القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " الثالث : أن الاستجابة هنا لعلها لكثرة صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الصلاة عليه قبل الدعاء ، وفي وسطه وآخره ، من أقوى الأسباب التي يرجى بها إجابة سائر الدعاء ، كما جاءت به الآثار ، مثل قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه ، الذي يروى موقوفا ومرفوعا : " الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك " رواه الترمذي . وذكر محمد بن الحسن بن زبالة ، في كتاب (أخبار المدينة) ، فيما رواه عنه الزبير بن بكار ، روى عنه عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : رأيت رجلا من أهل المدينة يقال له : محمد بن كيسان ، يأتي إذا صلى العصر من يوم الجمعة ، ونحن جلوس مع ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، فيقوم عند القبر ، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو حتى يمسي . فيقول جلساء ربيعة : انظروا إلى ما يصنع هذا؟ فيقول : " دعوه ، فإنما للمرء ما نوى " ، ومحمد بن الحسن هذا صاحب أخبار ، وهو مضعف عند أهل الحديث ، كالواقدي ونحوه . لكن يستأنس بما يرويه ويعتبر به . وهذه الحكاية قد يتمسك بها على الطرفين ، فإنها تتضمن أن الذي فعله هذا الرجل أمر مبتدع عندهم ، لم يكن من فعل الصحابة وغيرهم من علماء أهل المدينة ، وإلا لو كان هذا أمرا معروفا من عمل أهل المدينة لما استغربه جلساء ربيعة وأنكروه . بل ذكر محمد بن الحسن لها في كتابه مع رواية الزبير بن بكار ذلك عنه ، يدل على أنهم على عهد مالك وذويه ، ما كانوا يعرفون هذا العمل ، وإلا لو كان هذا شائعا بينهم لما ذكر في كتاب مصنف ، ما يتضمن استغراب ذلك . ثم إن جلساء ربيعة - وهم قوم فقهاء علماء - أنكروا ذلك ، وربيعة أقره . فغايته : أن يكون في ذلك خلاف ولكن تعليل ربيعة له بأن لكل امرئ ما نوى ، لا يقتضي إلا الإقرار على ما يكره ، فإنه لو أراد الصلاة هناك لنهاه ، وكذلك لو أراد الصلاة في وقت نهي . وإنما الذي أراده - والله أعلم - أن من كان له نية صالحة أثيب على نيته ، وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع ، إذا لم يتعمد مخالفة الشرع - يعني فهذا الدعاء ، وإن لم يكن مشروعا ، لكن لصاحبه نية صالحة يثاب على نيته . فيستفاد من ذلك : أنهم مجمعون على أنه غير مستحب ، ولا خصيصة في تلك البقعة ، وإنما الخير يحصل من جهة نية الداعي ، ثم إن ربيعة لم ينكر عليه متابعة لجلسائه: إما لأنه لم يبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ قبره عيدا ، وعن الصلاة عنده . فإن ربيعة - كما قال أحمد - كان قليل العلم بالآثار . حفظ
القارئ : " الثالث : أن الاستجابة هنا لعلها لكثرة صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة عليه قبل الدعاء وفي وسطه وآخره من أقوى الأسباب التي يُرجى بها إجابة سائر الدعاء، كما جاءت به الآثار، مثل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يُروى موقوفا ومرفوعاً : ( الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك ) رواه الترمذي.
وذكر محمد بن الحسن بن زبالة في كتاب أخبار المدينة فيما رواه عنه الزبير بن بكار أنه روى عنه عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : رأيت رجلاً من أهل المدينة يقال له : محمد بن كيسان، يأتي إذا صلى العصر من يوم الجمعة، ونحن جلوس مع ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فيقوم عند القبر، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو حتى يمسي. فيقول جلساء ربيعة : انظروا إلى ما يصنع هذا؟ فيقول : دعوه، فإنما للمرء ما نوى. ومحمد بن الحسن هذا صاحب أخبار، وهو مضعّف عند أهل الحديث، كالواقدي ونحوه، لكن يُستأنس بما يرويه ويعتبر به. وهذه الحكاية قد يُتمسك بها على الطرفين، فإنها تتضمن أن الذي فعله هذا الرجل أمر مبتدع عندهم، لم يكن من فعل الصحابة وغيرهم من علماء أهل المدينة، وإلا لو كان هذا أمراً معروفاً من عمل أهل المدينة لما استغربه جلساء ربيعة وأنكروه، بل ذكَر محمد بن الحسن لها في كتابه مع رواية الزبير بن بكار ذلك عنه، يدل "
الشيخ : بل ذِكرُ
القارئ : نعم؟
الشيخ : بل ذِكرُ.
القارئ : " بل ذِكرُ محمد بن الحسن لها في كتابه مع رواية الزبير بن بكار ذلك عنه يدل على أنهم على عهد مالك وذويه ما كانوا يعرفون هذا العمل، وإلا لو كان هذا شائعاً بينهم لما ذُكر في كتاب مصنف ما يتضمن استغراب ذلك.
ثم إن جلساء ربيعة - وهم قومٌ فقهاءٌ علماء ".
الشيخ : وهم؟
القارئ : "وهم قومٌ فقهاءُ علماء أنكروا ذلك، وربيعة أقره. فغايته : أن يكون في ذلك خلاف، ولكن تعليل ربيعة له بأن لكل امرئ ما نوى، لا يقتضي إلا الإقرار على ما يُكره ".
الشيخ : لا يقتضي الإقرار.
القارئ : لا يقتضي
الشيخ : الإقرار.
القارئ : " لا يقتضي الإقرار على ما يكره، فإنه لو أراد الصلاة هناك لنهاه، وكذلك لو أراد الصلاة في وقت نهي، وإنما الذي أراده - والله أعلم - أن من كان له نية صالحة أُثيب على نيته، وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع إذا لم يتعمد مخالفة الشرع - يعني فهذا الدعاء وإن لم يكن مشروعاً لكن لصاحبه نية صالحة يثاب على نيته.
فيستفاد من ذلك : أنهم مجمعون على أنه غير مُستحب، ولا خصيصة في تلك البقعة، وإنما الخير يحصل من جهة نية الداعي، ثم إن ربيعة لم يُنكر عليه متابعة لجلسائه: إما لأنه لم يبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ قبره عيداً وعن الصلاة عنده، فإن ربيعة - كما قال أحمد - كان قليل العلم بالآثار، أو بلغه ذلك لكن لم ير مثل هذا داخلاً في معنى النهي ".
الشيخ : لا يقال الإمام أحمد رحمه الله اغتاب ربيعة، ولكنه أراد أن يبين حاله لئلا يغتر به أحد، فهذا من باب النصيحة.
كما يقولون أيضاً عن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قليل البضاعة في الحديث لكنه في الفقه جيد، فالعلماء والأئمة رحمهم الله إذا قالوا مثل ذلك لا يريدون قطعاً أن ينزلوا من قيمة الرجل، ولكن يريدون أن يبينوا الحقيقة لئلا يغتر به من يغتر، ولكل امرئ ما نوى. نعم.
وذكر محمد بن الحسن بن زبالة في كتاب أخبار المدينة فيما رواه عنه الزبير بن بكار أنه روى عنه عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : رأيت رجلاً من أهل المدينة يقال له : محمد بن كيسان، يأتي إذا صلى العصر من يوم الجمعة، ونحن جلوس مع ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فيقوم عند القبر، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو حتى يمسي. فيقول جلساء ربيعة : انظروا إلى ما يصنع هذا؟ فيقول : دعوه، فإنما للمرء ما نوى. ومحمد بن الحسن هذا صاحب أخبار، وهو مضعّف عند أهل الحديث، كالواقدي ونحوه، لكن يُستأنس بما يرويه ويعتبر به. وهذه الحكاية قد يُتمسك بها على الطرفين، فإنها تتضمن أن الذي فعله هذا الرجل أمر مبتدع عندهم، لم يكن من فعل الصحابة وغيرهم من علماء أهل المدينة، وإلا لو كان هذا أمراً معروفاً من عمل أهل المدينة لما استغربه جلساء ربيعة وأنكروه، بل ذكَر محمد بن الحسن لها في كتابه مع رواية الزبير بن بكار ذلك عنه، يدل "
الشيخ : بل ذِكرُ
القارئ : نعم؟
الشيخ : بل ذِكرُ.
القارئ : " بل ذِكرُ محمد بن الحسن لها في كتابه مع رواية الزبير بن بكار ذلك عنه يدل على أنهم على عهد مالك وذويه ما كانوا يعرفون هذا العمل، وإلا لو كان هذا شائعاً بينهم لما ذُكر في كتاب مصنف ما يتضمن استغراب ذلك.
ثم إن جلساء ربيعة - وهم قومٌ فقهاءٌ علماء ".
الشيخ : وهم؟
القارئ : "وهم قومٌ فقهاءُ علماء أنكروا ذلك، وربيعة أقره. فغايته : أن يكون في ذلك خلاف، ولكن تعليل ربيعة له بأن لكل امرئ ما نوى، لا يقتضي إلا الإقرار على ما يُكره ".
الشيخ : لا يقتضي الإقرار.
القارئ : لا يقتضي
الشيخ : الإقرار.
القارئ : " لا يقتضي الإقرار على ما يكره، فإنه لو أراد الصلاة هناك لنهاه، وكذلك لو أراد الصلاة في وقت نهي، وإنما الذي أراده - والله أعلم - أن من كان له نية صالحة أُثيب على نيته، وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع إذا لم يتعمد مخالفة الشرع - يعني فهذا الدعاء وإن لم يكن مشروعاً لكن لصاحبه نية صالحة يثاب على نيته.
فيستفاد من ذلك : أنهم مجمعون على أنه غير مُستحب، ولا خصيصة في تلك البقعة، وإنما الخير يحصل من جهة نية الداعي، ثم إن ربيعة لم يُنكر عليه متابعة لجلسائه: إما لأنه لم يبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ قبره عيداً وعن الصلاة عنده، فإن ربيعة - كما قال أحمد - كان قليل العلم بالآثار، أو بلغه ذلك لكن لم ير مثل هذا داخلاً في معنى النهي ".
الشيخ : لا يقال الإمام أحمد رحمه الله اغتاب ربيعة، ولكنه أراد أن يبين حاله لئلا يغتر به أحد، فهذا من باب النصيحة.
كما يقولون أيضاً عن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قليل البضاعة في الحديث لكنه في الفقه جيد، فالعلماء والأئمة رحمهم الله إذا قالوا مثل ذلك لا يريدون قطعاً أن ينزلوا من قيمة الرجل، ولكن يريدون أن يبينوا الحقيقة لئلا يغتر به من يغتر، ولكل امرئ ما نوى. نعم.