القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والقرآن عامته إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم الذي هو أصل الأصول . وهذا الذي ذكرناه كله من تحريم هذا الدعاء ، مع كونه قد يؤثر ، إذا قدر أن هذا الدعاء كان سببًا أو جزءًا من السبب ، في حصول طلبته . والناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات فزعم قوم من المبطلين ، متفلسفة ومتصوفة ، أنه لا فائدة فيه أصلًا ، فإن المشيئة الإلهية والأسباب العلوية ، إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب ، وحينئذ فلا حاجة إلى الدعاء ، أو لا تكون اقتضته ، وحينئذ فلا ينفع الدعاء . وقال قوم ممن تكلم في العلم : بل الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب ، وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول ، لا ارتباط السبب بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق . والصواب : ما عليه الجمهور - من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب ، أو غيره ، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة . وسواء سمي سببًا أو جزءًا من السبب أو شرطًا ، فالمقصود هنا واحد ، فإذا أراد الله بعبد خيرًا ألهمه دعاءه والاستعانة به ، وجعل استعانته ودعاءه سببًا للخير الذي قضاه له ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إني لا أحمل هم الإجابة ، وإنما أحمل هم الدعاء ، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه " . كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا ، أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب ، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب ، فيتوب عليه ، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة ، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات ، بأسبابها المقدرة لها ، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح ، ووجود الولد بالوطء ، والعلم بالتعلم . فمبدأ الأمور من الله ، وتمامها على الله ، لا أن العبد نفسه هو المؤثر في الرب ، أو في ملكوت الرب ، بل الرب سبحانه هو المؤثر في ملكوته وجاعل دعاء عبده سببًا لما يريده سبحانه من القضاء ، كما " قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، أرأيت أدوية نتداوى بها ، ورقى نسترقي بها وتقى نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال : هي من قدر الله " . وعنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن الدعاء والبلاء ليلتقيان ، فيعتلجان بين السماء والأرض " ، فهذا في الدعاء الذي يكون سببًا في حصول المطلوب . وأعلى من هذا ما جاء به الكتاب والسنة ، أن رضا الله وفرحه ، وضحكه بسبب أعمال عباده الصالحة ، كما جاءت به النصوص ، وكذلك غضبه ومقته . وقد بسطنا الكلام في هذا الباب ، وما للناس فيه من المقالات والاضطراب . فما فرض من الأدعية المنهي عنها سببًا ، فقد تقدم الكلام عليه . فأما غالب الأدعية التي ليست مشروعة لا تكون هي السبب في حصول المطلوب ، ولا جزءًا منه ، ولا يعلم ذلك ، بل يتوهم وهما كاذبًا ، كالنذر سواء . فإن في الصحيح عن ابن عمر " عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن النذر وقال : " إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل " ، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئًا لم يكن الله قدره له ، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ، ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج " . حفظ
القارئ : " والقرآن عامته إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم الذي هو أصل الأصول.
وهذا الذي ذكرناه كله من تحريم هذا الدعاء مع كونه قد يؤثر، إذا قدِّر أن هذا الدعاء كان سببًا أو جزءًا من السبب في حصول طلبته ".
الشيخ : لماذا رفعت بعد أن نصبت ؟
القارئ : صحيح أن الكلام ما تم، وأن الأولى النصب.
الشيخ : إذن، كيف تعدل عن الأولى إلى غير الأولى؟
القارئ : ما ظهر لي الأولى إلا بعد أن عمدت إلى غير الأولى.
الشيخ : خير إن شاء الله، قل الأولى.
القارئ : طيب " إذا قدِّرَ أن هذا الدعاء َكان سببًا أو جزءًا من السبب في حصول طلبته.
والناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات، فزعم قوم من المبطلين متفلسفة ومتصوفة، أنه لا فائدة فيه أصلًا، فإن المشيئة الإلهية والأسباب العلوية إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب، وحينئذٍ فلا حاجة إلى الدعاء، أو لا تكون اقتضته، وحينئذٍ فلا ينفع الدعاء.
وقال قوم ممن تكلم في العلم : بل الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب، وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول، لا ارتباط السبب بالمسبب، بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق.
والصواب : ما عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب أو غيره، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة. وسواء سمي سببًا أو جزءًا من السبب أو شرطًا، فالمقصود هنا واحد، فإذا أراد الله بعبد خيرًا ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سببًا للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ) ".
الشيخ : الله أكبر.
القارئ : " كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب، فيتوبَ عليه ".
الشيخ : الأحسن فيتوبُ، استئنافية.
القارئ : " وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوبُ عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة.
والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلمَ بالتعليم ".
الشيخ : العلمِ.
القارئ : " والعلمِ بالتعليم ".
الشيخ : بالتعلم عندي.
القارئ : تصحيح يا شيخ ؟
الشيخ : إي، العلم بالتعلم.
القارئ : " والعلمِ بالتعلم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله، لا أن العبد نفسه هو المؤثر في الرب، أو في ملكوت الرب، بل الرب سبحانه هو المؤثر في ملكوته وجاعل دعاء عبده سببًا لما يريده سبحانه من القضاء، كما ( قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقى نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال : هي من قدر الله ). وعنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدعاء والبلاء ليلتقيان، فيعتلجان بين السماء والأرض )، فهذا في الدعاء الذي يكون سببًا في حصول المطلوب.
وأعلى من هذا ما جاء به الكتاب والسنة، أن رضا الله وفرحه، وضحكه بسبب أعمال عباده الصالحة، كما جاءت به النصوص، وكذلك غضبه ومقته. وقد بسطنا الكلام في هذا الباب، وما للناس فيه من المقالات والاضطراب.
فما فُرض من الأدعية المنهي عنها سببًا، فقد تقدم الكلام عليه.
فأما غالب هذه الأدعية التي ليست مشروعة فلا تكون هي السببَ في حصول المطلوب، ولا جزءًا منه، ولا يُعلم ذلك، بل يتوهم وهما كاذبًا، كالنذر سواء.
فإن في الصحيح عن ابن عمر ( عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن النذر، وقال : إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل ). وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئًا لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر، فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج ) فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يأتي بخير، وأنه ليس من الأسباب الجالبة للخير أو الدافعة لشر أصلاً ".
الشيخ : فأخبر.
النذر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يأتي بخير )، ولهذا كثير من الناذرين يندمون على نذرهم، وربما يدعون الوفاء بالنذر، وهذا على خطر عظيم، لأن الله تعالى قال : (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه )) أعوذ بالله (( بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )).
وهذا الذي ذكرناه كله من تحريم هذا الدعاء مع كونه قد يؤثر، إذا قدِّر أن هذا الدعاء كان سببًا أو جزءًا من السبب في حصول طلبته ".
الشيخ : لماذا رفعت بعد أن نصبت ؟
القارئ : صحيح أن الكلام ما تم، وأن الأولى النصب.
الشيخ : إذن، كيف تعدل عن الأولى إلى غير الأولى؟
القارئ : ما ظهر لي الأولى إلا بعد أن عمدت إلى غير الأولى.
الشيخ : خير إن شاء الله، قل الأولى.
القارئ : طيب " إذا قدِّرَ أن هذا الدعاء َكان سببًا أو جزءًا من السبب في حصول طلبته.
والناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات، فزعم قوم من المبطلين متفلسفة ومتصوفة، أنه لا فائدة فيه أصلًا، فإن المشيئة الإلهية والأسباب العلوية إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب، وحينئذٍ فلا حاجة إلى الدعاء، أو لا تكون اقتضته، وحينئذٍ فلا ينفع الدعاء.
وقال قوم ممن تكلم في العلم : بل الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب، وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول، لا ارتباط السبب بالمسبب، بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق.
والصواب : ما عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب أو غيره، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة. وسواء سمي سببًا أو جزءًا من السبب أو شرطًا، فالمقصود هنا واحد، فإذا أراد الله بعبد خيرًا ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سببًا للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه ) ".
الشيخ : الله أكبر.
القارئ : " كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب، فيتوبَ عليه ".
الشيخ : الأحسن فيتوبُ، استئنافية.
القارئ : " وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوبُ عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة.
والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلمَ بالتعليم ".
الشيخ : العلمِ.
القارئ : " والعلمِ بالتعليم ".
الشيخ : بالتعلم عندي.
القارئ : تصحيح يا شيخ ؟
الشيخ : إي، العلم بالتعلم.
القارئ : " والعلمِ بالتعلم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله، لا أن العبد نفسه هو المؤثر في الرب، أو في ملكوت الرب، بل الرب سبحانه هو المؤثر في ملكوته وجاعل دعاء عبده سببًا لما يريده سبحانه من القضاء، كما ( قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقى نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال : هي من قدر الله ). وعنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدعاء والبلاء ليلتقيان، فيعتلجان بين السماء والأرض )، فهذا في الدعاء الذي يكون سببًا في حصول المطلوب.
وأعلى من هذا ما جاء به الكتاب والسنة، أن رضا الله وفرحه، وضحكه بسبب أعمال عباده الصالحة، كما جاءت به النصوص، وكذلك غضبه ومقته. وقد بسطنا الكلام في هذا الباب، وما للناس فيه من المقالات والاضطراب.
فما فُرض من الأدعية المنهي عنها سببًا، فقد تقدم الكلام عليه.
فأما غالب هذه الأدعية التي ليست مشروعة فلا تكون هي السببَ في حصول المطلوب، ولا جزءًا منه، ولا يُعلم ذلك، بل يتوهم وهما كاذبًا، كالنذر سواء.
فإن في الصحيح عن ابن عمر ( عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن النذر، وقال : إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل ). وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئًا لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر، فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج ) فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يأتي بخير، وأنه ليس من الأسباب الجالبة للخير أو الدافعة لشر أصلاً ".
الشيخ : فأخبر.
النذر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يأتي بخير )، ولهذا كثير من الناذرين يندمون على نذرهم، وربما يدعون الوفاء بالنذر، وهذا على خطر عظيم، لأن الله تعالى قال : (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه )) أعوذ بالله (( بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )).