الفوائد المستنبطة من قوله تعالى : << ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين >> حفظ
ثم قال تعالى (( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين )) يستفاد من هذه الآية إثبات العلل في أفعال الله لقوله (( ليجزي الذين آمنوا )) وقد انقسم الناس في هذا إلى ثلاثة أقسام قسم أنكروا العلل في أفعال الله وفي شرعه وقالوا أنه سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم بما شاء بدون أي علة أو حكمة مثل الجبرية وقسم آخر أثبتوا العلل في أفعال الله وقالوا إن الله تعالى لا يفعل إلا لحكمة ولا يشرع إلا لحكمة ولكنهم جعلوا تلك العلل موجبة وقالوا يجب عليه أن يفعل كذا لكذا وهؤلاء المعتزلة وقسم ثالث توسطوا وقالوا أفعال الله تعالى لحكمة وشرائعه لحكمة لكن ليست هذه الحكمة موجبة بل الذي أوجب على نفسه الحكمة هو الله والحكمة من مقتضى اسمه الحكيم فتكون واجبة ليست بإيجاب أحد ولكنها بمقتضى كونه حكيما هو الذي أوجبها على نفسه وهذا القول هو الصحيح وإذا قلنا به فإننا لا يمكن أن نعترض على أي حكم من أحكام الله كونيا كان أو قدريا لأننا نعلم أن الذي أوجب أن تقترن أفعاله وشرائعه بالحكم من هو ؟ الله لا نحن فلا نقول إن الله يجب عليه فعل الأصلح ولا فعل الصلاح إيجابا مستقلا عن إرادته وهذا القول هو الحق إذن نأخذ منه أن جميع أفعال الله وأحكام الله كلها معللة بالحكمة بمقتضى اسمه الحكيم من فوائد الآية الكريمة أن الجزاء ليس واجبا على الله لقوله (( ليحزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله )) لكنه أوجبه على نفسه نعم في قوله (( كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم )) أوجبه هو سبحانه وتعالى على نفسه ولهذا قال الشاعر " ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا عمل لديه ضائع إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع "وابن القيم رحمه الله نظم معنى هذين البيتين لكنه علل فقال " ما للعباد عليه حق واجب هو أوجب الأجر العظيم الشان إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله والفضل للمنان " نعم فقيد المطلق في البيتين السابقين أنه هو الذي أوجب ذلك تفضلا منه سبحانه وتعالى ومن فوائد الآية الكريمة إثبات المحبة لله من أين تؤخذ ؟ لا يحب الكافرين بس هذا نفي كيف نأخذ منه ذلك ؟ لأنه إذا انتفت محبته عن الكافرين لزمت محبته للمؤمنين فإن لم يكن لم يكن فرق بين المؤمنين وبين الكافرين لو كانت المحبة منتفية لهؤلاء وهؤلاء ما كان بينهم فرق أليس كذلك ؟ ولهذا استدل أهل العلم على إثبات رؤية الله سبحانه وتعالى بقوله (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) قالوا فلما حجب هؤلاء في حال الصحب دل على أنه لا يحجب الآخرون في مقام الرضا واضح ؟ طيب إذن نأخذ من هذه الآية إثبات المحبة وهي كما سبق الكلام عليه صفة ثابتة لله على وجه الحقيقة وليست بمعنى الثواب ولا إرادة الثواب وإنما ذلك من لازمها ومقتضاها إذا أحب قوما أثابهم ولا يثيبهم إلا بإرادة (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) ومن فوائد الآية الكريمة الحث على الإيمان والعمل الصالح ولا لا الله ما قال آمنوا واعملوا لكن ذكر الجزاء يستلزم الحث على الفعل وهذا أحد الطرق التي يستدل بها على أن الشيء مأمور به لا تظن أن الشيء المأمور به هو الذي جاء بصيغة افعل بل الأمر يستفاد من عدة أمور فإذا ورد الترغيب في شيء فهو مأمور به نعم إذا يستفاد من هذا ايش ؟ الحث على الإيمان والعمل الصالح ويستفاد من الآية الكريمة أيضا ذم الكفر من أين يؤخذ ؟ من قوله (( إنه لا يحب الكافرين )) فإذا نفى الله المحبة عن هؤلاء فإنه يقتضي ذم عملهم ومنها أن الحكم إذا علق بمشتق وهذه فائدة أصولية إذا علق الحكم بمشتق فهو دليل على أنه علة الحكم مثلا لا يحب الكافرين لماذا ؟ لكفرهم فالحكم هنا علق على وصف نعم فيقال لا يحبهم لكفرهم إذا فالكفر علة انتفاء المحبة كما لو قال (( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا )) ما هي علة المحبة ؟ القتال وهكذا جميع حكم المعلق بمشتق فإنه يدل على علية ذلك الشيء نعم ثم قال تعالى يستفاد أيضا من الآية فائدة وهي اعتبار اللازم بمعنى أنه إذا لزم من الشيء كذا وكذا فإنه يثبت هذا اللازم تبعا لثبوت الملزوم فمثلا لاحظوا في المؤمنين (( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) ما قال إنه يحب ولا يحب الكافرين قال (( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله )) المقابل (( إنه لا يحب الكافرين )) ايش يلزم منه ؟ ألا يجزيهم من فضله وإنما يعاملهم بماذا ؟ بعدله فعقاب الكافرين مأخوذ من لازم انتفاء المحبة ودلالة التلازم هذه مفيدة جدا لطالب العلم دلالة التلازم يلزم من كذا وكذا كذا وكذا لكن لا بد من شرطين الشرط الأول أن يكون اللازم صحيحا فإن كان اللازم فاسدا فإنه لا يثبت اللازم حتى لو ادعى الإنسان أنه لازم فليس بلازم الشرط الثاني أن يكون ذلك في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم أما الشرط الأول أن يكون التلازم صحيحا فإننا نحترز به عما إذا كان التلازم غير صحيح مثلا أهل التعطيل الذين أنكروا الصفات أو بعضها ما شبهتهم في الإنكار قالوا إنه يلزم التمثيل فهل هذا اللازم صحيح ؟ ليس بصحيح ولذلك ما نقول إنه يلزم من إثبات الصفات التمثيل لأنه ليس بلازم طيب في كلام الله وكلام رسوله إذا كان اللازم صحيحا فهو حق ويكون النص دالا عليه لكن في كلام غيره لا يكون اللازم قولا مصاحب القول الملزوم ولهذا العلماء عندهم ترجمة في هذه المسألة هل لازم القول قول أو ليس بقول نعم ؟ منهم من قال إن لازم القول ليس بقول ومنهم من قال إن لازم القول قول والصحيح أن لازم القول في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قول لكن بشرط أن يكون اللازم صحيحا لماذا يكون قولا ؟ لان الله عز وجل يعلم ما يترتب على كلامه من اللوازم وإذا لم ينفها الله دل ذلك على ثبوتها لكن الإنسان البشر هل يعلم ما يلزم على قوله ؟ أحيانا يقول الإنسان قولا يظنه صوابا ويكون هذا القول يلزم منه أمور فاسدا فيلزم منه لزوما حقيقيا ثابتا أمورا فاسدة لو نبه القائل لها ماذا يصنع ؟ لرجع عن قوله فلذلك نقول إن لازم القول في كتاب الله وسنة رسوله ليس بقول صحيح أنه يستدل به على بطلان القول ولكن ما يقال إنه قول فلان فالحاصل أن هذه المسألة ينبغي التنبه لها وإنما نقول بذلك لأن الإنسان بشر لا يفيق لما يستلزمه كلامه من اللوازم الصحيحة أو اللوازم الباطلة الآن نشوف كثيرا ما يأمر الإنسان بشيء أو ينهى عن شيء في أولاده ثم إذا فعلوه لزم علم أنه يستلزم مفسدة فيرجع عنه هذا اللازم هل كان عالما به من قبل ؟ لو كان عالما ما أمرهم وكثيرا ما ينهاهم عن شيء ثم إذا تركوه رأى في ذلك مفسدة تلزم مفسدة ما كان يعلم بها حينها فتجده يرجع
الطالب :....
الشيخ :لا لازم القول في كتاب الله وسنة رسوله قول لكن بشرط أن يكون التلازم صحيحا أما في غيره فليس كذلك ليس بقول نعم
الطالب :....
الشيخ :لا لازم القول في كتاب الله وسنة رسوله قول لكن بشرط أن يكون التلازم صحيحا أما في غيره فليس كذلك ليس بقول نعم