هل يعد الغشيان عند سماع القرآن من الكرمات التي حصلت لبعض التابعين ولم تحصل للصحابة وهل هذا يدل على الأفضلية ؟ حفظ
الشيخ : ولا سيما فيما بعده أيضا. نعم. عمر بن عبد العزيز رحمه الله زمنه ما فيه شيء، ما فعل مثل ما فعل الحجاج. نعم.
السائل : يرد بارك الله فيكم عن بعض التابعين حين يسمع القرآن يغشى عليه أو ربما مات، ولا نجد ذلك في بعض الصحابة، فهل هذا يستلزم الفضل؟
الشيخ : لا، هذا يقتضي أن هذا ناقص، هذا الذي يموت ويغمى عليه ناقص، لأن هذا يدل على ضعف قلبه، وعدم تحمله لما ورد عليه من الموعظة. ونحن نعلم علم اليقين أنهم ليسوا أشد تعظيما وهيبة من الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لا يصل إلى هذا الحد، يبكي عليه الصلاة السلام لكن لا يصل إلى هذا الحد. كان عمر بن الخطاب سمع قارئا يقرأ أو هو يقرأ (( إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع )) فمرض أياما، وصار الناس يعودونه، لكن لا يعني هذا أنه أفضل من أبي بكر أو من الرسول عليه الصلاة والسلام. هذا يدل على ضعف القلب وعدم التحمل، مثل ما ذكر لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن فلانا من الناس كان إذا مات ولده فجعل يتبسم ويضحك، وكأن هذا السائل يقول إن هذه الحال أعلى من حال الرسول عليه الصلاة والسلام الذي جعل يبكي ويقول القلب يحزن والعين تندمع، فقال شيخ الإسلام رحمه الله : " هذا يدل على ضعف هذا الرجل وعدم تحمل قلبه " لأنه لم يستطع أن يوفق بين الصبر الجميل وتحمل هذه المصيبة، بل جعل يضحك كأنه يريد أن يطرد الشيء بهذا الضحك والسرور، وهو سرور ظاهري، فهذا يدل على نقصه.
يوجد في الصوفية، نعم، ما يسمى بالفناء الفناء عن شهود السِوى، لأن الفناء ذكروا أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الفناء عن إرادة السِّوى، والفناء عن شهود السوى، والفناء عن وجود السوى، السوى يعني سوى الله.
الفناء عن إرادة السوى هذا فناء يحمد عليه الإنسان لأنه يعني الإخلاص، أنك لا تريد إلا الل، لكن الصوفية يسمونه فناء، ونحن لا نسميه فناء، نسميه إخلاصا.
الفناء عن شهود السوى أن الإنسان إذا دخل في العبادة ما يشعر بشيء سوى الله، حتى إنه ينشغل بالله عن العبادة، لا يدري هل هو في عبادة أو لا، لأنه استغرق قلبه بايش؟ استغرق قلبه مع الله، ولا يدري هو يصلي ولا يقضي حاجته في الخلاء، ولا يبيع ويشري ما يدري، غاب. هذا ايش؟ فناء عن ايش؟ شهود السوى، حتى إن بعضهم يصل إلى حال الغشي يغشى عليه ويغيب مرة، وبعضهم يسقط ميتا، وبعضهم يلحقه هوس يبدأ يناكز: أنا الله أنا الله أنا الله، نعم، ما في الجبة إلا الله، خيمتي منصوبة على جهنم، سبحان الله! تنصب خيمتك على جهنم يا مجنون. لكن هذا يصل بهم الحال إلى هذا، لأنهم يستغرقون مرة في ايش؟ في المعبود عن العبادة، وفي المذكور عن الذكر.
أما والعياذ بالله القسم الثالث الفناء عن وجود السوى، فيقول: لا يوجد إلا الله، كل شيء هو الله، حتى زوجته هي الله، موطوؤته هي الله، كل شيء هو الله، والعياذ بالله، ولهذا قال ابن القيم :
" يا أمة معبودها موطوؤها *** تبا لهذا الهوى والأذهان "
فالحاصل يا إخواني أنه كون الإنسان يغمى عليه أو يموت عند ذكر المواعظ هذا لا يدل على كمال، بل يدل على نقص. أليس النبي عليه الصلاة والسلام يسمع بكاء الصبي وهو يصلي ولا لا؟
الطالب : بلى.
الشيخ : ويفهم، فيوجز في صلاته، يحمل ابنته أمامة بن زينب وهو يصلي، يأتيه الحسن والحسين يركبه الحسن وهو ساجد ويطيل السجود، هل هو شاعر بهؤلاء؟ أو إنه منغمر في العبادة؟ يشعر بهؤلاء وهو أكمل.
حتى عمر بن الخطاب يقول: ( كنت أجهز جيشي وأنا في الصلاة ). يجمع بين الصلاة والجهاد، فلا يغرنك مثل ما يعني.
القارئ : " فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيبا كان له أجران، ومن كان منهم مخطئا فله أجر واحد وخطؤه مغفور له.
ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم لقوله تعالى فيهم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "
.
الشيخ : لا ما حاجة.
القارئ : بدون.
الشيخ : من دون، لأن هذه عند القراءةـ، أما عند الاستشهاد.
القارئ : ولا بسملة؟
الشيخ : ولا بسملة ولا شيء.
القارئ : لقوله تعالى : (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ))، وقوله تعالى فينا : (( و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم )).