القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقال القاضي عياض : كره مالك أن يقال : زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر عن بعضهم أنه علله بلعنه صلى الله عليه وسلم زوارات القبور ، قال : وهذا يرده قوله : " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " . وعن بعضهم أن الزائر أفضل من المزور ، قال : وهذا مردود بما جاء من زيارة أهل الجنة لربهم قال : والأولى أن يقال في ذلك : إنه إنما كرهه مالك لإضافة الزيارة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه لو قال : زرنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه ، لقوله " اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " فحمى إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبه بأولئك ؛ قطعًا للذريعة وحسمًا للباب قلت: غلب في عرف كثير من الناس استعمال لفظ : (زرنا) في زيارة قبور الأنبياء والصالحين على استعمال لفظ زيارة القبور في الزيارة البدعية الشركية لا في الزيارة الشرعية ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص ، ولا روى أحد في ذلك شيئًا ، لا أهل الصحيح ولا السنن ، ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره .وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره ، وأجل حديث روي في ذلك ما رواه الدارقطني ، وهو ضعيف باتفاق أهل العلم بل الأحاديث المروية في زيارة قبره ، كقوله : " من زارني وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة " ، و " من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي " ، و " من حج ولم يزرني فقد جفاني " ، ونحو هذه الأحاديث ، كلها مكذوبة موضوعة . لكن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور مطلقا ، بعد أن كان قد نهى عنها ، كما ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " ، وفي الصحيح عنه أنه قال : " استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة " فهذه زيارة لأجل تذكرة الآخرة ، ولهذا يجوز زيارة قبر الكافر لأجل ذلك . وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى البقيع فيسلم على موتى المسلمين ويدعو لهم ، فهذه زيارة مختصة بالمسلمين ، كما أن الصلاة على الجنازة تختص بالمؤمنين . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد: فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم: " وقال القاضي عياض: كره مالك أن يقال: زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر عن بعضهم أنه علله بلعنه صلى الله عليه وسلم زوارات القبور، قال: وهذا يرده قوله : ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ). وعن بعضهم أن الزائر أفضل من المزور، قال : وهذا مردود بما جاء من زيارة أهل الجنة لربهم "
الشيخ : الله أكبر، يعني معناه أن بعضهم قال: لا تقل زرت القبر، لأن الزائر أشرف من المزور، فيقتضي أنك إذا قلت: زرت قبر النبي أنك أشرف منه، فرده بهذا الرد العجيب. نعم.
القارئ : " قال : والأولى أن يقال في ذلك: إنه إنما كرهه مالك لإضافة الزيارة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لو قال : زُرنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه، لقوله: ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فحمى إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبه بأولئك، قطعًا للذريعة وحسمًا للباب.
قلت: غلب في عرف كثير من الناس استعمال لفظ زرنا، في زيارة قبور الأنبياء والصالحين، على استعمال لفظ زيارة القبور في الزيارة البدعية الشركية لا في الزيارة الشرعية، ولم يَثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى أحد في ذلك شيئًا، لا أهل الصحيح ولا السنن، ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره. وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره، وأجل حديث رُوي في ذلك ما رواه الدارقطني، وهو ضعيف باتفاق أهل العلم بالأحاديث المروية في زيارة قبره، كقوله : (من زارني وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة )، و ( من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي )، و (من حج ولم يزرني فقد جفاني )، ونحو هذه الأحاديث، كلها مكذوبة موضوعة.
لكن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور مطلقا، بعد أن كان قد نهى عنها، كما ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ). وفي الصحيح عنه أنه قال : ( استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ).
فهذه زيارة لأجل تذكرة الآخرة، ولهذا يجوز زيارة قبر الكافر لأجل ذلك. وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى البقيع فيُسلم على موتى المسلمين ويدعو لهم، فهذه زيارة مختصة بالمسلمين "
الشيخ : وفي منعه تبارك وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لأمه دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يسأل ما لا يمكن شرعاً، لأن هذا عدوان في الدعاء، فلو سأل الله أن يجعله نبياً، قلنا: هذا حرام هذا لا يجوز.
والظاهر أن مثله لو سأل الله تعالى أن ينزله منازل الأنبياء في الجنة، فإن هذا من الاعتداء في الدعاء، لأن منازل الأنبياء خاصة بهم، وأما حديث: ( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف كالكوكب الدري الغابر في الأفق. قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا ينالها غيرهم؟ أو قالوا الشهداء ؟ قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) يعني ينالون هذه الغرف، فهذا لا يدل على أن منازل غير الأنبياء تكون في منازل الأنبياء.
إذن فالضابط أن كل من دعا الله بما لا يمكن شرعاً فإنه معتدٍ في الدعاء.
ومن ذلك أن الله تعالى لا يستجيب لمن دعا بإثم أو قطيعة رحم، لأن الله لا يرضاه.
وكذلك لو دعا بما لا يمكن قدراً مثل أن يقول: اللهم أقم الساعة الآن، فإن هذا لا يمكن قدراً بحسب إخبار الله لا بحسب قدرة الله، الله قادر على أن تقوم الساعة الآن، لكن الساعة لها أشراط تسبقها بخبر الله ورسوله.
فعلى كل حال الضابط هو هذا: أنه لا يجوز للإنسان أن يسأل ما لا يمكن شرعاً أو قدراً. نعم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد: فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم: " وقال القاضي عياض: كره مالك أن يقال: زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر عن بعضهم أنه علله بلعنه صلى الله عليه وسلم زوارات القبور، قال: وهذا يرده قوله : ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ). وعن بعضهم أن الزائر أفضل من المزور، قال : وهذا مردود بما جاء من زيارة أهل الجنة لربهم "
الشيخ : الله أكبر، يعني معناه أن بعضهم قال: لا تقل زرت القبر، لأن الزائر أشرف من المزور، فيقتضي أنك إذا قلت: زرت قبر النبي أنك أشرف منه، فرده بهذا الرد العجيب. نعم.
القارئ : " قال : والأولى أن يقال في ذلك: إنه إنما كرهه مالك لإضافة الزيارة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لو قال : زُرنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه، لقوله: ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فحمى إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبه بأولئك، قطعًا للذريعة وحسمًا للباب.
قلت: غلب في عرف كثير من الناس استعمال لفظ زرنا، في زيارة قبور الأنبياء والصالحين، على استعمال لفظ زيارة القبور في الزيارة البدعية الشركية لا في الزيارة الشرعية، ولم يَثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روى أحد في ذلك شيئًا، لا أهل الصحيح ولا السنن، ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره. وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره، وأجل حديث رُوي في ذلك ما رواه الدارقطني، وهو ضعيف باتفاق أهل العلم بالأحاديث المروية في زيارة قبره، كقوله : (من زارني وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة )، و ( من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي )، و (من حج ولم يزرني فقد جفاني )، ونحو هذه الأحاديث، كلها مكذوبة موضوعة.
لكن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور مطلقا، بعد أن كان قد نهى عنها، كما ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ). وفي الصحيح عنه أنه قال : ( استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ).
فهذه زيارة لأجل تذكرة الآخرة، ولهذا يجوز زيارة قبر الكافر لأجل ذلك. وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى البقيع فيُسلم على موتى المسلمين ويدعو لهم، فهذه زيارة مختصة بالمسلمين "
الشيخ : وفي منعه تبارك وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لأمه دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يسأل ما لا يمكن شرعاً، لأن هذا عدوان في الدعاء، فلو سأل الله أن يجعله نبياً، قلنا: هذا حرام هذا لا يجوز.
والظاهر أن مثله لو سأل الله تعالى أن ينزله منازل الأنبياء في الجنة، فإن هذا من الاعتداء في الدعاء، لأن منازل الأنبياء خاصة بهم، وأما حديث: ( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف كالكوكب الدري الغابر في الأفق. قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا ينالها غيرهم؟ أو قالوا الشهداء ؟ قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) يعني ينالون هذه الغرف، فهذا لا يدل على أن منازل غير الأنبياء تكون في منازل الأنبياء.
إذن فالضابط أن كل من دعا الله بما لا يمكن شرعاً فإنه معتدٍ في الدعاء.
ومن ذلك أن الله تعالى لا يستجيب لمن دعا بإثم أو قطيعة رحم، لأن الله لا يرضاه.
وكذلك لو دعا بما لا يمكن قدراً مثل أن يقول: اللهم أقم الساعة الآن، فإن هذا لا يمكن قدراً بحسب إخبار الله لا بحسب قدرة الله، الله قادر على أن تقوم الساعة الآن، لكن الساعة لها أشراط تسبقها بخبر الله ورسوله.
فعلى كل حال الضابط هو هذا: أنه لا يجوز للإنسان أن يسأل ما لا يمكن شرعاً أو قدراً. نعم.