار إذ النظر بالعين المجردة لا يفيد شيئا (( فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل )) ايش محل كيف من الإعراب ؟ محلها النصب خبر كان مقدما وعاقبة اسمها والجملة معلقة عن العمل معلقة لكلمة انظروا نعم معلقة الجملة معلقة في تأويل الاسم المفرد والتقدير فانظروا حالهم كيف كانت وقوله (( كيف كان عاقبة الذين من قبل ) عاقبة هنا مصدر ولهذا نكر الفعل نعم إذا لنا عقبى الذين من قبل كان أكثرهم من حرف جر مقابل اسم المجرور اسم مرفوع بمن لأن فيه ضمة ظاهرة في آخره .
الطالب :....
الشيخ : مبنية على ضم بقطع الإضافة لا ونوى معناه حذف المضاف ونوى معناه فيبنى على الضم نعم لأنهم يقولون في قبل وبعد إن وجد المضاف لفظا فهي معربة غير منونة وإن حذف لفظا ومعنى فهي معربة منونة هذان حالان متقابلان إذا وجد المضاف إليه فهي معربة غير منونة تقول أتيت من قبل زيد ومن بعده نعم وإذا حذف المضاف لفظا ومعنى فهي معربة منونة طيب وإذا حذف المضاف إليه ونوى لفظه فهي معربة غير منونة كما لو وجد لفظ معربة غير منونة وإذا حذف المضاف إليه ونوى معناه فهي مبني على الضم أي نعم لها أربع حالات (( كان أكثرهم مشركين ))كأن الإنسان يتوقع بأن عاقبة الذين من قبلهم أهلكوا وأتلفوا وما أشبه ذلك ولكن البيان جاء على غير المتوقع ماذا تتوقعون أنتم لما قال الله عز وجل (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل))
الطالب :....
الشيخ :لا تتوقعون أهلكناهم ودمرناهم وما أشبه ذلك لأن هذه عاقبتهم لكن جاء الأمر على خلاف المتوقع كان أكثرهم مشركين جاء مبينا لسبب هذه العاقبة لأنها هي الحال التي عليها هؤلاء المكذبون وهو الشرك يعني فأنتم الآن مشركون وهم كانوا مشركين فدمروا فمعنى ذلك أن عاقبتكم أنتم ستكون مثلهم مآلها التدمير والهلاك وهذا من بلاغة القرآن أن الله تعالى ذكر سبب هلاك أولئك القوم الذي كان عليه الآن هؤلاء المخاطبون هؤلاء المخاطبون الآن مشركون كانوا على الشرك إلى الآن ما وجدوا العاقبة لكن إذا علموا أن سبب عاقبة هؤلاء هو الشرك فلا شك إذا كان لهم عقول أن ينتهوا عن الشرك كان أكثرهم مشركين يقول فأهلكوا بإشراكهم ومساكنهم ومنازلهم خاوية قوله تعالى (( كان أكثرهم مشركين )) طيب والبعض الآخر ؟ ظاهر الآية الكريمة أن البعض الآخر وهو الأقل لم يكن مشركا وها هنا إشكال هل أهلك الموحدون مع المشركين ؟ مع أن الله تعالى ذكر في آيات كثيرة في الأمم السابقة (( فأنجيناه والذين معه )) (( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم )) نعم فظاهره أن المؤمنين لم يهلكوا أن نقول (( كان أكثرهم مشركين )) باعتبار القادة والرؤساء الذين يعرفون أنهم على شرك أما العامة الذين لا يدرون فهم تابعون وراضون وإن لم يكن عندهم شرك لكن هم يظنون أن هذا هو الحق فأي الاحتمالين أولى أو احتمال ثالث أن يقال إن الله تعالى أمرنا أن ننظر كيف كان عاقبة السابقين وإذا نظرنا وجدنا أن أكثرهم مشرك فأهلك وأن المؤمن نجا فيكون في هذا تحذير من الشرك وترغيب في الإيمان والتوحيد فها هنا ثلاثة إحتملات الاحتمال الأول أن الجميع أهلك وهذا يشكل عليه آيات كثيرة في أن الله تعالى أنجى المؤمنين هذا واحد الوجه الثاني أن المراد بأكثرهم مشركين الذين يعرفون أنهم على شرك دون الغوغاء والعامة الذين لا يدرون ما هم عليه وإنما هم أتباع كل ناعق الوجه الثالث أن يقال العاقبة حميدة وذميمة والله يقول (( كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين )) ونحن نعلم أن من حكمة الله عز وجل أن يجازي المشرك على شركه والمؤمن على إيمانه وحينئذ يكون في الآية ترغيب في الإيمان والتوحيد وترهيب عن الشرك والكفر فأي الاحتمالات أولى الظاهر أن الأخير أولى يعني ينظروا كيف كان عاقبة السابقين وأن من كان مشركا منهم أخذ بشركه ومن كان مؤمنا نجي بإيمانه من أجل أن يؤمنوا هم ومن أجل أن يثبت المؤمنين من هذه الأمة على إيمانهم وقال المؤلف فأهلكوا بإشراكهم ومساكنهم ومنازلهم خاوية نعم هذا هو الواضح فقوم صالح مثلا صالح والذين معه نجوا ولا ما نجوا ؟ نجوا وقومهم أخذتهم الرجفة والصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين فتلك مساكنهم خاوية منهم قوم ثمود لما ظلموا تجدها الآن خاوية ولم تسكن فيما نعلم بعده ما سكنت إلى الآن