تفسير قول الله تعالى : << و إن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين >> حفظ
ثم قال الله تعالى (( وإن كانوا )) قال المؤلف وقد كانوا قد قدر إن بقد وتبع في ذلك البغوي والمؤلف في الجلالين مأخوذ من البغوي يعني كأنه مختصر له لأنك إذا تأملت تفسيره رحمه الله وجدت أنه هو تفسير البغوي بعينه لكن البغوي مبسوط وهذا مختصر هو قال إن قد ولا أحد من أهل النحو قال بهذا القول إلا أن يقوله على سبيل التفسير فقط والصواب الذي لا شك فيه هو أن إن هنا مخففة من الثقيلة كما في قوله تعالى (( وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) وعلى هذا فنقول إن أصلها إن فخففت واسمها أين هو ؟ ضمير الشأن محذوف والتقدير وإنهم وقد سبق لنا أن القول الصحيح من أقوال النحويين أن ضمير الشان لا يقدر مفردا مذكرا وإنما يقدر بحسب السياق فهو ضمير مقدر بحسب السياق إن كان السياق يقتضي التأنيث فهو مؤنث يقتضي التذكير فهو مذكر يقتضي الجمع فهو مجموع يقتضي التثنية فهو مثنى إذن أصله وإنهم كانوا لكن خففت إن فحذف اسمها على أنه ضمير الشأن (( وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم )) من قبل أن ينزل عليهم ايش ؟ المطر من أين نعرف أنه المطر هل سبق التحدث عن تنزيل المطر ؟ الجواب نعم في قوله (( فترى الودق يخرج من خلاله )) فإن الودق إذا خرج من خلال السحاب أين يذهب ؟ ينزل إلى الأرض وقوله (( من قبل أن ينزل عليهم )) يعبر الله عز وجل عن نزول المطر بالإنزال والتنزيل وذلك لأن المطر أحيانا يأتي دفعة واحدة بكثرة وغزارة فيكون إنزالا وأحيانا يأتي بالتدريج ضعيفا متقطعا فيسمى تنزيلا لأن التنزيل معناه إنزال الشيء شيئا فشيئا (( من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين )) .
الطالب :....
الشيخ : لا أنزل لا باعتبار الكثرة والتصغير بعد أيام يأتي ثم يأتي أيضا بقليل أحيانا يأتي قليل أحيانا تشوف المطر يومين أو ثلاثة ولكنه قليل والحال يأتي كما أنتم تشاهدون سحب عظيمة كأنها أفواه القرب وقوله (( وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل لمبلسين )) كلمة من قبله اختلف فيها أهل العلم فقال بعضهم كما قال المؤلف إنها تأكيد كقوله تعالى (( فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم )) (( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم )) كرر الفعل توكيدا هذا قول وهو الذي مشى عليه المؤلف وعليه أكثر المفسرين أن قوله (( من قبله )) أي من قبل أن ينزل عليهم فكأنه قال وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل أن ينزل عليهم لمبلسين فيكون تكرارها للتوكيد وقال بعض المفسرين إنها كررت للتأسيس لا للتوكيد ومعلوم أنه إذا دار الكلام بين أن يكون توكيد وبين أن يكون تأسيسا فالأصل التأسيس لأن الأصل عدم التوكيد لأن التوكيد تكرار والأصل عدم التكرار فيرى بعض المفسرين أنها ليست للتوكيد وأنها للتأسيس تعرفون خذوا بالكم من الفرق ترتيب العلماء رحمهم الله الفرق بين التوكيد والتأسيس أن التوكيد معناه أن هذا هو الأول والتأسيس معناه أن هذا غير الأول وأنه كلام مستقل على القول بأنه تأسيس ما معناه قال بعضهم من قبله أي من قبل الاستبشار وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل الاستبشار لمبلسين فذكر الله لهم حالين قبل الاستبشار وبعده وهذا ما مشى عليه أبو السعود وهو جيد ولا فيه إشكال من حيث التصور والمعنى نقول المعنى وإن كانوا من قبل إنزال المطر من قبل ذلك الاستبشار لمبلسين فنبههم الله على حالهم قبل الاستبشار وهو الإبلاس وعلى حالهم بعد ذلك نعم وقال بعضهم من قبله أي من قبل أن ينزل عليهم من قبله أي من قبل ذلك القبل فيجعلون الضمير في قوله (( من قبل )) ليس عائدا إلى المطر ولا عائدا إلى الاستبشار وإنما يجعلونه عائدا إلى القبل فالمعنى على هذا وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل ذلك القبل لمبلسين فيكون فائدتها أن الإبلاس مستمر معهم من قديم الزمان فيأتي موسم فييأسون ولا يأتي مطر نعم فيأتي موسم لا يأتي فيه المطر فيبلسون ثم يأتي موسم آخر فيبسلون ثم يأتي موسم آخر فيبلسون وهكذا ومعلوم أنه إذا تكررت مواسم ولم يأتي مطر كان أشد في الإبلاس فيكون المعنى أن هذا الاستبشار أنه أتى بعد يأس مرتين فأكثر وهذا أيضا ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره فصار لدينا في قوله (( من قبله)) كم قولا ؟ ثلاثة أقولا القول الأول أنهاتوكيد والثاني أن الضمير يعود على الاستبشار والثالث أن الضمير يعود على القبل أي وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبل ذلك القبل أيضا لمبلسين أما قوله (( لمبلسين )) فهي بالنصب خبرا لكان وين كان ؟ وإن كانوا واقترنت اللام بها من أجل إن نعم والاقتران هنا واجب ولا جائز ؟ لا جائزا ولا واجب طيب ما هو سبب الوجوب ؟
الطالب :....
الشيخ : وما هو وجه الجواز ؟
الطالب :....
الشيخ : من أين تعرف ذلك ؟
الطالب :.... وربما استغني عنها ببدل ....
الشيخ : وأنت ما تقول في هذه الحجة ؟ طيب الآن لو أسقطناها ألا تشتبه إن المخففة بإن النافية ؟ يعني لو كانت وما كانوا من قبل أن ينزل عليهم مبلسين لا تشببه يعني يستبشرون مع أنهم ما أبلسوا ولا أيسوا ربما يقع هذا يعني يستبشرون وإن كان ما وقع عندهم يأس من قبل فالظاهر الوجوب لا للعلة الذي ذكر محمد لأن محمد ظن أنه يجب الاقتران مطلقا نعم ولكنه يجب لأنه قد تشتبه بإن النافية أما إذا لم تشتبه وهو ما يجب الاقتران هل هناك شاهد من الإعراب لذلك ؟ أي نعم قول الشاعر " وإن مالك كانت كرام المعالي " ويعتقد أنه من بني مالك يقول " وإن مالك كانت كرام المعالي " هنا لا يمكن أن تشتبه إن بما لماذا ؟ لأنه لا يمكن أن يفتخر بقوم يسلب عنهم كرام المعالي لو تقول أنا مثلا من قبيلة هذه القبيلة ما كانت كرام المعالي يصلح ؟ لا يصلح الحاصل أن اللام هنا للتوكيد ويسميها بعض العلماء لام الفرق اللام الفارقة وهذا أدق في التعبير وهي مع كونها فارقة ماذا تفيد ؟ تفيد التوكيد وإنما سموها اللام الفارقة لأنها تفرق بين إن النافية وبين إن المخففة طيب إذا قال قائل هل يمكن أن تقترن بإن اللام مع كون إن بمعنى النفي ؟ فالجواب لا وهذا هو السر بأنها فارقة لا يمكن أن تقترن بها اللام لأن اللام تفيد التوكيد والإثبات والنفي بخلاف ذلك النفي يفيد النفي قال مبلسين يقول آيسين من إنزاله والإبلاس مثل القنوط أشد اليأس ومنه سمي إبليس أعوذ بالله منه لأنه مبلس آيس من رحمة الله (( إن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين )) آيسين من نزوله