قال المصنف رحمه الله تعالى : و أن أفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى ثم نوح وعيسى بن مريم , وهم المخصوصون في قوله تعالى : << و إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم و أخذنا منهم ميثاقا غليظا >> [ الأحزاب : 7 ] . حفظ
الشيخ : " و أن أفضلهم محمد عليه الصلاة والسلام " وهو كذلك، أفضل الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام، لأنه خاتمهم، ولأنه أكثرهم أتباعا، ولأن الكتاب الذي أنزل إليه أعظم الكتب، ولأسباب كثيرة.
ومما يدل على ذلك أنه لما أمّ، نعم، أنه لم عرج به، أو لما أسري به إلى بيت المقدس، من الذي كان إماما؟ كان الإمام هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنه أفضلهم، إذ يؤم القوم أتقاهم لله وأكرمهم عند الله. وفي يوم القيامة يأتي الناس الأنبياء أكابر الأنبياء لطلب الشفاعة حتى تنتهي إلى من؟ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام أفضل الرسل، من بعده إبراهيم.
فإن قال قائل: كيف تقول ذلك، أو كيف يكون ذلك، لأنني ما قلته، كيف يكون ذلك وقد قال الله تعالى : (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم ))، ومن المعلوم أن التابع أقل درجة من المتبوع؟
فيقال: هنا لا تفاضل، لأن الملتين واحدة، وهي التوحيد، لكن ذكر إبراهيم، لأن اليهود يقولون: نحن أولى بإبراهيم، والنصارى يقولون: نحن أولى بإبراهيم، والعرب يقولون: نحن أتباع إبراهيم، فقال الله له : (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم ))، وعلى هذا فما خالف هدي الرسول فقد خالف هدي إبراهيم، فيكون في ذلك إقامة الحجة على من قال: إنه أولى بإبراهيم من محمد عليه الصلاة والسلام. ولهذا قال الله عز وجل مصرحا بذلك في آل عمران (( إن أولى الناس بإبراهيم )) من ؟ (( للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا )) والذين اتبعوه متى؟ في زمن رسالته، أما بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام فأولى الناس بإبراهيم محمد صلى الله عليه وسلم. نعم.
يقول المؤلف : " ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح وعيسى ابن مريم ".
المؤلف ذكر الثلاثة الأولى بثم الدالة على ايش؟ على الترتيب، وذكر الرابع والخامس بالواو، لأنه لم يكن هناك دليل واضح على أن عيسى أفضل من نوح، أو نوح أفضل من عيسى، ما في دليل واضح، فمن العلماء من قدم نوحا، لأنه لبث في قومه ألف سنة يدعوهم إلى الله عز وجل، وقال : (( كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم )) ايش؟ (( واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا )) وتوعدوه، وقالوا : (( لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين )) آذوه إيذاء عظيما،
وكانوا يمرون به وهو يصنع السفينة بأمر الله، فيسخرون منه، هذا يتوعدنا بأنا سنغرق وينجو بسفينته! فيسخرون منه، ولكن الله قال له : (( إن تسخروا منا )) قال : (( إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه )) والله أعلم.
الطالب : شيخ.
الشيخ : نعم.
القارئ : " لقوله تعالى : (( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما ويصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه )) ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء. قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم (( ولا أقول لكم عندي خزائن الله و لا أعلم الغيب و لا أقول إني ملك )). وأمر الله تعالى محمدا وهو آخرهم أن يقول : (( لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك )) ".
الشيخ : ولا؟ ايش؟
الطالب : (( ولا أقول إني ملك )).
الشيخ : (( لكم )). ساقطة من النسخة.
الطالب : و أن يقول (( لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ))، وأن يقول: (( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا )).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
سبق أننا نؤمن بالرسل أرسلهم الله تعالى مبشرين ومنذرين ومقيمين للحجة على الناس، ونؤمن بأن أولهم نوح، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، ونؤمن بأنهم يختلفون في الفضل، فبعضهم أفضل من بعض لقوله تعالى : (( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ))، ونؤمن بأن أفضلهم محمد، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى ونوح، وأن هؤلاء هم أولو العزم الذين قال الله في حقهم لرسوله صلى الله عليه وسلم : (( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل )).