القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " واستحب آخرون من العلماء المتأخرين إتيانها ، وذكر طائفة من المصنفين من أصحابنا وغيرهم في المناسك ، استحباب زيارة هذه المساجد وعدوا منها مواضع وسموها . وأما أحمد فرخص منها فيما جاء به الأثر من ذلك إلا إذا اتخذت عيدا ، مثل أن تنتاب لذلك ، ويجتمع عندها في وقت معلوم ، كما يرخص في صلاة النساء في المساجد جماعات ، وإن كانت بيوتهن خيرا لهن ، إلا إذا تبرجن وجمع بذلك بين الآثار ، واحتج بحديث ابن أم مكتوم . ومثله : ما خرجاه في الصحيحين ، " عن عتبان بن مالك قال : كنت أصلي لقومي بني سالم ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إني أنكرت بصري ، وإن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي ، فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكانا حتى أتخذه مسجدا . فقال : " أفعل إن شاء الله " فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه ، بعدما اشتد النهار ، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له ، فلم يجلس حتى قال : " أين تحب أن أصلي من بيتكم " فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر ، وصففنا وراءه ، فصلى ركعتين ، ثم سلم وسلمنا حين سلم " . حفظ
القارئ : " واستحب آخرون من العلماء المتأخرين إتيانها، وذكر طائفة من المصنفين من أصحابنا وغيرهم في المناسك، استحباب زيارة هذه المساجد وعدوا منها مواضع وسَمُّوها "
الشيخ : سَمَّوها، سَمُّوها ما تصلح يا خالد، سَمُّوها جعلوا لها سُمَّا.
القارئ : " وسَمَّوها "
الطالب : المشاهد.
الشيخ : إي أنا عندي المشاهد، نعم، عندك المساجد؟ المشاهد نسخة.
وكثير منها كذب أيضاً، حتى هذه المشاهد الآن والتي يسمونها المساجد السبعة في المدينة وغيرها كلها ما لها أصل، حتى رأينا في شرق الطائف مسجد صغير في حافة جبل يسمونه مسجد الكوع، يقولون: الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حين خرج من الطائف جلس على هذا المكان ووضع كوعه، وأيضاً ما يعرفون كوعه من كرسوعه، نعم، فعلى كل حال أشياء مكذوبة كثيرة في هذه الآثار، لكن عوام الناس لاسيما الذين يأتون من بلاد فيها مثل هذه المشاهد يظنونها حقاً. نعم.
القارئ : " وأما أحمد فرخص منها فيما جاء به الأثر من ذلك، إلا إذا اتخذت عيدا، مثل أن تُنتابَ لذلك، ويُجتمعَ عندها في وقت معلوم، كما يرخص في صلاة النساء في المساجد جماعات، وإن كانت بيوتهن خير لهن، إلا إذا تبرجن، وجمع بذلك بين الآثار، واحتج بحديث ابن أم مكتوم.
ومثله : ما خرجاه في الصحيحين، عن عتبان بن مالك، قال : ( كنت أصلي لقومي بني سالم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت : إني أنكرت بصري، وإن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي، فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكانا حتى أتخذه مسجدا. فقال : أفعل إن شاء الله، فغدا على رسول الله ) "
.
الشيخ : علي، فغدا علي، حط فيها نقطتين.
القارئ : " ( فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه، بعدما اشتد النهار، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم يجلس حتى قال : أين تحب أن أصلي من بيتكم، فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر، وصففنا وراءه، فصلى ركعتين، ثم سلم وسلمنا حين سلم ) ".
الشيخ : في هذا الحديث فوائد :
منها: أن الإنسان إذا كان يشق عليه الحضور إلى المسجد فلا بأس أن يصلي في بيته، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رخص لعتبان بن مالك رضي الله عنه في هذا.
ومنها: تواضع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث خرج إلى عتبان وفي شدة النهار.
ومنها: فضيلة أبي بكر رضي الله عنه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يكون صاحباً له.
ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يبدأ بالأهم الذي من أجله جاء مثلاً ، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن يجلس_يا أخ علي انتبه_ قبل أن يجلس قال: أين تريد أن أصلي؟ وهذا لا شك أنه هو الحزم. ومن ذلك: أنه إذا أصابت الإنسان نجاسة فلا ينبغي أن يسوف، ويقول: إذا قمت أصلي غسلتها مثلاً، بل يبادر في إزالتها حتى لا ينسى، ويدل لهذا (أنه جيء بصبي فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره، فبال الصبي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بماء فنضحه ).
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً : جواز التبرك بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأن عتبان رضي الله عنه أراد من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يصلي في مكان يتخذه مصلى، فهل يلحق به غيره ؟
الصواب: لا، وأنه لا يلحق به غيره، فلو دعونا رجلاً معروف بالصلاح والإيمان والعلم ليصلي في مكان نتخذه مصلى، قلنا هذا من البدع.
فإذا قال إنسان: كيف تقولون إنه من البدع والرسول عليه الصلاة والسلام فعله؟
قلنا: لأن الصحابة أعلم منا وأفهم بمراد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يفعلوه، ما علمنا أن أحد نادى أبا بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو ابن مسعود أو غيرهم لمثل هذا الغرض.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يفعل شيئاً في المستقبل أن يقرن ذلك بالمشيئة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفعل إن شاء الله )، وهذا من حسن امتثال الرسول عليه الصلاة والسلام لأمر ربه، فإن الله قال له سبحانه وتعالى : (( لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله )) لكن لو قاله على سبيل الإخبار فهذا لا بأس به، لأن الإخبار عن شيء واقع، لا عن شيء مستقبل، يعني لو قيل له: أتذهب غداً إلى مكة ؟ قال: نعم، أو قال سأسافر غداً، هذا لا بأس به إذا لم يقصد وقوع الفعل، لأنه هنا أخبر إيش ؟ عما في نفسه وهو واقع، ليس شيئا مستقبلاً، ولهذا جاءت الآية الكريمة بهذه الصيغة (( إني فاعل ذلك )) وفاعل اسم فاعل منون يعمل عمل الفعل، يعني: إني أفعل ذلك، وفرق بين من قال في المستقبل سأفعله ومن قال : إن هذه نيتي لكنه عبر بقوله سأفعل سأسافر سأزور.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز النافلة جماعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أم عتبان ومن معه، وهذا لا بأس به أحياناً، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي النفل جماعة أحياناً، إما في التهجد أو غيره.
ومنها : مشروعية المصافة، وأن المشروع في الجماعة أن يتقدم الإمام ويتأخر المأمومون، لقوله: ( وصففنا وراءه ).
ومنها: جواز العمل بالإشارة مع القدرة على الكلام، أين هي في الحديث؟ أن الرسول لما سأل قال : ( أين تحب أن تصلي؟ قال فأشرت إلى المكان ).
ومنها : المتابعة متابعة الإمام، بحيث لا يتقدم ولا يوافق ولا يتأخر، لقوله : ( ثم سلم وسلمنا حين سلم ) يعني بدون تأخر وبدون تقدم وبدون موافقة. إي نعم. انتهى الوقت؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب نقف على هذا.