قال الله تعالى : << فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يومٌ لا مرد له من الله يومئذٍ يصدعون >> حفظ
ثم قال تعالى (( فأقم وجهك للدين القيم )) دين الإسلام أقم الخطاب لمن ؟ للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتوجه إليه الخطاب وقد سبق توجيه القول الأول إذا جعلنا الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام فإما أن يكون المراد به الرسول نفسه وتكون أمته تبعا له وإما أن يراد به الرسول والأمة لكن خوطب به الرسول لأنه زعيمهم وإمامهم وقوله (( فأقم وجهك للدين القيم )) ما المراد بالوجه هل المراد الاتجاه أو المراد الوجه الحسي الذي في الرأس ؟ نعم الظاهر المراد الاتجاه لأن الوجه يراد به الجهة كما قال تعالى (( ولله المشرك والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) لأنه سبق لنا أن فيها قولين للمفسرين قول أن المراد بالوجه هو وجه الله الحقيقي وقول أن المراد به الجهة ولا شك أن الوجه يراد به الجهة وقوله (( للدين القيم ))
الطالب :....
الشيخ :لا إذا قلنا أن المراد بالوجه الجهة شملنا به الوجه الحسي بما يطلب منه الاتجاه للقبلة وقوله (( للدين القيم )) ما المراد بالدين هنا ؟ المراد بالدين العمل وقد سبق لنا أن الدين في القرآن يراد به العمل والجزاء فقوله تعالى (( مالك يوم الدين )) (( وما أدرك ما يوم الدين )) المراد بالدين الجزء وأما (( ورضيت لكم الإسلام دينا )) ( وإن الدين عند الله الإسلام )) فالمراد به العمل كما في هذه الآية وقوله القيم ايش ضده ؟ المعوج كما قال تعالى (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه )).
الطالب : (( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما ))
الشيخ : نعم الكتاب قيم لكن نريد الدين (( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما )) يعني قيم فدين الإسلام دين مستقيم ليس فيه اعوجاج لا بالنسبة لمعاملة الله عز وجل وهي العبادة ولا بالنسبة لمعاملة المخلوق ولهذا تجد في المعاملات حرم الكذب والغش والخديعة وما أشبه ذلك وحرم الجور والظلم وتحريم تقتيل الأولاد وما أشبه ذلك كل هذا خلاف الاستقامة وفي العبادات حرم الشرك والابتداع لما في ذلك من انحراف عن الصراط المستقيم نعم .
الطالب :....
الشيخ : إن الدين عند الله الإسلام هذا يشمل العقيدة ويشمل الأعمال الظاهرة مثل ما قلنا في السابق أن الإسلام إذا قرن بالإيمان صار الإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة وإذا أفرد عنها فهما في معنى واحد (( من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله )) وهو يوم القيامة (( يومئذ يصدعون )) قوله (( من قبل )) متعلق بأقم يعني أقمه من قبل هذا اليوم نعم وقوله (( من قبل أن يأتي يوم )) نكر للتعظيم لأن هذا اليوم كما وصفه الله تعالى في قوله ب((يوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين )) وقوله (( لا مرد له )) مرد هذا مصدر ميم أي لا رد له يعني ما يمكن أن يرد هذا جوابه لأن الله تعالى قضى به وقوله (( من الله )) متعلق بصفة لقوله يوم هذه صفة متعلق بصفة يوم يعني من قبل أن يأتي يوم من الله يعني هذا اليوم من الله لا من غيره ويحتمل أن يكون متعلق يأتي أن يأتي من الله يوم والأول أبلغ أن يكون صفة ليوم لأن كونه من الله يدل على عظمته وأنه لا يمكن أن يرد هذا اليوم وقوله (( من قبل أن يأتي يوم )) إذا قال قائل هذه الآية خوطب بها الناس في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ومعلوم أن القيامة ما تقوم في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فكيف قال (( من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله )) الجواب على هذا أن نقول إن الموت واقع حتى في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ومن مات قامت قيامته وانقطع عمله فلا فرق بين يموت في ذلك الوقت وبين من يموت وهو آخر الناس موتا بالنسبة لانقطاع العمل كل منهم انقطع عمله فكأنه أآى فكأن من يموت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كأنه بلغ يوم القيامة ولهذا يقول العلماء إن موت الإنسان قيامة بالنسبة إليه وهي قيامة صغرى بالنسبة إلى عموم الناس لأن العمل انقطع انتهى وقوله (( لا مرد له من الله )) تفيد بأن هذا أمر لا بد أن يقع وهو كذلك لأن يوم القيامة هو الذي من أجله خلق الناس خلق الناس لعبادة الناس وجزائها يكون يوم القيامة قال (( يومئذ يصدعون )) قال فيه إدغام الثاء في الأصل في الصاد ومعناه يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار (( يومئذ )) إذ منونة والتنوين هنا عوض عن جملة يعني يوم إذ يأتي يصدعون ويقول المؤلف فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد ويش معنى إدغام التاء في الأصل في الصاد ؟ أصلها يتصدعون فقوله إدغام التاء في الأصل أي باعتبار الأصل يعني أن الصاد التي أدغمت في أختها أصلها تاء فأدغمت بها بعد قلبها صادا ومعنى يصدعون يتفرقون .
الطالب :....
الشيخ : أصلها يتصدعون ومعنى التصدع التفرق ومنه تصدع الأرض يعني تصدعها تتفرق أجزائها فتنفجر فهم يومئذ.