القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " الوجه الخامس : أنه رتب الحكم على الوصف بحرف الفاء فيدل هذا على أنه علة له من غير وجه حيث قال : إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم، فإنه يقتضي أن علة الأمر بهذه المخالفة كونهم لا يصبغون، فالتقدير : اصبغوا ؛ لأنهم لا يصبغون وإذا كان علة الأمر بالفعل عدم فعلهم له دل على أن قصد المخالفة لهم ثابت بالشرع ، وهو المطلوب يوضح ذلك أنه لو لم يكن لقصد مخالفتهم تأثير في الأمر بالصبغ لم يكن لذكرهم فائدة، ولا حسن تعقيبه به ، وهذا وإن دل على أن مخالفتهم أمر مقصود للشرع فذلك لا ينفي أن يكون في نفس الفعل الذي خولفوا فيه مصلحة مقصودة مع قطع النظر عن مخالفتهم فإن هنا شيئين :
أحدهما : أن نفس المخالفة لهم في الهدى الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم ، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من المرض الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان .
والثاني : أن نفس ما هم عليه من الهدى والخلق قد يكون مضرا أو منقصا فينهى عنه ، ويؤمر بضده لما فيه من المنفعة والكمال ، وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضر أو ناقص ؛ لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرة ، وما بأيديهم مما لم ينسخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص ، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجه الكمال ، ولا يتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملا قط ، فإذا المخالفة فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورهم حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم قد يكون مضرا بأمر الآخرة أو بما هو أهم منه من أمر الدنيا لمخالفة فيه صلاح لنا .
وبالجملة فالكفر بمنزلة مرض القلب وأشد ومتى كان القلب مريضا لم يصح شيء من الأعضاء صحة مطلقة ، وإنما الصلاح أن لا تشبه مريض القلب في شيء من أموره ، وإن خفي عليك مرض ذلك العضو لكن يكفيك أن فساد الأصل لا بد أن يؤثر في الفرع ، ومن انتبه لهذا قد يعلم بعض الحكمة التي أنزلها الله، فإن من في قلبه مرض قد يرتاب في الأمر بنفس المخالفة لعدم استبانته لفائدته ، أو يتوهم أن هذا من جنس أمر الملوك والرؤساء القاصدين للعلو في الأرض ." حفظ
القارئ : " الوجه الخامس : أنه رتب الحكم على الوصف بحرف الفاء فيدل هذا على أنه علة له من غير وجه حيث قال : إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم، فإنه يقتضي أن علة الأمر بهذه المخالفة كونهم لا يصبغون، فالتقدير : اصبغوا ، لأنهم لا يصبغون وإذا كان علة الأمر بالفعل عدم فعلهم له دل على أن قصد المخالفة لهم ثابت بالشرع ، وهو المطلوب يوضح ذلك أنه لو لم يكن لقصد مخالفتهم تأثير في الأمر بالصبغ لم يكن لذكرهم فائدة، ولا حسن تعقيبه به ، وهذا وإن دل على أن مخالفتهم أمر مقصود للشرع فذلك لا ينفي أن يكون في نفس الفعل الذي خولفوا فيه مصلحة مقصودة مع قطع النظر عن مخالفتهم فإن هنا شيئين :
أحدهما : أن نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم ، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من المرض الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان .
والثاني : أن نفس ما هم عليه من الهدي والخلق قد يكون مضرا أو منقصا فينهى عنه ، ويؤمر بضده لما فيه من المنفعة والكمال ، وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضر أو ناقص ، لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرة ، وما بأيديهم مما لم ينسخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص ، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجه الكمال ، ولا يتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملا قط ، فإذن المخالفة لهم فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورهم حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم قد يكون مضرا بأمر الآخرة أو بما هو أهم منه من أمر الدنيا فالمخالفة فيه صلاح لنا .
وبالجملة فالكفر بمنزلة مرض القلب وأشد ومتى كان القلب مريضاً لم يصحَّ شيء من الأعضاء صحة مطلقة ، وإنما الصلاح أن لا تشبه مريض القلب في شيء من أموره ، وإن خفي عليك مرض ذلك العضو لكن يكفيك أن فساد الأصل لا بد أن يؤثر في الفرع ، ومن انتبه لهذا قد يعلم بعض الحكمة التي أنزلها الله، فإن من في قلبه مرض قد يرتاب في الأمر بنفس المخالفة لعدم استبانته لفائدته ، أو يتوهم أن هذا من جنس أمر الملوك والرؤساء القاصدين للعلو في الأرض ولعمري إن النبوة غاية الملك الذي يؤتيه الله من يشاء وينزعه ممن يشاء ، ولكن ملك " ..
أحدهما : أن نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم ، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من المرض الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان .
والثاني : أن نفس ما هم عليه من الهدي والخلق قد يكون مضرا أو منقصا فينهى عنه ، ويؤمر بضده لما فيه من المنفعة والكمال ، وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضر أو ناقص ، لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرة ، وما بأيديهم مما لم ينسخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص ، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجه الكمال ، ولا يتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملا قط ، فإذن المخالفة لهم فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورهم حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم قد يكون مضرا بأمر الآخرة أو بما هو أهم منه من أمر الدنيا فالمخالفة فيه صلاح لنا .
وبالجملة فالكفر بمنزلة مرض القلب وأشد ومتى كان القلب مريضاً لم يصحَّ شيء من الأعضاء صحة مطلقة ، وإنما الصلاح أن لا تشبه مريض القلب في شيء من أموره ، وإن خفي عليك مرض ذلك العضو لكن يكفيك أن فساد الأصل لا بد أن يؤثر في الفرع ، ومن انتبه لهذا قد يعلم بعض الحكمة التي أنزلها الله، فإن من في قلبه مرض قد يرتاب في الأمر بنفس المخالفة لعدم استبانته لفائدته ، أو يتوهم أن هذا من جنس أمر الملوك والرؤساء القاصدين للعلو في الأرض ولعمري إن النبوة غاية الملك الذي يؤتيه الله من يشاء وينزعه ممن يشاء ، ولكن ملك " ..