القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فأما ما يذكره بعض الناس، من أنه ينتفع الميت بسماع القرآن ، بخلاف ما إذا قرئ في مكان آخر - فهذا إذا عني به أن يصل الثواب إليه ، إذا قرئ عند القبر خاصة ، فليس عليه أحد من أهل العلم المعروفين ، بل الناس على قولين : أحدهما : أن ثواب العبادات البدنية : من الصلاة والقراءة وغيرهما ، يصل إلى الميت ، كما يصل إليه ثواب العبادات المالية بالإجماع . وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما ، وقول طائفة من أصحاب الشافعي ، ومالك . وهو الصواب لأدلة كثيرة ، ذكرناها في غير هذا الموضع . والثاني : أن ثواب البدنية لا يصل إليه بحال ، وهو المشهور عند أصحاب الشافعي ومالك . وما من أحد من هؤلاء يخص مكانا بالوصول أو عدمه ، فأما استماع الميت للأصوات ، من القراءة أو غيرها - فحق . لكن الميت ما بقي يثاب بعد الموت على عمل يعمله هو بعد الموت من استماع أو غيره ، وإنما ينعم أو يعذب بما كان عمله هو ، أو بما يعمل عليه بعد الموت من أثره ، أو بما يعامل به . كما قد اختلف في تعذيبه بالنياحة عليه ، وكما ينعم بما يهدى إليه ، وكما ينعم بالدعاء له وإهداء العبادات المالية بالإجماع . وكذلك ذكر طائفة من العلماء ، من أصحاب أحمد وغيرهم ، ونقلوه عن أحمد ، وذكروا فيه آثارا أن الميت يتألم بما يفعل عنده من المعاصي ، فقد يقال أيضا : إنه ينعم بما يسمعه من قراءة وذكر . وهذا - لو صح - لم يوجب استحباب القراءة عنده ، فإن ذلك لو كان مشروعا لسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، وذلك لأن هذا ، وإن كان من نوع مصلحة ، ففيه مفسدة راجحة ، كما في الصلاة عنده ، وتنعم الميت بالدعاء له ، والاستغفار والصدقة عنه ، وغير ذلك من العبادات : يحصل له به من النفع أعظم من ذلك ، وهو مشروع ولا مفسدة فيه ، ولهذا لم يقل أحد من العلماء بأنه يستحب قصد القبر دائما للقراءة عنده ، إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام ، أن ذلك ليس مما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته . حفظ
القارئ : " فأما ما يذكره بعض الناس، من أنه ينتفع الميت بسماع القرآن بخلاف ما إذا قرئ في مكان آخر - فهذا إذا عني به "
الشيخ : إذا عنى.
القارئ : " فهذا إذا عنى به أن يصل الثواب إليه إذا قرئ عند القبر خاصة، فليس عليه أحد من أهل العلم المعروفين، بل الناس على قولين، أحدهما : أن ثواب العبادات البدنية من الصلاة والقراءة وغيرهما يصل إلى الميت، كما يصل إليه ثواب العبادات المالية بالإجماع ، وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما، وقولُ طائفة من أصحاب الشافعي، ومالك، وهو الصواب لأدلة كثيرة ذكرناها في غير هذا الموضع ".
الشيخ : والعجيب أن هذه الأدلة ذكرها في حاشية الجمل على الجلالين عند قوله تعالى: (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ))، وذكر أكثر من عشرين وجهاً للدلالة على هذا، ولم تمر علي في كتاب آخر، ما مرت علي في كتاب آخر ذكر الأدلة مسرودة هكذا، فمن أراد أن يراجعها فهذا جيد، على قوله تعالى: (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) حاشية الجمل. نعم.
القارئ : "الثاني : أن ثواب البدنية لا يصل إليه بحال، وهو المشهور عند أصحاب الشافعي ومالك.
وما من أحد من هؤلاء يخص مكانا بالوصول أو عدمه، فأما استماع الميت للأصوات من القراءة أو غيرها - فحق. لكن الميت ما بقي يثاب بعد الموت على عمل يعمله هو بعد الموت من استماع أو غيره، وإنما ينعم أو يعذب بما كان عمله هو، أو بما يعمل عليه بعد الموت من أثره، أو بما يعامِل به.
كما قد اختلف في تعذيبه بالنياحة عليه، وكما يُنعم بما يهدى إليه، وكما يُنعم بالدعاء له وإهداء العبادات المالية بالإجماع. وكذلك ذكر طائفة من العلماء، من أصحاب أحمد وغيرهم، ونقلوه عن أحمد، وذكروا فيه آثاراً أن الميت يتألم بما يفعل عنده من المعاصي، فقد يقال أيضا : إنه ينعم بما يسمعه من قراءة وذكر.
وهذا - لو صح - لم يوجب استحباب القراءة عنده، فإن ذلك لو كان مشروعا لسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، وذلك لأن هذا وإن كان من نوع مصلحة ففيه مفسدة راجحة، كما في الصلاة عنده، وتنعم الميت بالدعاء له والاستغفار والصدقة عنه وغير ذلك من العبادات يحصل له به من النفع أعظم من ذلك، وهو مشروع ولا مفسدة فيه، ولهذا لم يقل أحد من العلماء بأنه يُستحب قصد القبر دائماً للقراءة عنده، إذ قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن ذلك ليس مما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته "
.