قال المصنف رحمه الله تعالى : و نؤمن بأن إرادته تعالى نوعان :كونية : يقع بها مراده , و لا يلزم أن يكون محبوبا له , وهي التي بمعنى المشيئة , كقوله تعالى : << ولو شآء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد >> [ البقرة :253 ] , << إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم >> [ هود : 34 ] حفظ
الشيخ : " ونؤمن بأنه إرادته تعالى نوعان " نؤمن بأن إرادته نوعان وهنا يقول قائل ما الذي دلنا على أنها نوعان الجواب أن كثيرا من مثل هذا التعبير يدل عليه التتبع والاستقراء يعني أننا تتبعنا آيات الإرادة فوجدناها لا تخرج عن هذين النوعين أولا " إرادة كونية " يعني أراد هذا الشيء كونا " يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوبا " هذه الإرادة الكونية الإرادة الكونية يقع بها المراد ولا بد وهل يلزم أن يكون محبوبا لا قد تكون فيما يحب وفيما وفيما لا يحب مثلا المعاصي معاصي الإنسان هل هي مرادة لله كونا
الطالب : نعم
الشيخ : نعم هي مرادة كونا هل هي محبوبة لأ الطاعات إذا فعلها العبد مرادة لله كونا وهل هي محبوبة؟ نعم محبوبة إذن الإرادة الكونية يقع بها المراد ولا يمكن أن يتخلف لانه (( فعال لما يريد )) الإرادة الكونية لا يلزم أن يكون المراد بها محبوبا إلى الله عز وجل فقد يريد ما لا يحب عرفتم ولا لا؟ طيب
فإذا قال قائل كيف يريد ما لا يحب هل أحد يجبره لأننا لا نرى أحدا يريد ما لا يحب إلا مع الإكراه صح والا لا قلنا لا مكره له لكن يريد ما لا يحب لمصلحة فوق كراهته لما يكره يريد ما لا يحب لمصلحة تربو على مفسدة كونه يكرهها الله عز وجل فكفر الكافرين مراد لله عز وجل مراد لله عز وجل ولولا ذلك لانتفت الحكمة من الخلق كله قال الله تعالى (( هو الذي خلقكم )) أيش (( فمنكم كافر ومنكم مؤمن )) ولولا هذا الاختلاف لبطل الأمر والنهي ولا يمكن أن يكون الأمر والنهي ساري المفعول مفيدا إلا باختلاف الناس إلى مؤمن وكافر وعاص ومطيع انظر إلى قول الله تبارك وتعالى (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم )) أي ولهذا الاختلاف خلقهم (( وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين )) ولولا أن الله خلقهم مختلفين ما تمت كلمة الله بملء جهنم من الجنة والناس أجمعين صح لأنه لا يمكن أن يدخل الجنة من ليس من أهلها قصدي أن يدخل النار من ليس بأهل ما أدري واضح والا غير واضح
الطالب : ... واضح
الشيخ : طيب الآن الإرادة الكونية يلزم بها ايش وقوع المراد ولا يلزم أن يكون محبوبا لله عز وجل ولذلك نرى المعاصي تقع من بني آدم الكفر يقع من بني آدم وهو ليس محبوبا إلى الله لكن هل وقع بإرادته أو بغير إرادته
الطالب : بإرادته
الشيخ : بإرادته أوردنا على هذا إشكالا وقلنا كيف يريد الله ما لا يحب ما لا يحبه هل لله مكره
الطالب : لأ
الشيخ : إذن كيف يريد ما لا يحبه قلنا الجواب أنه يريده لمصلحة تزيد على كراهته له أو على مفسدة كراهته له ومن أعظم المصلحة أن لا تفوت الحكمة في خلق الخلق لولا هذا الاختلاف ما كان للخلق فائدة لأنه لو كان الناس كلهم أمة واحدة يتميز المؤمن والكافر
الطالب : لا
الشيخ : لا ما يتميز فكلهم مؤمنين كلهم مؤمنين كلهم كافرين كلهم كافرين لا يتميز المؤمن من الكافر إلا إذا كان أحدهم مؤمن أحدهم مؤمنا والآخر كافرا
ثم لو كانوا على أمة واحدة وهي الدين فأين أهل جهنم يكون خلق جهنم عبثا بل وخلق الجنة عبثا لأنهم إذا كانوا كلهم على ملة واحدة فإنه ليس من المعقول أن يشذ واحد ويعصي
على كل حال إرادة الله الكونية تكون فيما أحب وفيما كره ولما قال رجل من المعتزلة " سبحان من تنزه عن الفحشاء " " سبحان من تنزه عن الفحشاء " ردا على الذي يقول إن المعاصي تقع بإرادة الله والصواب أن يقول سبحان من لا يأمر بالفحشاء هذا الصواب لأن الله يقول (( إن الله لا يأمر بالفحشاء )) أما لا يريدها غلط قال سبحان من تنزه عن الفحشاء يريد أن المعاصي تقع بغير إرادة الله قال له السني " سبحان من لا يكون في ملكه إلا ما يشاء " وهذه رد دامغ عليه ما دام الناس في ملك الله عز وجل فتقول إن المعاصي تقع بغير إرادته إذن كان في ملكه
الطالب : ما لا يشاء
الشيخ : ما لا يشاء سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء فقال " أرأيت إن جنبني الهدى وقضى علي بالردى " يقول المعتزلي " أرأيت إن جنبني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أساء ؟ " هذا إيراد مفحم يعني إذا منعني الله الهدى ولم أهتد وقضى علي بالردى بالهلاك أحسن إلي أم أساء ويش الجواب
الطالب : أحسن إلي
الشيخ : أحسن ما هو بصحيح يقضي عليه بالردى ويمنعني من الهدى ويقال أحسن إلي فقال له السني " إن منعك ما هو لك فقد أساء وإن منعك ما هو فضله فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " والهداية فضل من الله يؤتيه من يشاء أرأيت لو كان مثلا عشرة فقراء صافين يريدون النوال منك فأعطيت خمسة وتركت خمسة هل أسأت إلى الخمسة الآخرين الذين لم تعطهم ولكنك خصصت الآخرين الذين أعطيتهم بفضلك فافحم الرجل وألقم حجرا ما عاد يستطيع يقول إذن عقيدتنا ان نقول إن إرادة الله الكونية يلزم أيش
الطالب : وقوع ...
الشيخ : وقوع المراد بها ولا يلزم أن يكون محبوبا إلى الله وانظر إلى أمثلتها نعم " وهي التي بمعنى المشيئة " يعني الإرادة الكونية مرادفة تماما للمشيئة انتبه يا اخي الإرادة الكونية مرادفة أيش للمشيئة فمعنى أراد أي شاء مثال ذلك قوله تعالى (( ولو شاء الله ما اقتتلوا لكن الله يفعل ما يريد )) شف (( ما اقتتلوا )) و (( لو شاء الله )) ثم قال (( يفعل ما يريد )) أي يفعل ما يشاء أي يفعل ما يشاء والإرادة هنا كونية لأن اقتتالهم ليس محبوبا إلى الله وكل ما ليس محبوبا إلى الله فإنه مراد بالإرادة الكونية طيب وقال تعالى (( إن كان الله يريد أن يغويكم )) هذه إرادة أيش
الطالب : كونية
الشيخ : ليش
الطالب : ...
الشيخ : لأن الله لا يريد شرعا أن يغوي عباده بل قال الله تعالى (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم ))