الجمع بين الحديثين وأنهما قصتان، وبيان فوائد الحديث، وذكر التفصيل في معنى قوله " فمن رغب عن سنتي فليس مني ". حفظ
الشيخ : انظر إلى هذه القضية النبي عليه الصلاة والسلام أن النبي عليه الصلاة والسلام أتاهم والظاهر والله أعلم أنهما قضيتان، لأن لفظ البخاري ( أن الرسول أتاهم لما بلغه خبرهم أتى إليهم وقال : أنتم قلتم كذا وكذا ) ثم إن فيه اختلافا فيما حلفوا عليه رواية البخاري يقول : ( أمّا أنا فأصلي الليل أبدا والثاني يقول : أصوم أبدا والثالث قال : لا أتزوج النساء ) وهذاك فيه ( لا أتزوج النساء ) موافق والثاني يقول : ( لا آكل اللحم ) والثالث : ( لا أنام على فراش ) فالظاهر والله أنهما قصتان لكن على كل حال حرصُ النبي عليه الصلاة والسلام على منع التشدد في الدين هو بنفسه يأتي إليهم ويقول هذا الكلام ثم يقول : مقدما للحكم : ( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ) هذه الجملة مؤكدة أما، والقسم، وإنّ، واللام ،كل هذا ليبين لهم أنه ليست الخشية ولا التقوى في التشديد الخشية والتقوى في اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأقسم هنا عليه الصلاة والسلام لا ليزكي نفسه حاشاه من ذلك ولكن من أجل أن يبرهن لهؤلاء أنهم لن يبلغوا ما وصل إليه في الخشية والتقوى ومع ذلك كان عمله بالنسبة لما أرادوا لأنفسهم كان عملُه سهلا ودون ذلك يقول عليه الصلاة والسلام : ( أما أنا فأصوم ) ( ولكني أصوم وأفطر ) ولم يحدد الصوم ولا الفطر ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا يصوم حتى يقال لا يفطر وأحيانا يفطر حتى يقال لا يصوم لأنه يتبع ما هو أشهل وأنفع قد تكون نفسه مثلا لا تقبل تكون نفس الإنسان لا تقبل الصوم لسبب ما فلا يصوم يهون على نفسه وتكون في بعض الأيام مرتاحة للصوم تريد أن يصوم فيفعل وكذلك في النوم أحياناً الرسول ينام حتى لا يقوم حتى يقال لا يقوم ويقوم حتى يقال لا ينام وهذا ليس دائما لأن غالب أحواله عليه الصلاة والسلام أنه يصوم من كل شهر ثلاثة أيام فالحاصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام بين لهم أنه يجمع بين امشوا
الطالب : الصوم والفطر
الشيخ : الصوم والفطر خلافا للذي قال : أنا أصوم ولا أفطر كذلك أيضاً قال عليه الصلاة والسلام : ( أصلي وأرقد ) خلافاً للذي قال نعم : أقوم ولا أنام ، وأتزوج النساء خلافا للذي قال : لا أتزوج النساء فبين عليه الصلاة والسلام أن هذا هديه ثم قال : ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) يعني من رغب عن طريقتي وأراد أن يتخذ لنفسِه طريقة تخالف طريقة النبي عليه الصلاة والسلام فإنه ليس منه ، أعرفتم؟
هذا قد يوجب إشكالا: وهل المراد من رغب رغبة مطلقة أي في كل ما يفعل أم في بعض الأشياء ؟
نحن نعرف أن مذهب أهل السنة والجماعة على التفصيل من رغب عن سنته مطلقا فهذا ليس منه مطلقا ومن رغب عن سنته في شيء دون آخر فهو ليس منه في هذا الشيء الذي رغب عنه ثم أيضاً يُفرَق بين من رغب عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام زهدا فيها أو تكاسلاً مع رغبته القلبية فيها الأول على خطر عظيم أن يحبط عملُه كما قال تعالى : (( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )) وهذا على خطر عظيم جدا الثاني أهون وإن كان الإنسان مأمورا باتباع السنة مطلقا لكنه أهون من شخصٍ يقول أنا لا أريد هذه السنة، هذا أهون وربما يهديه الله عز وجل، طيب من حلق لحيته هل يقوم قائم ويقول هذا الرجل ليس من الرسول في شيء ؟
الطالب : لا
الشيخ : لا لا يجوز ولهذا بلغني أن بعض الإخوة قام خطيبا في الناس واعظا وقام يشدد على حلق اللحية حتى قال : من حلق لحيته فهو خارج عن سنة الرسول وأطلق وهذا غلط، التفصيل إذن أولا من رغب عن السنة مطلقاً فهو كافر خارج عن السنة ومن رغِب عن شيء دون شيء فهو ليس من الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الشيء الذي رغب عنه ثم يُفرَّق بين من رغب عن سنة الرسول كراهة لها ، ومن تركها تهاونا بها وبين التركين شيء عظيم، فرق عظيم .