تتمة شرح قول المصنف رحمه الله تعالى : ونؤمن بأن الله عزوجل علي على خلقه بذاته وصفاته , لقوله تعالى : << وهو العلي العظيم >> [ البقرة : 255 ] , وقوله : << وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير >> [ الأنعام : 18 ] حفظ
الشيخ : أما علوه بصفاته فقد أجمع كل مسلم ولو مبتدعا على أنه علي بصفاته وأن صفاته فوق كل شيء ماعدا أهل التمثيل الذين يمثلون الله بخلقه فإنهم قد انتقصوا صفات الخالق لكن المعركة دائرة بين أهل التعطيل وأهل السنة الذين يقودهم الرسول عليه الصلاة والسلام والسلف الصالح هو العلو بذاته هل الله عال بذاته أو لا نقول إن الله علي بذاته جل وعلا علي بذاته
وقد دل على ذلك القرآن والسنة والإجماع والعقل والفطرة أنواع الأدلة كلها دلت على علو الله بذاته
أما الكتاب فما أكثر ما يصف الله نفسه بأنه علي وأنه الأعلى وأنه فوق عباده و أن الأشرعة تنزل من عنده وما أشبه ذلك وتصعد إليه وترفع إليه وهذا يدل دلالة قاطعة على أن الله تعالى عال بذاته كذا يا حامد طيب
أما السنة فقد اشتملت أنواع الأدلة أنواع السنة يعني أنواع الدلالة من السنة اتفقت على علو الله السنة القولية والفعلية والإقرارية عرفتم السنة اتفقت بجميع أنواع الدلالات على علو الله بذاته القولية والثاني
الطالب : الفعلية
الشيخ : والثالث
الطالب : الإقرارية
الشيخ : الإقرارية أما القولية فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده ( سبحان ربي الأعلى ) وجه الدلالة أنه وصف الله بأنه الأعلى حين كان الإنسان الساجد هو الأسفل أعلى شيء في الإنسان العقل
الطالب : العقل
الشيخ : لا
الطالب : الرأس
الشيخ : أي نعم الرأس اللي منه جبهة أين يضعه الساجد في الأرض موازيا لقدميه ففي هذه الحالة التي وضع الإنسان نفسه في أسفل شيء يتذكر الرب الأعلى الذي هو فوق كل شيء والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده ( سبحان ربي الأعلى )
أما الفعلية فإنه ( خطب الناس في يوم عرفة وقال ألا هل بلغت قالوا نعم قال ألا هل بلغت قالوا نعم قال ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس ) ( اللهم اشهد ) يعني عليهم فيشير إلى من
الطالب : إلى الله
الشيخ : إلى الله وهذه دلالة فعلية سنة فعلية تدل على أن الله تعالى فوق كل شيء أما الإقرارية فإن ( جارية معاذ بن الحكم سألها النبي عليه الصلاة والسلام أين الله ) قالت في السماء في السماء قال أعتقها فإنها مؤمنة ) فأقرها على قولها في السماء وقال ( أعتقها فإنها مؤمنة ) وهذه سنة أيش
الطالب : إقرارية
الشيخ : إقرارية هذه دلالة الكتاب والسنة على علو الله
أما دلالة الإجماع فما أحد من السلف الصحابة والتابعين وأئمة الأمة بعدهم ما قالوا منهم أحد إن الله تعالى ليس في السماء أبدا وكونهم يقرأون هذه النصوص ولا يعارضونها ولا يفسرونها بما ينافيها يدل على أنهم أيش على أنهم قالوا بها وأن هذه عقيدتهم فيكون في هذا إجماع من السلف على أن الله تعالى عال بذاته
وطريق إثبات الإجماع بهذا الوجه يعتبر من أحسن ما يكون يعني لو قال قائل أرونا حرفا واحدا عن الصحابة والتابعين أنهم أثبتوا علو الله بذاته بذاته نقول لا حاجة إلى النقل هم يقرأون القرآن ويسمعون السنة هل أحد منهم قال إن الله ليس فوق سماواته
الطالب : لا
الشيخ : لأ وهذا كما قال شيخ الإسلام كل آثار السلف ما فيها أثر واحد عن السلف يقول إن الله ليس فوق السماء وحينئذ يكونون مجمعين
الطالب : ...
الشيخ : أيش على مقتضى هذه الأدلة وهو أن الله بذاته في السماء
أما العقل فيقال ماذا تقول أيها المنكر لعلو الله هل العلو صفة كمال أو صفة نقص
الطالب : ...
الشيخ : نعم
الطالب : ...
الشيخ : بالطبع يبي يقول صفة كمال كل يعرف أن العلو صفة كمال إذا كان صفة كمال فهل الرب موصوف بالكمال
الطالب : ...
الشيخ : نعم هو اصله أصله لم ينكر علو الله بذاته إلا طلبا للكمال كما يدعي إذن ثبت له صفات العلو لأن العلو صفة كمال بإجماع العقلاء
الفطرة تجد العجوز التي لم تدرس العقيدة الواسطية ولا عقيدة الطحاوي ولا الإبانة ولا غيرها إذا دعت ربها عز وجل
الطالب : ...
الشيخ : وين تروح
الطالب : ...
الشيخ : نعم تقول يا رب نعم ولا يا رب فوق يارب فوق دليل فطري ما يحتاج إلى تدريس ولا إلى تعليم عرفتم
ولهذا لما كان أبو المعالي الجويني عفا الله عنا وعنه يقرر أن الله لم يستو على العرش ينكر استواء الله على العرش لأنه من الأشعرية قال له بل أبو الأعلى الهمذاني " يا أستاذ دعنا من ذكر العرش والاستواء على العرش ماتقول في هذه الفطرة ما قال عارف قط يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو " عارف يعني عابد يعني عابدا ما قال يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة لطلب العلو فقد جعل يضرب على رأسه ويقول " حيرني الهمذاني حيرني " ويش معناه يعني ما عنده جواب على هذا مافي جواب كل إنسان يقول يا الله حتى اللي ينكر العلو علو الله نقول يرتفع قلبه إلى السماء
وفي مرة من المرات قمنا في يوم العيد في منى فجاءنا طائفة من الإخوان ولا أحب أن أذكر نسبتهم جاءوا وهم طلبة علم وكنت لا أعرف لغتهم فجاءني بعض الإخوة من السعوديين وقال إن الإخوان حضروا وأحب أن تتكلم في شيء من العقيدة لاسيما في العلو قلت خير إن شاء الله المهم حضرت تكلمنا بأشياء ما هي من العقيدة تأنيسا لهم وتأليفا لهم لأنك لو باشرتهم بالكلام في العقيدة ها
الطالب : لنفروا
الشيخ : ها لنفروا وقالوا هذا جاء يصحح عقيدتنا ليش كلمناهم بما تيسر ثم انتقلنا إلى ذكر العلو وبدأت أقول لهم مثل ما قلت لكم الآن أن العلو دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة فبدأوا يتراطنون و ... بعضهم بوقف فقلت بنفسي هما الآن وقفوا إجلالا وإعظاما لهذا المعنى والا يريدون يقتلونني ما أدري نعم المهم بدأوا وقفوا قاموا يتراطنون ... ويرد بعضهم على بعض يرد بعضهم على بعض فأمسكتهم كذا أخشى من فتنة هدأتهم وقلت المقصود الوصول الى الحق ... سكتناهم فقلت لهم بالأمس كنتم بعرفة تدعون الله عز وجل كيف ترفعون أيديكم عند الدعاء قالوا نقول هكذا طيب وتوجهون الخطاب لمن قال لله طيب كيف لله توجهون الخطاب إلى شيء ليس الله فيه قالوا لان الدعاء، لأن السماء قبلة الداعي السماء قبلة الداعي قلت إذا كان قبلة الداعي فالداعي لا بد أن يستقبل القبلة بجميع بدنه وعلى هذا فلا تدعوا الله إلا وأنتم على ظهوركم مستلقين على ظهوركم حتى يكون البدن كله موجه للقبلة
كلام سخيف نسأل الله العافية لكن (( من لم يجعل الله له نورا فما له من نور )) والله لو ترك هؤلاء وفطرتهم ما ضلوا عن سواء السبيل في مسألة العلو أبدا
على كل حال هذه أدلة خمسة تدل على أيش على علو الله بذاته فوق سماواته
يوردون على هذه إشكالا أولا يقولون إنكم إذا قررتم ذلك فقد خالفتم القرآن ترى لا بأس من البسط في هذا الأمر لأنه ربما تواجهون من يجادلكم نعم فقد خالفتم القرآن قال الله عز وجل (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا )) (( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله )) (( وهو الله في السماوات وفي الأرض )) هذه أربع آيات كلها تدل على عدم العلو كلها تدل على عدم العلو (( ءأمنتم من في السماء )) إن أردت إن قلت تفيد الظرفية فقد حصرتم الله في السماء لأن الظرف أكبر أيش
الطالب : من المظروف
الشيخ : من المظروف فتكون السماء محيطة به وأنتم لا تقولون بأن السماء تحيط به فإما أن تقولوا إن السماء تحيط به وهو فيها وإما أن تنكروا أن يكون في السماء نقول في الجواب على هذا الجواب عن هذا بأحد وجهين إما أن يكون قوله (( في السماء )) بمعنى على السماء و (( في )) تأتي بمعنى على كما في قوله تعالى (( قل سيروا في الأرض )) يعني على الأرض يعني ما هو معناه أن الإنسان يحفر خنادق في الأرض يمشي فيها سيروا على الأرض (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) يعني عليها وإذا جعلت في بمعنى على زال الإشكال فيكون الله أيش في جوف السماء والا فوقها
الطالب : فوقها
الشيخ : فوقها طيب أو نقول جواب آخر أن المراد بالسماء العلو لأن السماء في اللغة العربية كل ما علاك فهو سماء حتى السقف هذا سماء بالنسبة لنا فيكون (( من في السماء )) أي من في العلو
فإذا قال قائل أرونا شاهدا على أن السماء بمعنى العلو قلنا مرحبا قال الله تعالى (( أنزل من السماء ماءا فسالت أودية بقدرها )) والسماء منين هو نازل
الطالب : من السحاب
الشيخ : من السحاب والسحاب هو السماء والا مسخر بين السماء والأرض
الطالب : مسخر بين السماء
الشيخ : كما قال تعالى (( والسحاب المسخر بين السماء والأرض )) فتبين أن السماء في الآية الأولى (( أنزل من السماء ماء )) بمعنى العلو وعلى هذا فنقول (( أأمنتم من في السماء )) أي من في العلو في العلو المطلق الذي لا يكون معه أحد فهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء انتهينا من الجواب على هذه الآية هاتين الآيتين
أما قوله (( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله )) فمن المعلوم أن الشخص الواحد لا يكون في مكانين في آن واحد مستحيل شخص واحد في مكانين في آن واحد مستحيل لكن معنى قوله (( وهو الذي في السماء إله )) هو كقولك فلان أمير في مكة وأمير في المدينة يعني أن إمرته في هذا وفي هذا وأما مكانه
الطالب : في مكان واحد
الشيخ : ففي واحدة منهما إما مكة وإما المدينة (( وهو الذي في السماء إله )) كذلك يعني هو إله من في السماء وإله من في الأرض وهذا واضح ولذلك (( وهو الذي في السماء إله )) ماقال في السماء فقط (( وفي الأرض إله )) ولم يقل وفي الأرض فقط
الآية الرابعة (( وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم )) نقول الجواب فيها من وجهين إما أن نجعل (( الله )) متعلق بها في السماوات وفي الأرض فتكون كقوله (( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله )) أي أنه مألوه في السماوات ومألوه في الأرض وعلى هذا يكون جار ومجرور ومعطوف متعلق بلفظ الجلالة أو نقول (( وهو الله في السماوات )) ونقف ثم نستأنف ونقول (( وفي الأرض يعلم سركم وجهركم )) ويكون قوله (( في الأرض )) متعلقا بقوله (( يعلم سركم وجهركم )) ويكون جلال الآية وعظمتها أنه مع كونه في السماوات فإنه يعلم سركم وجهركم في الأرض فليس علوه في السماوات بمانع من علمه بسركم وجهركم في الأرض وبهذا تلتئم الأدلة ويبقى العلو الذاتي ثابتا بكم دليل
الطالب : بخمسة
الشيخ : بخمسة أدلة جنسا أو فردا؟ جنسا لأن دلالة القرآن والسنة لا تحصر خالف في العلو الذاتي طائفتان طائفة قالوا " إنه في كل مكان إنه في كل مكان بذاته " والعياذ بالله فهو في المسجد في السوق وفي البر وفي البحر وفي الجو وفي الأماكن المحترمة وفي الأماكن القذرة وفي كل مكان كيف هل هو يتجزأ أو هو متعدد؟ لأنه يلزم على قولهم أنه في كل مكان إما أن يكون متجزءا بعضه هنا وبعضه هنا والا أن يكون
الطالب : متعددا
الشيخ : متعددا أو يكون متمزقا في الواقع إذا قلنا أنه هنا في المسجد وهناك في السوق بينا وبين السوق
الطالب : جدران
الشيخ : جدران معناها مزقته أو تقول إنه حال في الجدار أيضا في الطين واللبنة والحديد وما أشبه ذلك لهذا القول بأنه في كل مكان مقدمة للقول بأنه حال في كل شيء ولهذا قال ابن القيم عن هذا القول إنه أخبث من قول النصارى النصارى خصوا الحلول
الطالب : في عيسى ابن مريم
الشيخ : بعيسى ابن مريم خصوه بعيسى ابن مريم فلم يجعلوه في كل مكان ثم خصوه في مكان طاهر من أولي العزم وهؤلاء قالوا إنه في كل مكان وفي كل شيء فأيهما أخبث
الطالب : هؤلاء
الشيخ : يعني ما أدري أنتم الظاهر أنه الصبي إذا قلت له آخر كلمة فهو معك تقول أحب لك الحلاوة والا التمرة قال التمرة أحب لك التمرة والا الحلاوة قال الحلاوة على الأخير فالمهم الآن نقول أيهما أخبث حلول هؤلاء أو حلول النصارى
الطالب : حلول هؤلاء
الشيخ : حلول هؤلاء أخبث لأنهم لم ينزهوه عن أي شيء ولم يخصوه بالطاعة طيب أقول هؤلاء القوم يقولون إن الله بذاته في كل مكان قول آخر قالوا لا يجوز أن تصف الله بأنه في مكان إطلاقا لا تقل في السماء ولا في الأرض لا في السماء ولا في الأرض وين؟ قال ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه كيف؟ قال ولا مجانب ولا محايث ولا يمين ولا شمال ولا فوق ولا تحت وين راح
الطالب : ...
الشيخ : قال لا تصفه بأي وصف من هذا فلهذا جعل الله تعالى عدما حتى قال بعض العلماء لو قال لك قائل صف لي العدم ما وجدت أشمل ولا أشد إحاطة
الطالب : من هذا الوصف
الشيخ : من هذا الوصف واضح يا جماعة فالحمد لله الذي هدانا نحن نؤمن بأن الله تعالى فوقنا معنى وذاتا
فإن قال قائل تنطعتم حينما قلتم إن الله علي بذاته بذاته ما الذي جاء لنا بذاته هذا تنطع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون ) فقلنا إننا لم نتنطع ولكنا أردنا أن ندفع قول سوء وهم الذين يقولون إن الله ليس عليا بذاته نقول بل هو علي بذاته ولولا أنهم أحوجونا إلى هذا القول ما قلناه لاقتصرنا على قراءة القرآن والحديث ولم نزد حرفا واحدا لكن ماذا نقول إذا تعادى هذا العدوان على الشريعة وعلى الخالق عز وجل فنحن نقول بذاته ضرورة كما قلنا استوى على العرش بعض السلف قال بذاته وبعضهم أنكر هذا قال ليش تقول بذاته فأقول أنا ما قلت بذاته تنطعا قلت بذاته ردا لقول من يقول استوى استواءا معنويا لا ذاتيا وأن معناه الملك والقهر و الاستيلاء النزول الى السماء الدنيا بعض العلماء قال ينزل بذاته فقال آخرون هذا تنطع ليش تقول بذاته ماقال الرسول ينزل بذاته قلنا نعم الرسول ما قال ينزل بذاته صلوات الله وسلامه عليه لأنه يخاطب قوما يفهمون أن الفعل إذا أضيف إلى الفاعل فهو مضاف إلى ذات الفاعل فالصحابة لما قال لهم لما قال لهم رسول الله ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) ماذا فهموا أنه، ان الله هو اللي ينزل فلم يحتج إلى أن يقول بذاته لكن لما جاءنا قوم يقولون إن نزوله معنوي وليس ذاتيا أو إن نزوله يتعلق بغيره لا بذاته اضطررنا إلى أن نقول بذاته دفعا لهذا القول الجائر وليس تعنتا وقد قال الشاعر الحكيم " البس لكل حالة لبوسا " كل إنسان نخاطبه بما يعرف المهم الآن تبين بارك الله فيكم أن الله تعالى عال بذاته وصفاته على جميع الخلق والأدلة كثيرة وقد ذكرنا لكم مجملها وأنها تنقسم إلى خمسة أنواع لا خمسة آحاد القرآن السنة الإجماع العقل الفطرة
ثم استدل بقوله تعالى (( وهو العلي العظيم )) العلي صفة صفة مشبهة والصفة المشبهة تدل على الثبوت والاستمرار فهو العلي علوا لازما ذاتيا ولهذا كان علوه على جميع الخلق من صفاته الذاتية اللازمة حتى لو قلنا إنه ينزل إلى السماء الدنيا فإن ذلك لا ينافي علوه لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته (( العظيم )) يعني ذو العظمة التي لا أعظم منها فهو لا أعظم منه في سلطانه وملكه وقهره وغير ذلك وقوله (( وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير )) (( القاهر )) الغالب (( فوق عباده )) فوقية معنوية والا ذاتية
الطالب : كلاهما
الشيخ : كلاهما معنوية ذاتية (( وهو الحكيم والخبير )) (( الحكيم )) ذو الحكم والحكمة هل شرحنا هل شرحنا لكم ذلك من قبل
الطالب : ...
الشيخ : ايه طيب (( الحكيم )) ذو الحكم والحكمة أما قولنا ذو الحكم فمعناه أن الله له الحكم كما قال تعالى (( له الحكم وإليه ترجعون )) وأي حكم حكم الله حكم الله نوعان كوني وشرعي مثال الكوني قول الله تبارك وتعالى عن أخ يوسف (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين )) (( يحكم )) هنا حكم كوني أي يقدر لذلك وأما الحكم الشرعي فمثاله قوله تعالى في سورة الممتحنة (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )) أي حكمه الشرعي (( أليس الله بأحكم الحاكمين )) (( الحاكمين )) شرعا أو كونا
الطالب : كونا وشرعا
الشيخ : كونا وشرعا (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما )) شرعا على كل حال الحكم كوني وشرعي الحكمة تكون في الكون في الحكم الكوني وتكون في الحكم الشرعي مامن حكم يحكم الله به إلا وهو مطابق للحكمة تماما سواء كان هذا الحكم كونيا أو كان شرعيا
فما هي الحكمة الحكمة وضع الشيء موضعه بحيث لا يقول العقل ليته لم يضعه هنا هذه هي الحكمة وضع الشيء في موضعه اللائق به بحيث لا يقول العقل ليته لم يضعه فيه
ثم اعلم أن الحكمة نوعان نوع حكمة كون الشيء على هذا الوجه والنوع الثاني الغاية من هذا الشيء الأول كون الشيء على هذا الوجه والثاني الغاية منه الغاية منه انتو معنا
الطالب : نعم
الشيخ : فكون الشيء على هذا الوجه يعني صورة الشيء لماذا كان الآدمي قائما على قدميه ورأسه فوق وكانت البهائم بالعكس لماذا كان الليل مظلما والنهار مبصرا وهلم جرا لماذا هو موافق تماما للحكمة ثم الغاية منه الغاية منه ماهي الثمرة من ذلك ما هي الثمرة من ذلك؟
وأضرب مثلا بالصلاة الصلاة كونها على هذا الوجه حكمة قيام ثم ركوع ثم خرور للسجود هذه حكمة ينتصب الإنسان أولا ثم يكون بين القعود والانتصاب في الركوع ثم يسجد ولماذا كانت تقطع على وتر لأن الله تعالى وتر ما الغاية من هذه الصلاة تكفير الخطايا إذن فالحكمة لها متعلقات المتعلق الأول كون الشيء على هذا الوجه والثاني
الطالب : الغاية منه
الشيخ : الغاية منه انظر إلى المطر المطر الآن يروي الأرض يروي الأرض فكونه يأتي من فوق وكونه يأتي رذاذا هذه حكمة لا شك لو كان يأتي على الأرض ماشيا لم يستفد أعلى الجبال منه أليس كذلك ولو كان يصب صبا كأفواه القرب لتهدم البناء وتضرر الناس لكنه جاء رذاذا ومن فوق من أجل أن يشمل أيش كل الأرض وجاء رذاذا لألا يضر ثم ما الغاية من إنزال المطر
الطالب : الشرب
الشيخ : الغاية عظيمة م هو الإنبات فقط الشرب (( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون )) نبات الأر ض والشرب وزوال الغبرة إلى غير ذلك من الفوائد الكبيرة فصار الآن (( الحكيم )) مشتق منين
الطالب : من الحكم
الشيخ : من الحكم والحكمة والحكم إما كوني وإما شرعي والحكمة إما في الغاية وإما في الصورة في الغاية ثمراته في الصورة كون الشيء على هذا الوجه هذا هو معنى الحكيم
وقوله تعالى (( الخبير )) يعني العليم لكن الخبير أخص من العليم لكونها تتعلق ببواطن الأمور وخفاياها فهي أخص من العلم والله أعلم
وقد دل على ذلك القرآن والسنة والإجماع والعقل والفطرة أنواع الأدلة كلها دلت على علو الله بذاته
أما الكتاب فما أكثر ما يصف الله نفسه بأنه علي وأنه الأعلى وأنه فوق عباده و أن الأشرعة تنزل من عنده وما أشبه ذلك وتصعد إليه وترفع إليه وهذا يدل دلالة قاطعة على أن الله تعالى عال بذاته كذا يا حامد طيب
أما السنة فقد اشتملت أنواع الأدلة أنواع السنة يعني أنواع الدلالة من السنة اتفقت على علو الله السنة القولية والفعلية والإقرارية عرفتم السنة اتفقت بجميع أنواع الدلالات على علو الله بذاته القولية والثاني
الطالب : الفعلية
الشيخ : والثالث
الطالب : الإقرارية
الشيخ : الإقرارية أما القولية فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده ( سبحان ربي الأعلى ) وجه الدلالة أنه وصف الله بأنه الأعلى حين كان الإنسان الساجد هو الأسفل أعلى شيء في الإنسان العقل
الطالب : العقل
الشيخ : لا
الطالب : الرأس
الشيخ : أي نعم الرأس اللي منه جبهة أين يضعه الساجد في الأرض موازيا لقدميه ففي هذه الحالة التي وضع الإنسان نفسه في أسفل شيء يتذكر الرب الأعلى الذي هو فوق كل شيء والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده ( سبحان ربي الأعلى )
أما الفعلية فإنه ( خطب الناس في يوم عرفة وقال ألا هل بلغت قالوا نعم قال ألا هل بلغت قالوا نعم قال ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس ) ( اللهم اشهد ) يعني عليهم فيشير إلى من
الطالب : إلى الله
الشيخ : إلى الله وهذه دلالة فعلية سنة فعلية تدل على أن الله تعالى فوق كل شيء أما الإقرارية فإن ( جارية معاذ بن الحكم سألها النبي عليه الصلاة والسلام أين الله ) قالت في السماء في السماء قال أعتقها فإنها مؤمنة ) فأقرها على قولها في السماء وقال ( أعتقها فإنها مؤمنة ) وهذه سنة أيش
الطالب : إقرارية
الشيخ : إقرارية هذه دلالة الكتاب والسنة على علو الله
أما دلالة الإجماع فما أحد من السلف الصحابة والتابعين وأئمة الأمة بعدهم ما قالوا منهم أحد إن الله تعالى ليس في السماء أبدا وكونهم يقرأون هذه النصوص ولا يعارضونها ولا يفسرونها بما ينافيها يدل على أنهم أيش على أنهم قالوا بها وأن هذه عقيدتهم فيكون في هذا إجماع من السلف على أن الله تعالى عال بذاته
وطريق إثبات الإجماع بهذا الوجه يعتبر من أحسن ما يكون يعني لو قال قائل أرونا حرفا واحدا عن الصحابة والتابعين أنهم أثبتوا علو الله بذاته بذاته نقول لا حاجة إلى النقل هم يقرأون القرآن ويسمعون السنة هل أحد منهم قال إن الله ليس فوق سماواته
الطالب : لا
الشيخ : لأ وهذا كما قال شيخ الإسلام كل آثار السلف ما فيها أثر واحد عن السلف يقول إن الله ليس فوق السماء وحينئذ يكونون مجمعين
الطالب : ...
الشيخ : أيش على مقتضى هذه الأدلة وهو أن الله بذاته في السماء
أما العقل فيقال ماذا تقول أيها المنكر لعلو الله هل العلو صفة كمال أو صفة نقص
الطالب : ...
الشيخ : نعم
الطالب : ...
الشيخ : بالطبع يبي يقول صفة كمال كل يعرف أن العلو صفة كمال إذا كان صفة كمال فهل الرب موصوف بالكمال
الطالب : ...
الشيخ : نعم هو اصله أصله لم ينكر علو الله بذاته إلا طلبا للكمال كما يدعي إذن ثبت له صفات العلو لأن العلو صفة كمال بإجماع العقلاء
الفطرة تجد العجوز التي لم تدرس العقيدة الواسطية ولا عقيدة الطحاوي ولا الإبانة ولا غيرها إذا دعت ربها عز وجل
الطالب : ...
الشيخ : وين تروح
الطالب : ...
الشيخ : نعم تقول يا رب نعم ولا يا رب فوق يارب فوق دليل فطري ما يحتاج إلى تدريس ولا إلى تعليم عرفتم
ولهذا لما كان أبو المعالي الجويني عفا الله عنا وعنه يقرر أن الله لم يستو على العرش ينكر استواء الله على العرش لأنه من الأشعرية قال له بل أبو الأعلى الهمذاني " يا أستاذ دعنا من ذكر العرش والاستواء على العرش ماتقول في هذه الفطرة ما قال عارف قط يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو " عارف يعني عابد يعني عابدا ما قال يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة لطلب العلو فقد جعل يضرب على رأسه ويقول " حيرني الهمذاني حيرني " ويش معناه يعني ما عنده جواب على هذا مافي جواب كل إنسان يقول يا الله حتى اللي ينكر العلو علو الله نقول يرتفع قلبه إلى السماء
وفي مرة من المرات قمنا في يوم العيد في منى فجاءنا طائفة من الإخوان ولا أحب أن أذكر نسبتهم جاءوا وهم طلبة علم وكنت لا أعرف لغتهم فجاءني بعض الإخوة من السعوديين وقال إن الإخوان حضروا وأحب أن تتكلم في شيء من العقيدة لاسيما في العلو قلت خير إن شاء الله المهم حضرت تكلمنا بأشياء ما هي من العقيدة تأنيسا لهم وتأليفا لهم لأنك لو باشرتهم بالكلام في العقيدة ها
الطالب : لنفروا
الشيخ : ها لنفروا وقالوا هذا جاء يصحح عقيدتنا ليش كلمناهم بما تيسر ثم انتقلنا إلى ذكر العلو وبدأت أقول لهم مثل ما قلت لكم الآن أن العلو دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة فبدأوا يتراطنون و ... بعضهم بوقف فقلت بنفسي هما الآن وقفوا إجلالا وإعظاما لهذا المعنى والا يريدون يقتلونني ما أدري نعم المهم بدأوا وقفوا قاموا يتراطنون ... ويرد بعضهم على بعض يرد بعضهم على بعض فأمسكتهم كذا أخشى من فتنة هدأتهم وقلت المقصود الوصول الى الحق ... سكتناهم فقلت لهم بالأمس كنتم بعرفة تدعون الله عز وجل كيف ترفعون أيديكم عند الدعاء قالوا نقول هكذا طيب وتوجهون الخطاب لمن قال لله طيب كيف لله توجهون الخطاب إلى شيء ليس الله فيه قالوا لان الدعاء، لأن السماء قبلة الداعي السماء قبلة الداعي قلت إذا كان قبلة الداعي فالداعي لا بد أن يستقبل القبلة بجميع بدنه وعلى هذا فلا تدعوا الله إلا وأنتم على ظهوركم مستلقين على ظهوركم حتى يكون البدن كله موجه للقبلة
كلام سخيف نسأل الله العافية لكن (( من لم يجعل الله له نورا فما له من نور )) والله لو ترك هؤلاء وفطرتهم ما ضلوا عن سواء السبيل في مسألة العلو أبدا
على كل حال هذه أدلة خمسة تدل على أيش على علو الله بذاته فوق سماواته
يوردون على هذه إشكالا أولا يقولون إنكم إذا قررتم ذلك فقد خالفتم القرآن ترى لا بأس من البسط في هذا الأمر لأنه ربما تواجهون من يجادلكم نعم فقد خالفتم القرآن قال الله عز وجل (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا )) (( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله )) (( وهو الله في السماوات وفي الأرض )) هذه أربع آيات كلها تدل على عدم العلو كلها تدل على عدم العلو (( ءأمنتم من في السماء )) إن أردت إن قلت تفيد الظرفية فقد حصرتم الله في السماء لأن الظرف أكبر أيش
الطالب : من المظروف
الشيخ : من المظروف فتكون السماء محيطة به وأنتم لا تقولون بأن السماء تحيط به فإما أن تقولوا إن السماء تحيط به وهو فيها وإما أن تنكروا أن يكون في السماء نقول في الجواب على هذا الجواب عن هذا بأحد وجهين إما أن يكون قوله (( في السماء )) بمعنى على السماء و (( في )) تأتي بمعنى على كما في قوله تعالى (( قل سيروا في الأرض )) يعني على الأرض يعني ما هو معناه أن الإنسان يحفر خنادق في الأرض يمشي فيها سيروا على الأرض (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) يعني عليها وإذا جعلت في بمعنى على زال الإشكال فيكون الله أيش في جوف السماء والا فوقها
الطالب : فوقها
الشيخ : فوقها طيب أو نقول جواب آخر أن المراد بالسماء العلو لأن السماء في اللغة العربية كل ما علاك فهو سماء حتى السقف هذا سماء بالنسبة لنا فيكون (( من في السماء )) أي من في العلو
فإذا قال قائل أرونا شاهدا على أن السماء بمعنى العلو قلنا مرحبا قال الله تعالى (( أنزل من السماء ماءا فسالت أودية بقدرها )) والسماء منين هو نازل
الطالب : من السحاب
الشيخ : من السحاب والسحاب هو السماء والا مسخر بين السماء والأرض
الطالب : مسخر بين السماء
الشيخ : كما قال تعالى (( والسحاب المسخر بين السماء والأرض )) فتبين أن السماء في الآية الأولى (( أنزل من السماء ماء )) بمعنى العلو وعلى هذا فنقول (( أأمنتم من في السماء )) أي من في العلو في العلو المطلق الذي لا يكون معه أحد فهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء انتهينا من الجواب على هذه الآية هاتين الآيتين
أما قوله (( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله )) فمن المعلوم أن الشخص الواحد لا يكون في مكانين في آن واحد مستحيل شخص واحد في مكانين في آن واحد مستحيل لكن معنى قوله (( وهو الذي في السماء إله )) هو كقولك فلان أمير في مكة وأمير في المدينة يعني أن إمرته في هذا وفي هذا وأما مكانه
الطالب : في مكان واحد
الشيخ : ففي واحدة منهما إما مكة وإما المدينة (( وهو الذي في السماء إله )) كذلك يعني هو إله من في السماء وإله من في الأرض وهذا واضح ولذلك (( وهو الذي في السماء إله )) ماقال في السماء فقط (( وفي الأرض إله )) ولم يقل وفي الأرض فقط
الآية الرابعة (( وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم )) نقول الجواب فيها من وجهين إما أن نجعل (( الله )) متعلق بها في السماوات وفي الأرض فتكون كقوله (( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله )) أي أنه مألوه في السماوات ومألوه في الأرض وعلى هذا يكون جار ومجرور ومعطوف متعلق بلفظ الجلالة أو نقول (( وهو الله في السماوات )) ونقف ثم نستأنف ونقول (( وفي الأرض يعلم سركم وجهركم )) ويكون قوله (( في الأرض )) متعلقا بقوله (( يعلم سركم وجهركم )) ويكون جلال الآية وعظمتها أنه مع كونه في السماوات فإنه يعلم سركم وجهركم في الأرض فليس علوه في السماوات بمانع من علمه بسركم وجهركم في الأرض وبهذا تلتئم الأدلة ويبقى العلو الذاتي ثابتا بكم دليل
الطالب : بخمسة
الشيخ : بخمسة أدلة جنسا أو فردا؟ جنسا لأن دلالة القرآن والسنة لا تحصر خالف في العلو الذاتي طائفتان طائفة قالوا " إنه في كل مكان إنه في كل مكان بذاته " والعياذ بالله فهو في المسجد في السوق وفي البر وفي البحر وفي الجو وفي الأماكن المحترمة وفي الأماكن القذرة وفي كل مكان كيف هل هو يتجزأ أو هو متعدد؟ لأنه يلزم على قولهم أنه في كل مكان إما أن يكون متجزءا بعضه هنا وبعضه هنا والا أن يكون
الطالب : متعددا
الشيخ : متعددا أو يكون متمزقا في الواقع إذا قلنا أنه هنا في المسجد وهناك في السوق بينا وبين السوق
الطالب : جدران
الشيخ : جدران معناها مزقته أو تقول إنه حال في الجدار أيضا في الطين واللبنة والحديد وما أشبه ذلك لهذا القول بأنه في كل مكان مقدمة للقول بأنه حال في كل شيء ولهذا قال ابن القيم عن هذا القول إنه أخبث من قول النصارى النصارى خصوا الحلول
الطالب : في عيسى ابن مريم
الشيخ : بعيسى ابن مريم خصوه بعيسى ابن مريم فلم يجعلوه في كل مكان ثم خصوه في مكان طاهر من أولي العزم وهؤلاء قالوا إنه في كل مكان وفي كل شيء فأيهما أخبث
الطالب : هؤلاء
الشيخ : يعني ما أدري أنتم الظاهر أنه الصبي إذا قلت له آخر كلمة فهو معك تقول أحب لك الحلاوة والا التمرة قال التمرة أحب لك التمرة والا الحلاوة قال الحلاوة على الأخير فالمهم الآن نقول أيهما أخبث حلول هؤلاء أو حلول النصارى
الطالب : حلول هؤلاء
الشيخ : حلول هؤلاء أخبث لأنهم لم ينزهوه عن أي شيء ولم يخصوه بالطاعة طيب أقول هؤلاء القوم يقولون إن الله بذاته في كل مكان قول آخر قالوا لا يجوز أن تصف الله بأنه في مكان إطلاقا لا تقل في السماء ولا في الأرض لا في السماء ولا في الأرض وين؟ قال ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه كيف؟ قال ولا مجانب ولا محايث ولا يمين ولا شمال ولا فوق ولا تحت وين راح
الطالب : ...
الشيخ : قال لا تصفه بأي وصف من هذا فلهذا جعل الله تعالى عدما حتى قال بعض العلماء لو قال لك قائل صف لي العدم ما وجدت أشمل ولا أشد إحاطة
الطالب : من هذا الوصف
الشيخ : من هذا الوصف واضح يا جماعة فالحمد لله الذي هدانا نحن نؤمن بأن الله تعالى فوقنا معنى وذاتا
فإن قال قائل تنطعتم حينما قلتم إن الله علي بذاته بذاته ما الذي جاء لنا بذاته هذا تنطع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون ) فقلنا إننا لم نتنطع ولكنا أردنا أن ندفع قول سوء وهم الذين يقولون إن الله ليس عليا بذاته نقول بل هو علي بذاته ولولا أنهم أحوجونا إلى هذا القول ما قلناه لاقتصرنا على قراءة القرآن والحديث ولم نزد حرفا واحدا لكن ماذا نقول إذا تعادى هذا العدوان على الشريعة وعلى الخالق عز وجل فنحن نقول بذاته ضرورة كما قلنا استوى على العرش بعض السلف قال بذاته وبعضهم أنكر هذا قال ليش تقول بذاته فأقول أنا ما قلت بذاته تنطعا قلت بذاته ردا لقول من يقول استوى استواءا معنويا لا ذاتيا وأن معناه الملك والقهر و الاستيلاء النزول الى السماء الدنيا بعض العلماء قال ينزل بذاته فقال آخرون هذا تنطع ليش تقول بذاته ماقال الرسول ينزل بذاته قلنا نعم الرسول ما قال ينزل بذاته صلوات الله وسلامه عليه لأنه يخاطب قوما يفهمون أن الفعل إذا أضيف إلى الفاعل فهو مضاف إلى ذات الفاعل فالصحابة لما قال لهم لما قال لهم رسول الله ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) ماذا فهموا أنه، ان الله هو اللي ينزل فلم يحتج إلى أن يقول بذاته لكن لما جاءنا قوم يقولون إن نزوله معنوي وليس ذاتيا أو إن نزوله يتعلق بغيره لا بذاته اضطررنا إلى أن نقول بذاته دفعا لهذا القول الجائر وليس تعنتا وقد قال الشاعر الحكيم " البس لكل حالة لبوسا " كل إنسان نخاطبه بما يعرف المهم الآن تبين بارك الله فيكم أن الله تعالى عال بذاته وصفاته على جميع الخلق والأدلة كثيرة وقد ذكرنا لكم مجملها وأنها تنقسم إلى خمسة أنواع لا خمسة آحاد القرآن السنة الإجماع العقل الفطرة
ثم استدل بقوله تعالى (( وهو العلي العظيم )) العلي صفة صفة مشبهة والصفة المشبهة تدل على الثبوت والاستمرار فهو العلي علوا لازما ذاتيا ولهذا كان علوه على جميع الخلق من صفاته الذاتية اللازمة حتى لو قلنا إنه ينزل إلى السماء الدنيا فإن ذلك لا ينافي علوه لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته (( العظيم )) يعني ذو العظمة التي لا أعظم منها فهو لا أعظم منه في سلطانه وملكه وقهره وغير ذلك وقوله (( وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير )) (( القاهر )) الغالب (( فوق عباده )) فوقية معنوية والا ذاتية
الطالب : كلاهما
الشيخ : كلاهما معنوية ذاتية (( وهو الحكيم والخبير )) (( الحكيم )) ذو الحكم والحكمة هل شرحنا هل شرحنا لكم ذلك من قبل
الطالب : ...
الشيخ : ايه طيب (( الحكيم )) ذو الحكم والحكمة أما قولنا ذو الحكم فمعناه أن الله له الحكم كما قال تعالى (( له الحكم وإليه ترجعون )) وأي حكم حكم الله حكم الله نوعان كوني وشرعي مثال الكوني قول الله تبارك وتعالى عن أخ يوسف (( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين )) (( يحكم )) هنا حكم كوني أي يقدر لذلك وأما الحكم الشرعي فمثاله قوله تعالى في سورة الممتحنة (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )) أي حكمه الشرعي (( أليس الله بأحكم الحاكمين )) (( الحاكمين )) شرعا أو كونا
الطالب : كونا وشرعا
الشيخ : كونا وشرعا (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما )) شرعا على كل حال الحكم كوني وشرعي الحكمة تكون في الكون في الحكم الكوني وتكون في الحكم الشرعي مامن حكم يحكم الله به إلا وهو مطابق للحكمة تماما سواء كان هذا الحكم كونيا أو كان شرعيا
فما هي الحكمة الحكمة وضع الشيء موضعه بحيث لا يقول العقل ليته لم يضعه هنا هذه هي الحكمة وضع الشيء في موضعه اللائق به بحيث لا يقول العقل ليته لم يضعه فيه
ثم اعلم أن الحكمة نوعان نوع حكمة كون الشيء على هذا الوجه والنوع الثاني الغاية من هذا الشيء الأول كون الشيء على هذا الوجه والثاني الغاية منه الغاية منه انتو معنا
الطالب : نعم
الشيخ : فكون الشيء على هذا الوجه يعني صورة الشيء لماذا كان الآدمي قائما على قدميه ورأسه فوق وكانت البهائم بالعكس لماذا كان الليل مظلما والنهار مبصرا وهلم جرا لماذا هو موافق تماما للحكمة ثم الغاية منه الغاية منه ماهي الثمرة من ذلك ما هي الثمرة من ذلك؟
وأضرب مثلا بالصلاة الصلاة كونها على هذا الوجه حكمة قيام ثم ركوع ثم خرور للسجود هذه حكمة ينتصب الإنسان أولا ثم يكون بين القعود والانتصاب في الركوع ثم يسجد ولماذا كانت تقطع على وتر لأن الله تعالى وتر ما الغاية من هذه الصلاة تكفير الخطايا إذن فالحكمة لها متعلقات المتعلق الأول كون الشيء على هذا الوجه والثاني
الطالب : الغاية منه
الشيخ : الغاية منه انظر إلى المطر المطر الآن يروي الأرض يروي الأرض فكونه يأتي من فوق وكونه يأتي رذاذا هذه حكمة لا شك لو كان يأتي على الأرض ماشيا لم يستفد أعلى الجبال منه أليس كذلك ولو كان يصب صبا كأفواه القرب لتهدم البناء وتضرر الناس لكنه جاء رذاذا ومن فوق من أجل أن يشمل أيش كل الأرض وجاء رذاذا لألا يضر ثم ما الغاية من إنزال المطر
الطالب : الشرب
الشيخ : الغاية عظيمة م هو الإنبات فقط الشرب (( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون )) نبات الأر ض والشرب وزوال الغبرة إلى غير ذلك من الفوائد الكبيرة فصار الآن (( الحكيم )) مشتق منين
الطالب : من الحكم
الشيخ : من الحكم والحكمة والحكم إما كوني وإما شرعي والحكمة إما في الغاية وإما في الصورة في الغاية ثمراته في الصورة كون الشيء على هذا الوجه هذا هو معنى الحكيم
وقوله تعالى (( الخبير )) يعني العليم لكن الخبير أخص من العليم لكونها تتعلق ببواطن الأمور وخفاياها فهي أخص من العلم والله أعلم